( لا أدري الإسلامية ) سبقت ( لا أعرف الغربية )


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قرأت مقالة د.أفنان دروزة بعنوان (لا أعرف) والتي أثنت فيها ثناء عاطراً على الإنسان الغربي وصراحته وأثنت على أستاذها البروفيسور العارف والمتعمق في مادته والمشهود له بالمستوى الأكاديمي الرفيع والرتبة العلمية إلى آخر أوصاف المدح والثناء على أستاذها الأمريكي وعبرت عن إعجابها به عندما سئل عن سؤال فقال في الجواب: لا أعرف.

ثم كالت المديح والثناء للعقلية الغربية وللثقافة الغربية وللتربية الغربية التي تعود أبنائها على قول: لا أعرف ثم نعت على الثقافة العربية لأنه لا يوجد في قاموس الإنسان العربي عبارة: لا أعرف وأخيراً دعت الدكتورة إلى تغيير طريقة تفكيرنا وأسلوب تربيتنا وحياتنا ومنظور ثقافتنا … إلخ.

 

وأقول إن كثيراً من مثقفينا بهرتهم الثقافة الغربية والعقلية الغربية وظنوا أن ما يوجد فيها ليس له وجود في تفكيرنا الإسلامي وعقلنا الإسلامي. وما ذكرته الدكتورة خير مثال على ذلك فاعتبرت قول أستاذها الأمريكي (لا أعرف) في جواب سؤال مثلاً أعلى يجب الإقتداء به.

 

وأنا أقول لها إن علماء المسلمين قد سبقوا أستاذها الغربي بأكثر من ألف عام عندما قرروا قاعدة لا أدري، وأسوق للدكتورة الفاضلة باقة من أقوال علماء الأمة في أهمية أن يقول العالم وطالب العلم لا أدري من باب التذكير فإن الذكرى تنفع المؤمنين:

 

قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه-: ( أيها الناس من علم منكم شيئاً فليقل، ومن لم يعلم فليقل لما لا يعلم: الله أعلم، فإن من علم المرء أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم وقد قال الله لنبيه - صلى الله عليه و سلم-: ( قُل مَا أَسأَلُكُم عَلَيهِ مِن أَجرٍ, وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ) سورة ص: الآية 86 ) رواه البخاري ومسلم.

 

وقال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه-: [ أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله بغير علم؟ وعن ابن عمر - رضي الله عنه- أنه سئل عن شيء فقال: [ لا أدري]. فلما ولى الرجل قال: نعما قال عبد الله بن عمر سئل عما لا يعلم فقال: لا علم لي به.

 

وعن عبد الله بن يزيد بن هرمز قال: [ إني أحب أن يكون من بقايا العالم بعده: لا أدري ليأخذه من بعده].

 

وعن مجاهد قال: [ سئل ابن عمر عن فريضة من الصلب فقال: لا أدري فقيل له: فما منعك أن تجيبه؟ فقال: سئل ابن عمر عما لا يدري فقال: لا أدري].

 

وقال عبد الملك بن أبي سليمان: [ سئل سعيد بن جبير عن شيء فقال: لا أعلم ثم قال: ويل للذي يقول لما لا يعلم: إني أعلم].

 

وعن القاسم قال: [ يا أهل العراق إنّا والله لا نعلم كثيراً مما تسألونا عنه ولأن يعش المرء جاهلاً إلا أنه يعلم ما افترض الله عليه خير له من أن يقول على الله ورسوله ما لا يعلم].

 

وعن ابن عون قال: [ كنت عند القاسم بن محمد إذ جاءه رجل فسأله عن شيء فقال القاسم: لا أحسنه فجعل الرجل يقول: إني دفعت إليك لا أعرف غيرك. فقال القاسم: لا تنظر إلى طول لحيتي وكثرة الناس حولي والله ما أحسنه فقال شيخ من قريش جالس إلى جنبه: يا ابن أخي الزمها فوالله ما رأيتك في مجلس أنبل منك اليوم. فقال القاسم: والله لأن يقطع لساني أحب إلي من أن أتكلم بما لا علم لي به].

 

وعن ابن وهب قال: سمعت مالكاً يقول: [ سأل عبد الله بن نافع أيوب السختياني عن شيء فلم يجبه فقال له: لا أراك فهمت ما سألتك عنه قال: بلى قال: فلم لا تجيبني؟ قال: لا أعلمه].

 

وكان عبد الرحمن بن مهدي يقول: [ كنا عند مالك بن أنس فجاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله جئتك من مسيرة ستة أشهر حملني أهل بلدي مسألة أسألك عنها قال: فسل فسأله الرجل عن مسألة قال: لا أحسنها قال فبهت الرجل كأنه قد جاء إلى من يعلم كل شيء قال فقال: فأي شيء أقول لأهل بلدتي إذا رجعت لهم؟ قال: تقول لهم قال مالك: لا أحسن].

 

ذكر هذه النصوص الحافظ ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم وفضله 308-311.

 

وأخيراً أقول ليت شعري متى نرجع إلى أصول ثقافتنا العربية الإسلامية وإلى كنوزها العظيمة ومتى نترك تمجيد الغرب وثقافته ومتى نعرف أن أمتنا الإسلامية قد سبقت الغرب في ميادين كثيرة ولكن العجز والتقصير في جيلنا الحاضر.

 

إنني أدعو مثقفينا وأساتذة جامعاتنا إلى الرجوع إلى المصدر العذب الخالي من الشوائب ليشربوا منه وليتركوا المصادر الكدرة.

 

والله الهادي إلى سواء السبيل

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply