بسم الله الرحمن الرحيم
اختلفت بعض سلوكيات بعض المستقيمين في السنوات الأخيرة، فما كان محرمًا من كلِّ وجه، أصبح مباحاً من كلِّ وجه...
وما كان شبهة لا يسع المستقيم إلا البعد عنها والتورٌّع منها، غدت حلالاً زُلالاً، لا تثريب فيها، ولا لوم عليها...
وما كان مقياسًا للاستقامة، وشعارًا للتدين، أضحى تشدٌّدًا في غير محلّه، وتنطعًا من غير عِلّة، وتضييقاً على الناس فيما يسع فيه التوسع..
ومن كانوا رموزًا للثبات، ومنارات على المبدأ، أصبحوا يفرضون اليوم ما كانوا يرفضون في الماضي..
وما كانت بالأمس من ثقافات المخالف المجافي، أصبحت اليوم مما يتقعّر بترديدها من كانوا ينابذونها..
ومن كانوا ضُلالاً جُهّالاً منحرفين عن الجادة، مخالفين للمنهج، مشاقّين للسبيل، غدوا بناة مجد، وصناع حضارة، وسعاة خير...
فمن نصدِّق؟ وبماذا نأخذ؟ وعلى من نعتمد؟
حيرة خطيرة، وتناقضات كبيرة، وانحرافات غير متوقعة...
فهل ما حصل نوع تجديد للدين، وتحديث للرسالة، وتطوير للأحكام؟!
أم مراجعة للفقه، وموازنة بين المصالح، وموافقة للخصوم بعد تلبٌّد الغيوم؟!
أم أن العلم زاد، والتحصيل كثر، فظهر منه ما توارى، وبرز ما كان منه خفي؟!
أم أن لكلِّ عصر رجال، ولكل زمان فقهاء، ولكل دولة أحكام؟!
أم أن الشرع كلأٌ مباح، ومرتع مُشاع، وقاسم مشترك، ولكلِّ عقل نقل، ولكلِّ فقيه توجيه، ولكلِّ مكلَّف أن ينتقي من الأحكام ما يشتهي؟!
أجيبوني، فقد تزاحمت على لساني من عقلي الأدلّة...
(التصوير، الأخذ من اللحية، النظر للنساء، الموقف من أهل العلمنة والفكر التغريبي ـ المفاصلة مع أهل الملل والنحل المنحرفة، تقارب الأديان والمذاهب، الديمقراطية، إسبال الثياب، حجاب المرأة، فك السحر..... وغيرها أكثر وأخطر)
مسائل كانت مُسلَّمات، وثوابت كانت من المحكمات، وهاهي اليوم تتباين فيها الأقوال كلما طُرحت سؤال، فما الذي غيّر الحال؟!
إن مما أخشاه أن الدين أصبح لباسًا يتوارى به من أراد كيفما أراد، دون فهم عميق ودقيق لحكمه وأحكامه، والآفة المتلفة أن نستغل الدين للوصول إلى الدنيا، ففرق واسع، وبون شاسع بين خدمة الإسلام واستخدامه، وبين من يعيش له، ومن يعيش به!!
وصدق عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، وبالحق نطق، يوم قال: من كان مستنًا فليستن بمن قد مات فإن الحيَّ لا تؤمن عليه الفتنة!
فعليك بالأمر العتيق، فقد استبان لك الطريق، وانج سعد فقد هلك سعيد، وما العذاب عن الكثير منا ببعيد....
قال الله - تعالى -: [يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان... ]
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد