بسم الله الرحمن الرحيم
لا يدرك كثير من الناس أهمية مادة التعبير الكتابي فلا يلقون لها بالاً، وهم مخطئون في ذلك، لأن التعبير الكتابي في رأي كثير من التربويين أهم فروع مواد اللغة العربية، فهو الوعاء الذي يصب فيه الطالب ما لديه من مشاعر وأفكار وآراء ترتبط ارتباطًا وثيقًَا خلال سني حياته، من مدرسته، ومن المجتمع الذي هو جزء منه.
كيف نشجع الطلاب على الكتابة الإبداعية؟
ليست الكتابة الإبداعية كغيرها من الأعمال، إذ لا بد من توافر شروط لدى المتعلم والمعلم منها:
* تهيئة الجو المناسب للكتابة (الاستماع، والقبول، والهدوء).
* التحرر من مشاعر الخوف.
* عدم تقديم الانتقادات السلبية.
* الرضا عن كل ما يكتبه الطفل حتى لو كان مجهودًا صغيرًا.
* وضع الطالب في جو أدبي مناسب.
* تعويده زيارة مكتبة المدرسة، والاستعارة منها، وقراءة ما يختاره، ثم إرشاده إلى النافع منها، إذ لا بد من مصادقة الكتاب لكل من يصبو إلى الإبداع والتميز.
* تشجيعه على حفظ ما يستطيعه من سور القرآن الكريم والحديث النبوي والمقاطع الشعرية والنثرية وغيرها.
* حثه على الاشتراك في مجلات الأطفال والمساهمة في مراسلتها والنشر فيها، أو المساهمة في عمل مجلة شهرية تصدرها جماعة الصحافة المدرسية تحتوي على مساهمات التلاميذ الإبداعية.
ومن المحاور التي تساعد الطلاب على الإبداع في مادة التعبير:
ـ التدريب على الإبداع في استخدام الجمل:
ويهدف هذا المحور إلى الارتقاء بجمل الطلاب إلى المستوى الإبداعي، وذلك عن طريق التدرج من المستوى الأول إلى المستوى الثاني ثم الثالث، إذ يلاحظ المربون أن أغلب الجمل التي يستخدمها الطلاب جمل بسيطة إخبارية أو إنشائية تتكون من مبتدأ وخبر، أو من فعل وفاعل.
يشجع المعلم طلابه على الارتقاء في الجمل من خلال برنامج يسير، عبارة عن ورقة عمل يقسمها إلى أربعة أقسام تحتوي على ثلاثة مستويات، أو يسطر السبورة إلى أربعة أقسام، يضع في الجدول الأول الكلمات المطلوبة في جملة مفيدة، ويأخذ الإجابات من الطلاب ويصنفها بحسب قوة الجمل ودلالتها في المستوى المناسب لها، وذلك بمشاركة الطلاب وإطلاعهم على سبب اختياره لها.
مثال:
ضع الكلمات التالية في جمل مفيدة:
يلاحظ أن المستوى الأول سطحي لا عمق فيه يعطى درجة (مقبول).
أما المستوى الثاني فهو أعمق من الأول ويعطى درجة (جيد).
أما المستوى الثالث فهو المستوى الإبداعي (وهو هدف البرنامج) ويلاحظ أنه يحتوي على هدف ديني أو تاريخي أو إنساني أو حكمة أو مجاز أو خيال، وغير ذلك من الأهداف التي يسعى إليها المعلم لتنمية مهارات الطلاب الإبداعية. ويلاحظ عند تشجيع الطلاب أنهم يلحقون بأفكارهم ويأتون بجمل رائعة غير متوقعة.
ـ القاموس الشخصي: وهو عبارة عن كراسة صغيرة تلازم الطالب في حصص اللغة العربية يكتب فيها الكلمات الجديدة ومعانيها مرتبة على الحروف الألفبائية كما يلي:
(أ)
وهكذا إلى آخر الحروف (ب)، (ج)، (د)....
ـ محور تنظيم الأفكار
يهدف هذا المحور إلى تعويد الطلاب قراءة نص الموضوع، ومن ثم تنظيم الأفكار بحسب تسلسلها في النص. ويحتوي موضوع التعبير غالبًا على ثلاثة محاور رئيسة هي:
* مقدمة، وتحتوي على فقرتين.
* صلب الموضوع، وهو المحور الرئيس في الموضوع ويتألف من عدة فقرات.
* الخاتمة، وهي شعور نحو ما كتبه أو إقفال الموضوع بشكل مناسب.
ـ كيف تنظم أفكار الموضوع؟
* قراءة نص الموضوع عدة مرات.
* وضع خط تحت كل جملة يمكن أن تصاغ بفكرة رئيسة.
* كتابة الأفكار على السبورة وترتيبها بعد المقدمة بحسب ورودها في نص الموضوع، وترك فراغات طويلة بين الأفكار.
* قراءة كل فكرة على حدة والتوسع فيها.
ـ التوسع في التعبير
يهدف هذا المحور إلى التوسع في الجمل التي يأتي بها الطالب، وذلك بإضافة بعض الكلمات التي تزيدها قوة وإبداعًا وجمالاً، وكذا التوسع في الفقرات الرئيسة بما يناسبها من فقرات فرعية، وذلك بحسب سن الطفل وفصله، على أن يكون التوسع لازمًا للموضوع وذا فائدة بعيدًا عن الحشو الذي لا فائدة منه.
يتم تدريب الطلاب على التوسع في الجمل، وذلك بكتابة الجملة التي يذكرها الطالب على السبورة، ثم حث الطلاب على زيادة هذه الجملة بكلمة أو أكثر لتزداد جمالاً وإبداعًا. مثال:
ـ ذهب خالد إلى المدرسة.
ـ ذهب خالد إلى المدرسة صباحًا.
ـ ذهب خالد إلى المدرسة صباحًا رغبة في التعلم.
أما التوسع كمرحلة أعلى فيتم من خلال دراسة كل عنصر من عناصر الموضوع، واستنباط فقرات فرعية صغيرة مترابطة، وذلك بمناقشة الطلاب ومساعدتهم على إبداء آرائهم.
مثال: وصف غرفة الصف (عنصر من عناصر الموضوع: عن اليوم الدراسي الأول).
تتم مناقشة الطلاب لتوليد أفكار جديدة، يسأل المعلم الطلاب عما يمكن وصفه في الغرفة، فيكتب على السبورة جميع الأفكار التي يشارك بها الطلاب، ثم يمسح المكرر منها، ويعيد كتابة ما يراه مناسبًا بشكل منظم على النحو التالي: (باب الفصل، وجدران الفصل، وطاولة المعلم، ومكتبة الفصل، والنوافذ، والزينة، وجلوس الطلاب).
وبعد الانتهاء من كتابة الأفكار الرئيسة وفروعها يطلب المعلم من الطلاب كتابة مخطط الموضوع على الصفحة اليمنى من الكراسة، على أن يكتب الموضوع في الجهة المقابلة لها مراعيًا الالتفات إلى كل فقرة والتفكير فيها جيدًا عند الكتابة، مختارًا الجميل من الكلمات، ومراعيًا الأسلوب السلس، ومظهرًا شخصيته إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وموردًا علامات الترقيم المناسبة، ويمكن ربط هذه الفقرة بمحور التدريب الإبداعي في استخدام الجمل. ومن المفيد أيضًا أن يعطى الطالب كلمتين متباعدتين في المعنى ويطلب منه أن يستخدمهما في جملة واحدة، مثال: الولد..... الفجر، يقف الطالب مفكرًا في هاتين الكلمتين محاولاً الربط بينهما، وعملية الربط هذه تحتاج إلى عمليات فكرية كثيرة يمكن أن تصل به إلى مرحلة الإبداع، فقد تأتي الإجابات مثلاً:
صلى الولد صلاة الفجر مع أبيه.
نهض الولد من فراشه قبل أذان الفجر... إلخ.
ـ التدريب على استخدام الأساليب اللغوية:
قد لا يتمكن الطالب من معرفة بعض أساليب اللغة العربية، أو قد يعرفها، لكنه لا يجرؤ على استخدامها كأساليب: التحذير والنداء والتوكيد والاستدراك والتعجب والتمني والترجي وغير ذلك.
فالطالب الذي يتدرب على هذه الأساليب يكون أقدر على التعبير والإبداع من غيره، فبالإضافة إلى معرفته لها يستطيع أن يثري ما يكتبه بمثل هذه الأساليب المتنوعة، ويستطيع أن يوسع جمله بمعرفتها ما قد يضفي على جمله نوعًا من الحيوية والابتكار، بعيدًا عما هو مألوف عند أكثر الطلاب. فمثلاً كما تعود التلميذ عندما يضع كلمة المدرسة في جملة يقول: ذهب الولد إلى المدرسة، ويستطيع آخر أن يأتي بالجملة نفسها، ولكن يضفي عليها نوعًا من الحيوية إذ يقول: ذهب الولد إلى المدرسة ولكنه وصل متأخرًا فندم على ذلك.
ـ حفظ الأدلة والاقتباس:
لا بد للكاتب الجيد أن يكون حافظًا للكثير من آي الذكر الحكيم، وكذا للأحاديث النبوية الشريفة، والأقوال المأثورة وللعديد من الأبيات الشعرية المتنوعة، خصوصًا من أمهات القصائد المشهورة، والحكم والأمثال، ولبعض المقطوعات النثرية الجميلة. ويتم التدريب على هذا المنهج بتشجيع الطلاب على الحفظ وتقديم الثناء والهدايا لهم، ولا سيما على الملأ أمام الطلاب بعد إلقاء ما حفظوه في الطابور الصباحي. ولكن يجب الحذر من استخدام المحفوظات استخدامًا خاطئًا، فقد يقع الكاتب أحيانًا أسيرًا لما يحفظه فتضعف عنده القدرة على الإبداع والابتكار، فعلى المعلمين توجيه الطلاب إلى حسن توظيف ما يحفظونه عند الكتابة الإبداعية، وإلى ضرورة الاستشهاد المناسب للنص.
ويتم التدريب على منهج التوثيق بشكل ميسر بادئ الأمر كتدريبهم على استخدام المعجم المفهرس للقرآن الكريم، ثم المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي، ثم الدواوين الشعرية، وإلى ما هنالك من فائدة هذا المنهج يقدرها المعلم بحسب سن الطالب واستيعابه. كما يدرب الطالب على الأمانة العلمية عند الاقتباس وكيفية الاقتباس وتوثيق الأدلة والمقاطع المقتبسة.
وتجدر الإشارة هنا إلى الفائدة الكبرى من شبكات الإنترنت، خصوصًا من محركات أقراص البحث، فلا بد من توجيه اهتمام الطلاب إلى مثل هذه المواقع وإلى كيفية استخدامها، والبحث من خلالها، وتوظيف ما يجده عند الكتابة. وحبذا التعاون بين مدرسي التعبير ومدرسي الحاسب في المدرسة لوضع خطة ممنهجة للاستفادة من محركات أقراص ثابتة، واستخدامها في إثراء المادة التي يكتب عنها الطالب إن كانت في التعبير أو غيرها.
ـ الألعاب اللغوية:
تهدف هذه الألعاب إلى إثراء لغة الطلاب، وذلك عن طريق طرح عدد من أوراق عمل تتضمن بعض الألعاب التربوية واللغوية المدروسة والمحققة لهدف الدرس وتكون على شكل كلمات متقاطعة، أو كلمة ضائعة، أو تكوين كلمات محددة من حروف معطاة، أو شطب الكلمة المخالفة، أو ترتيب نص من جمل مبعثرة، أو تنقيط نص غير منقط، أو قراءة جمل من اليسار بمعناها من اليمين، مثل: (بلح تعلق تحت قلعة حلب) و(أرض خضراء) و(زوج عجوز)، أو كتابة عدة جمل تخلو من التنقيط، مثل: (لا إله إلا الله محمد رسول الله) و(راح محمد إلى المصلى) ومنها البيت المشهور:
لم يستحل بانعكاس في سجيته
مدن أخا طعم معط أخا ندم
أو لعبة الحروف المشهورة، وهي أن يصمم المعلم ورقة عمل تحتوي على عدد من حروف الهجاء، والمطلوب من الطالب أن يذكر عددًا من الأسماء تبدأ بهذا الحرف كاسم إنسان، ونبات، وحيوان، وبلد وجماد، ويمكن للمعلم أن يطلب من طلابه التفكير في تأليف مثل هذه الجمل اللطيفة وكتابتها على السبورة ومناقشتها. وهناك العديد من الألعاب اللغوية يستطيع المعلم أن يبتكرها، أو يبحث عنها في مجلات الأطفال أو في الكتب المختصة بذلك، علمًا أنها تشوق الطالب، وفي الوقت نفسه تثريه بمهارات تربوية ولغوية جيدة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الكثير من الشركات الإلكترونية صممت العديد من الألعاب اللغوية على أقراص مدمجة، ومواقع على شبكة الإنترنت تثري حصيلة الطالب اللغوية عن طريق اللعب والاستمتاع وتخدم منهج اللغة العربية.
ـ الاستفادة من البرامج التلفازية:
لا شك أن للبرامج التلفازية الأثر الكبير في تنمية شخصية أطفالنا، لما يجدون فيها من متعة وتسلية. وقد انتشر في الأونة الأخيرة عدد من البرامج الهادفة، وأفلام الكرتون، ناطقة باللغة العربية الفصيحة، وكان لها الأثر الكبير في إثراء الطفل بكم كبير من المفردات والعبارات السليمة، بالإضافة إلى تنمية العديد من المهارات التربوية والاجتماعية والمعرفية لديه. ويحسن أن يستغل معلم التعبير مثل هذه الأعمال الفنية لخدمة مادته، وخصوصًا مع توفر العديد من هذه الأعمال ذات المضامين التربوية الهادفة.
ـ المذكرات اليومية:
يهدف هذا النشاط إلى تعويد الطلاب كتابة مذكراتهم اليومية بشكل ميسر، وله فوائد جمة تظهر نتائجها في الحال وفي المستقبل، ويتم التدريب على هذا النشاط الاختياري بحثّ الطلاب على شراء مفكرة سنوية صغيرة الحجم توضع في الجيب، وكتابة أهم الأحداث التي يواجهونها بشكل مختصر كالزيارات وشراء الحاجيات وأسماء البرامج التلفازية التي شاهدوها، ورأيهم فيها، وأسماء الكتب والمجلات التي اطلعوا عليها، وغير ذلك من الحوادث التي يتعرضون لها.
ـ آداب الاستماع:
يهدف هذا المحور إلى تعويد الطلاب آداب الاستماع والإنصات للقارئ، وذلك باتباع الخطوات التالية:
* بيان فضائل الاستماع.
* تدريب الطلاب على هذه الفضيلة.
* الثناء على الطلاب الذين يحسنون الاستماع.
* بيان مضار مقاطعة الحديث والتدخل غير المناسب.
* تعويد الطالب المناقشة بهدوء.
* تسجيل الملاحظات خلال القراءة ومناقشتها في الوقت المناسب.
* النظر إلى المتكلم في أثناء قراءة الموضوع وعدم الانشغال واللهو.
ـ زيارة المبدعين وأولياء الأمور:
يهدف هذا المحور إلى استضافة أحد الكتاب أو الصحفيين في المدرسة في أحد أيام النشاط، ومناقشته من قبل الطلاب والاطلاع على خبرته، وإجراء مقابلات معه ووضعها في صحف المدرسة (حائطية ـ نشرة دورية ـ كتاب سنوي...).
فقد يجد الطالب متعة في أثناء حوار أحد الكتاب أو الصحفيين، ولعله يرسم لنفسه أن يكون في المستقبل أديبًا مثل الزائر فتظل الفكرة متحفزة لديه ما يعطيه ذلك الموقف التصميم على الجد والمثابرة والعمل. وإن لم تتمكن المدرسة من دعوة أحد المبدعين فيتم دعوة بعض أولياء الأمور ممن شارك أبناؤهم في الكتابة، وتقام ندوة أدبية يعرض فيها الطلاب إبداعهم ومواهبهم في جو من التشجيع والتكريم.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد