تقبيل أيدي العلماء والوالدين


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

نص السؤال

ما حكم الشرع في تقبيل أيدي العلماء والوالدينِ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

تقبيل أيدي العلماء والوالدينِ جائز ،بل هو أمر مندوب ما دام الباعث هو احترام العلماء والإحسان إلى الوالدين وفي هذه المسألة يقول فضيلة الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق

 التقبيل من العادات القديمة التي عرفها الناس وانتشرت فيما بينهم، ومنه القبيح المُستهجن، ومنه الحسن المقبول، وقد اختلط على الناس ـ بحكم التقاليد المختلفة، والأهواء النفسيَّة ـ قبيحه بِحَسنه، ومُستهجنه بمَقبوله، وصِرنَا نرى منه ما يمقته الشرع والدين، وما تُنكره المروءة والشرف، وما قد يصل بصاحبه إلى عتبة الكفر والخروج عن الإيمان. ونرى منه ما لا بأس به في نظر الشرع وتقدير الشرف.

 نرى تقبيل الأرض والأقدام أمام العظماء والملوك، وأمام الشيوخ، ونرى تقبيل أيدي العلماء والوالدينِ والطاعنينَ في السِّنِّ، ونرى تقبيل أيدي السيدات الأجنبيات، والفتيات المُراهقات، نرى كل هذا في المجتمعات وعند المُقابلات، وقد أخذ عند بعض الطوائف وَضعَ الشيء المألوف، الذي يُعَدٌّ تركُه مُنكَرًا أو تأخٌّرًا.

والواجب في هذا الشأن النظر فيما ينبغي منه أن يكون فيُفعل، وما لا ينبغي أن يكون فيُترك، والأصل ـ الذي يجب أن نجعله أساسًا لذلك ـ هو تقدير الباعث عليه، فإن التقبيل قد يكون بقصد الخُضوع وإعلان العظمة، وقد يكون بقصد إشباع الغريزة تحت ستار التحية والتعظيم، وقد يكون تلبية لعاطفة الشفقة والرحمة، وقد يكون اعترافًا بفضل، وهكذا تتنوَّع بواعثه.

فإن كان الباعث يمقته الشرع أخذ التقبيل حُكمه وكان ممقوتًا، وذلك كتقبيل الأرض أمام الملوك والعظماء وأدعياء التصوف وقد صرَّح العلماء بحُرمته، وقالوا: إن فاعله والراضي به آثمانِº لأنه يُشبه العبادة ومِن مظاهر الوثنية.

ومنه تقبيل الأجنبيَّات، سيدات كُنَّ أم فتيات، وفي الخُدود أو الأيدي فهو مُحرَّم ممقوتٌ، وفاعله والراضي به آثمانِ.

وإن كان الباعث عليه لا يمقته الشرع أخذ حكمه، وذلك كالتَّجِيَّةِ والاحترام لِتَقِىٍّ, وَرِعٍ,، أو عالم عامل، أو حاكم عادل، تستقيم بعدله الأحوال، ويُقيم حدود الله. والوالدانِ مُقدَّمانِ على الناس جميعًا في استحسان تقبيل أيديهما (واخفِض لهما جَنَاحَ الذٌّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وقُل رَبِّ ارحَمهُمَا كمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا).
ومِن طريف ما قرأتُه لبعض الفقهاء بمناسبة الكلام على حكم التقبيل أنه باعتبار موقعه على أنواع: تقبيل المَوَدَّةِ للولد، ويكون على الخَدِّ. وتقبيل الرحمة للوالدينِ، ويكون على الرأس. وتقبيل الشفقة للأخ ويكون على الجبهة، وتقبيل الشهوة للزوجة، ويكون على الفم، وتقبيل التحية للعلماء العاملين، والحكام العادلين، ويكون على اليد.

والذي يَعنينا في الموضوع أن نُحَكِّمَ في عادة التقبيل عقولَنا، ولا نُجاري العواطف ولا الأهواء فنَزِلَّ. وهذا شأنٌ يستطيع تقديرَه كلٌّ مَن يعرف الكرامة، ويخشى الذِّلَّة، ولا يحتاج إلى مَجهود عقلي، ولا بحث فقهي، ولا فتوى شرعية، بعد أن نعرف الحلال والحرام في التعظيم ومُماسَّة الأجسام للأجسام.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply