بسم الله الرحمن الرحيم
قرأت ما كتبه عبد الله بن بخيت في جريدة الجزيرة الأربعاء 8-7- 1427هـ جواباً عن ردي على مقاله: (الطريق إلى عصر الأنوار) الذي سبق نشره في جريدة الجزيرة 5-7-1427هـ وقد جاء في الجواب المذكور ما يأتي:
1- قوله: وقد أثاره إشارتي إلى عصر الأنوار العظيم الذي ساد أوروبا عابراً التاريخ والجغرافية ليتمتع به العالم بأسره بمن فيه الشيخ نفسه.
وأقول: إن الأنوار الحقيقية هي أنوار الإيمان التي جاء بها محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهي التي أعيشها ولله الحمد، ويعيشها المسلمون في أقطار الأرض كلها..وما عدا الإيمان فهو ظلمات بعضها فوق بعض كما وصفها الله - سبحانه - بقوله: {اللّهُ وَلِيٌّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخرِجُهُم مِّنَ الظٌّلُمَاتِ إِلَى النٌّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَولِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخرِجُونَهُم مِّنَ النٌّورِ إِلَى الظٌّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصحَابُ النَّارِ هُم فِيهَا خَالِدُونَ}، وقال - تعالى -: {وَمَن لَّم يَجعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نٌّورٍ,}.
2- قوله: لو التفت الشيخ جيداً في تلك الأنوار التي تسطع في سماء الغرب وقرأها بعيون حضارية لاكتشف أن بها قبساً من نار، تلك المشكاة التي أعمتنا عن رؤيتها جهالات قرون تخبط فيها شرقنا.. إلخ.
ونقول له: المسلمون - ولله الحمد - ما زالوا يعيشون في أنوار الإيمان منذ بعث الله محمداً - صلى الله عليه وسلم - ويبصرون تلك الأنوار بعيون بصائرهم وإن عميت عنها بصائر الجاحدين. قال - تعالى -: {فَإِنَّهَا لَا تَعمَى الأَبصَارُ وَلَكِن تَعمَى القُلُوبُ الَّتِي فِي الصٌّدُورِ}، ولسنا نتخبط بل نحن على هدى، وإنما يتخبط الكافر الذي هو في الظلمات ليس بخارج منها، وهي حالة الكفار وإن استدرجوا بشيء من زهرة الدنيا. فزهرة الدنيا إن كانت مع الإيمان فهي عون ونعمة من الله. وإن كانت مع الكفر فهي استدراج وإمهال كما بين الله ذلك في قوله: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحنَا عَلَيهِم أَبوَابَ كُلِّ شَيءٍ, حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذنَاهُم بَغتَةً فَإِذَا هُم مٌّبلِسُونَ}، ولست بهذا الكلام أقلل من شأن الاستفادة من التقنيات الحديثةº لأن الله أمرنا بإعداد القوة والاستمتاع بما أباح الله لنا، قال - تعالى -: {قُل مَن حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزقِ قُل هِي لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدٌّنيَا خَالِصَةً يَومَ القِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَومٍ, يَعلَمُونَ}، لكن هذا الاستمتاع والانتفاع يكون مع الإيمان ليكون نعمة لا نقمة.
3- قوله: لا أفهم أن يحتج الشيخ عندما نقول إن العالم هو الإنسان الذي يتطلع إلى المستقبل لا إلى الماضي.
وأقول: بل العالم الحقيقي هو الذي يستعد للمستقبل الدنيوي والأخروي، ويعتبر بالماضي وحوادثه ويقتدي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ومن جاء بعدهم ويسير على نهجهم. قال - تعالى -: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحسَانٍ, - رضي الله عنهم - وَرَضُوا عَنهُ}، فلا يهدر الماضي بما فيه من القدوات والعظات. ونحن أمة لنا ماضٍ, مجيد وحاضرنا مربوط بماضينا وقدوتنا سلفنا الصالح لا علماء أوروبا أو غيرها من الكفار.
4- قوله: إن لغة الشيخ لا تشير حتى الآن إلى أن هناك اعترافاً بالفكر الآخر ولو ضمناً وللشيخ عذره في هذا، فهو ينطلق من منهج اعتاد على مدى قرون أن يرسل فكره ومعارفه في اتجاه واحد وعلى الطرف المتلقي الإصغاء جيداً والتنفيذ الفوري، لكن ثقافة الحوار والاعتراف بالآخر لا تنبت في يومين أو ثلاثة.. إلخ.
وأقول له: أنا لا أنطلق من فكر مجرد وإنما أنطلق من أدلة قرآنية وأحاديث نبوية سارت عليها الأمة طوال تاريخها المجيد الممتد لا تحيد عنه، فإذا ذكرت لك أو لأي مخالف الدليل من الكتاب والسنة، أو ذكرت لي أنت أو أي مخالف هذا الدليل وجب على الجميع ممن كان يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتبعه ولا يجوز له مخالفتهº لأن الله فرض علينا طاعته وطاعة رسوله لا طاعة الأفكار والأقوال المخالفة. قال - تعالى -: {وَمَا كَانَ لِمُؤمِنٍ, وَلَا مُؤمِنَةٍ, إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أَمرِهِم وَمَن يَعصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلَالًا مٌّبِينًا}، فمن يلغي هذا ويعتبره من الماضي الذي يدار عنه الظهر. بل يعتبر الماضي المبني على الكتاب والسنة وسيرة الصحابة والأئمة ظلمات، فما حيلتنا فيه إلا أننا نسأل الله لنا وله الهداية لمعرفة الحق والعمل به.
هذا ما أردت استدراكه على مقالة المذكور.. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد