قلت له : إن الدعاء ليس هو الحل


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

سألني شاب: لماذا لم يستجب الله للمسلمين على الرغم من كثرة دعائهم بأن يخلصنا من اليهود وأعوانهم، ومن الكفار وأنصارهم، وهكذا بدأ حواره معي فقلت: إن للنصر والتمكين أسباباً، يأتي في مقدمتها العمل، ثم يأتي الدعاء في المرتبة الثانية. قال: ولكن الدعاء هو الأساس وهو المخلص لنا من كل المآسي والكربات، وقد قال تعالى: {ادعوني أستجب لكم قلت: نعم إن الآية التي ذكرتها صحيحة، ولكن لها فقه ، فالله لا يستجيب لعبده الكسلان أو النائم أو الذي لا يأخذ بأسباب الحركة والإنجاز، ولقد مر الإمام الحسن البصري على رجل يلعب بالحصى بيده ويدعو الله أن يرزقه الحور العين، فقال له: يا هذا تدعو الله الحور العين وتلعب كما يلعب المجانين؟ قال: إن هذا لمفهوم جديد علي، وأنا في اعتقادي أن الدعاء هو كل شيء قلت: دعني أسألك ولأكثر من خمسين سنة ونحن ندعو الله أن يحرر فلسطين أو يخلصنا من أزمة اقتصادية أو ينقذنا من تسلط الأعداء علينا، ولكن ماهو العمل أو الإنجاز الذي حققناه مقابل ذلك؟ فقد قال تعالى: {إن تنصروا الله ينصركم} ولم يقل {إن تدعوا الله ينصركم قال: وهل تلغي الدعاء؟ قلت: لا وألف لا .. ولكن الدعاء يأتي في المرتبة الثانية لا الأولى، وتأمل معي ماذا فعل النبي [في غزوة بدر، فبعدما حدد الموقع وأخذ بالأسباب، وصف الجيش وحمسهم للنصر، توجه إلى الله بالدعاء، وكذلك فعل في غزوة الخندق بعد أن حفر الخندق وترتبت الأمور توجه إلى الله بالدعاء.وإني أسألك.. ما هو العمل الذي عملناه قبل أن ندعوا للخلاص من مشاكلنا؟ قال: إن المفهوم الذي تتحدث عنه مهم جداً قلت: نعم، وهو مما يتعلق بفهمنا للقدر، وأذكر من الطرائف في هذا الشأن ما ذكره الشيخ الغزالي رحمه الله عندما صلى الجمعة خلف إمام دعا (اللهم أهلك اليهود باليهود وأخرجنا من بين أيديهم سالمين) قال له الشيخ بعد الخطبة: إذن ما هو دورنا نحن؟ فإذا كان الآخرون يخططون ويحسنون التعامل مع سنن الكون والنجاح والتمكين في الأرض ونحن نواجه هذا بالدعاء فإن المعركة غير متساوية، ولهذا هم ينتصرون علينا اليوم، ثم سكت الشاب وهو يتأمل فيّ.. فقلت له: وما بك سكت؟ قال: أفكر.. قلت: دعني أسألك في قصة يوسف عليه السلام عندما عرض الملك الرؤيا التي رآها على يوسف، وأخبره يوسف بأن مصر ستقدم على مجاعة، فهل نصحه سيدنا يوسف بالدعاء؟ أم قال له {اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم}.

قال: بل طلب منه تحمل المسؤولية والعمل. قلت: وهذا ما قصدت أن أقوله لك، ومن ثم استعان بالدعاء بعد الخطة والعمل، وهذا المنهج الذي نحتاجه نحن اليوم لنساهم في تمكين الإسلام ونصرة المسلمين. ثم ابتسم الشاب وقال:شكراً جزيلاً لقد بثثت في نفسي الحماس للعمل الآن. قلت: ولا تنسى الدعـــاء بعـــد ذلـك.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply