حوار مع منافق


 

بسم الله الرحمن الرحيم

(القصيدة التي ألقاها الشاعر في حفل الإفطار الذي أقامه الإخوان المسلمون بالقاهرة، مساء الأربعاء: 9من رمضان 1426، الموافق 12من أكتوبر 2005)

تقديم: كان زميل دراسة، وصاحبًا وصديقًا، وكنت آملاً في أن يكون في صف الحق والحقيقة، ولكني ـ وا أسفاه ـ رأيته يلقي بنفسه في أحضان النفاق، ـ عن قناعة واقتناع ـ حرصًا على الدنيا وزخرفها وبهارجها. فكان هذا الحوار:

 

لستُ أنساه...صاحبي وصديقي  ***  فـلـقـد كـان في مقامِ شقيقي

ثـم هـانـت عليه نفس تمادت  ***  فـرأى فـي النفاق خيرَ طريق

ومـشـى زاهـيًـا بوجه ذليلٍ,  ***  مـثـقلَ السمتِ بالهوان الطليق

قـلتُ \"بُـؤساك\" قال \"عفوًا فإني  ***  أشـتـهي العيش صافيًا ذا بريق

مـتـعٌ كـلـهـا الحياةُ، فدعني  ***  لـمـتـاعٍ, مـيـسـرٍ, معشوق

ولـمـاذا أعيش في الفقر عمري  ***  وأُقـضِِّـي الحياةَ في شر ضيق؟

أم تـريدون أن أكونَ من الإخـ  ***  وانِ أحـيـا في مصرَ كالمخنوق

لا تـقـل لـي \"كرامة\"º فالكراما  ***  تُ هُـراء، ما أنقذت من غريق

مـا روت ظامئًا، ولم تمحُ جوعًا  ***  أو تـخـفف عن بائس مسحوق

وغـدًا تـسـمَـعَـنَّ عني فإني  ***  سـوف أغدو ذا منصِبٍ, مرموق

قـلـت: يا ضيعةَ الرجالِ إذا عا  ***  شـوا بـعِـرضٍ, مُقَيَّحٍ, ممزوق

لا تـقل \"مسلمٌ\"º فمن باع طوعًا  ***  ديـنَه في هَوَى السقوطِ السحيق

لاعـقًـا نـعـلَ حـاكم مستبدٍّ,  ***  رغـبـةً... رهـبةً.. بلا تفريق

زاحـفًـا آثـمًـا بـغيرِ ضميرٍ,  ***  لـم يـكـن غـيرَ مارقٍ, زِنديق

عـزَّ من عاش في الحياة كريمًا  ***  وهـواه الأبِـيٌّ فـي الـتحليق

وحـد اللهَ، لـم تـعـد بصديقي  ***  فـطـريـقُ النفاقِ ليس طريقي

والـمـنـايـا ولا الدنايا نشيدي  ***  وصـلاتي في مغربي وشروقي

والـمـعاني الكبارُ والعزة القعـ  ***  سـاءُ أمـي ومـهجتي وشقيقي

والزلال القَراحُ لو شِيبَ بالضيـ  ***  ـم لـحـرَّمـتُـه يـبللُ ريقي

وحروقي ـ إن كان بلسمُها الذلَّ  ***  \"فـزيـدي تـقـرٌّحًا يا حروقي\"

ودمـي لـو يـهادنُ الظلمَ يومًا  ***  بـرِئـت مـنـه ذمتي وعروقي

وحـد اللهَ، إن طـعـمَ الـرزايا  ***  فـي مـذاقِ الأُباةِ طعمُ الرحيق

وإذا الـمـوت هلَّ بالعز أضحَى  ***  في عيونِ الإخوان نورَ الشروق

إنـهَـا عـزةُ الإلـهِ حـبـاها  ***  لـنـبـي الهدى الأبيِّ الصدُوق

فـعـززنـا بـهـا كـرامًا أباةً  ***  عـزةَ الـمـسلمِ الأصيلِ العريق

ثـم فـاضت منارةُ الحق بالنـ  ***  ـور وعـزمِ الـخليفةِ الصدِّيق

وانـطـوت رايـةُ العبودةِ تنعَى  ***  كـلَّ بـاغٍ, فـي هـواه غـريق

يـوم دُك الإيـوانُ إيوانُ كسرى  ***  بـجـيـوش الإيـمان والفاروق

واسـألَـن خـالدًا وسعدًا وعَمرًا  ***  هـازِمِي الفرسِ قاهرِي الإغريق

وعـلـى دربـهم مشينا حشودًا  ***  بـخـطَـى ثـابتٍ, وعزمٍ, وثيق

تـحـت رايـات أحـمدٍ, وهداهُ  ***  وسـنـا الـمسجد الحرام العتيق

وشـعـارِ الـسيفين بينهما القر  ***  آنُ نـورٌ لـلـنـصر والتوفيق

وحـد الله إن ديـنـي مـتـين  ***  وشـمـوخُ الأبـاةِ مالي وسوقي

بـيـنـما غاية الخسيس الدنايا  ***  مـن طـعـامٍ, ومنصبٍ, وعقيق

فـاعـذُرَنِّـي فسوف أبقى بريئًا  ***  مـن فـصيل التزوير والتزويق

واعـذرنـي فـلن أكون شريكًا  ***  فـي فـريـق الكئوس والإبريق

مغرِقًا في النفاق من أجلِ أن أحـ  ***  يـا حـيـاةَ الـتطبيلِ والتلفيق

بـيـن كـأسٍ, دوَّارةٍ, في انتشاءٍ,  ***  وصَـبـوحٍ, مـلـعونةٍ, وغَبوق

فَـاطـلِـقن البخورَ للوثنِ المو  ***  كـوسِ في قصره المَشِيد الأنيق

واسـجـدنَّ الـغـداةَ نذلا ذليلاً  ***  فـي زفـيـرٍ, مـسـبِّحٍ, وشهيق

ولـتَـدَعـنـا نعيشُ قرآنَ حقٍّ,  ***  يـمـلأ الـنفسَ بالضياءِ الدَّفوق

فـبِـهِ الـحـكمُ والعدالةُ أصلٌ  ***  والـمـساواةُ في اقتضاءِ الحقوق

والـجـهادُ المريرُ أمضَى سبيلٍ,  ***  لـلـمـعـالي وللسلامِ الحقيقي

فـي كـيـان مـوحَّـدٍ, مُتـنامٍ,  ***  كـبـنـاءٍ, عـلا بـغيرِ شُقوق

بـيـنـما الموتُ في سبيل إلهي  ***  هـو أُمـنـيَّـة الـتقيِّ المَشُوق

وحـيـاةُ الـشموخِ فرضٌ أكيدٌ  ***  وانـحـنـاءُ الـجباهِ شرٌّ فُسوق

إنـهـا شـرعـةُ الإله ارتضاها  ***  لـصـلاح الـعـبـادِ والتوفيق

إن تـقل: حسبنا قوانينُ صِيغت  ***  وبـهـا كـلٌّ نـافـعٍ, ودقـيق

قـلـتـ: شتانَ بين شدوٍ, رقيق  ***  ونـعـيـبٍ, مـذُمَّـمٍ, ونَـهـيق

أو ظـلالٍ, مـعطَّراتِ الحواشي  ***  وحَـرورٍ, مُـلَـهَّـبٍ, كـالحريق

أنت يا من غدوتَ في العين أقذا  ***  ءً وعـارًا وغُـصَّةً في الحلوق

وحـد الله واتـركـنَّ طـريقي  ***  فـمـن الـيـومِ لم تعد بصديقي

هـاكَ عـهـدي وموثقي ويقيني  ***  هـاتـفًا بالتٌّـقَى وطُهرٍ, صدوق

\" لـستُ من أحمدٍ, إذا هنتُ يومًا  ***  لا ولـسـتُ بـديـنـه بخليق

فـالـذي يـنـحـني لغير إلهي   ***  لـيس بالمسلم الأصيل الحقيقي\"

 

-----------------------------------------------------------------------------

القعساء: الرفيعة القوية. الزلال القراح: الماء الصافي. البلسم: الدواء. مذمم: كريه.

الصبوح والغبوق: خمر الصباح، وخمر المساء. قال - تعالى -: (وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور) [فاطر: 21].

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply