بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المجاهدين الصابرين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
فقد ورد إلينا سؤال من بعض الإخوة حول حكم تكريم بعض المنحرفين واستقبالهم والاحتفاء بهم وفتح المجال لهم لينشروا فكرهم المنحرف وأدبهم الحداثي العفن من أمثال: محمود درويش الحداثي الفلسطيني وأحد أعضاء حزب ركاح الشيوعي في إسرائيل والذي يقول في أحد دواوينه (نامي فعين الله نائمة) ، وسميح القاسم الدرزي الفلسطيني والعضو في الحزب المشار إليه والذي يقول في أحد دواوينه ( ولأي كهف ينـزوي الله المعفر بالغبار وبالدخان والشرر )، واليساري السعودي تركي الحمد الذي يقول في روايته الكراديب ( الانتحار نصر على الله ) وغيرهم من هذه الطائفة.
وسئلنا أيضا عن رأينا فيمن يقول عن هذه المقولات: ( نصوص أدبية لا يحكم على الناس من خلالها ). وقولهم : (حرية الفكر تقتضي عدم تكفير الناس وعلينا أن نكل أمرهم إلى خالقهم ).
فأقول مستعيناً بالله تعالى جواب ذلك من وجوه:
أولاً / تمكين هؤلاء من نشر أفكارهم وفتح المنابر الإعلامية والثقافية لهم ولأمثالهم منكر عظيم وفعل محرم ، ومنع هؤلاء من نشر ضلالهم ( فضلاً عن أن يكون فيه سب لله أو رسوله - صلى الله عليه وسلم- أو الدين وأهله ) من أهم واجبات العلماء والولاة والمحتسبين بل وسائر المسلمين ولم يختلف في ذلك أحد من أهل العلم حسب علمنا.
ومن المعلوم أن من تكلم بكلام كفري من سب الله - عز وجل- أو رسوله - صلى الله عليه وسلم- أو لدين الإسلام يجب إقامة حد الردة عليه فوراً بلا استتابة على قول كثير من أهل العلم لقوله - عليه الصلاة والسلام-: ( من بدل دينه فاقتلوه ) وقوله: ( لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة ) وقصة معاذ - رضي الله عنه - لما جاء إلى أبي موسى في اليمن فوجد عنده رجلاً موثقاً فقال: ما هذا ؟ قال: أسلم ثم تهود ، قال: لا أجلس حتى يقتل , قضاء الله ورسوله. وكل هذه الأحاديث في الصحيح.
فإذا كان الحكم فيه كذلك على قول كثير من العلماء فكيف يستساغ شرعاً تكريمهم أو تمكينهم من نشر ضلالهم ، ولا شك أن في ذلك مناهضة عظيمة لله تعالى ولشرعه الحكيم.
ثانياً / أن قائل الكلمات الكفرية أو المتضمنة للبدعة والضلالة أو تلك التي تحوي الفسق والمجون ممن يجب الإنكار عليه باتفاق أهل العلم سواء حكمنا على قائل الكفر بكفره أو لم نحكم فالإنكار قائم بكل حال.
ومقولة أن هذه النصوص أدبية لا يمكن أن يحكم على الناس من خلالها فأحسن أحوال هذا القائل أن يكون جاهلاً بشرع الله - سبحانه وتعالى- ، ولا يجوز القول على الله بغير علم سيما في مثل هذه المسائل الخطيرة.
أما من يكتب هذه النصوص التي يسمونها أدباً وهي مشتملة على ما يوجب الكفر فلا يخلو من أن يكون معتقداً لما يقول قاصداً لمعنى ما يكتب أو أن يكون قال ذلك على سبيل وصف ما يختلج في النفس من مشاعر وتصويرها تصويراً إبداعياً كما يزعمون أو نحو ذلك من المقاصد.
فإن كانت الأولى فنحكم عليه من خلال مقولته وكتابته وهذا إجماع أهل العلم قاطبة وقد ذكرنا آنفاً قول العلماء: أن من سب الله تعالى أو الرسول - صلى الله عليه وسلم- أو سخر من الدين فإنه مرتد يقتل فوراً ولا يستتاب. وذكر العلماء في باب حكم المرتد وباب حد الردة وفي كتب العقائد ما يتعلق بهذه المسألة وما يخرج به المرء عن الإسلام ، فنصيحتي لمن قال هذه المقولة ولأمثاله أن يرجع إلى أهل العلم قبل أن يقول على الله بغير علم.
وأما إن كان قائل ذلك وكاتبه إنما قال ذلك وكتبه على سبيل الصنعة الأدبية من هذا الباب وليس من جنس المسألة الأولى فإنه مؤاخذ بما كتب وقال ، ويحكم عليه بنص القرآن الكريم: {{ ولـئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم }} فهذه الآية صريحة في الحكم على هؤلاء بالكفر من خلال حديثهم وإن كان على سبيل اللـعب والتسلية كما ثبت في سبب نزول الآية.
فكيف يُعتذر بعد هذا لمن سب الله تعالى أو رسوله - صلى الله عليه وسلم- أو استهزأ بشيء من شعائر الدين بأن هذا محض نصوص إبداعية وجدانية أو مجرد صنعة أدبية.
ثالثا / أن دعوى حرية الفكر إذا كانت مفضية إلى حرية الكفر فهي باطلة بنص القرآن وإجماع الأمة وقد تقدم آنفاً ذكر الآيات والأحاديث الدالة على ذلك ، ولو كانت حرية الفكر المفضية إلى الأقوال الكفرية جائزة في الشرع لما كان لحد الردة معنى وهو الذي لم يخل منه كتاب من كتب الفقه ، بل إن الذمي والمعاهد إذا بدر منه سب لله أو لرسوله انتقض عهده ووجب قتله عند عامة أهل العلم.
أما من يقول: دع الناس لخالقهم فهذا صحيح إذا لم يظهر منهم ما يوجب الإنكار ، فالتفتيش عن نوايا الناس أو التنقيب عما في صدورهم أمر لا يجوز ، وقد أمرنا الشارع الحكيم بأن نعامل الناس بما ظهر لنا منهم من قول أو فعل ويحكم عليهم من خلال ذلك ، ولا تبرأ الذمة في ذلك إلا بالإنكار عليهم واستتابتهم وإقامة حد الردة عليهم إن ظهر ما يوجب ذلك ، فإن تاب وأعلن رجوعه فحينئذ يدرأ عنه الحد ونكل أمره إلى الله ، وإن لم نتحقق من صدق توبته ، إلا إذا كان فعله أو قوله مما لا تؤثر فيه التوبة فإنه يقتل حداً في الدنيا وتوبته بينه وبين ربه كما هو رأي كثير من أهل العلم. والله تعالى أعلم.
أسأل الله العلي القدير أن ينصر دينه ويعلي كلمته ويؤيد بالحق المجاهدين في سبيله الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر من أبناء هذا الدين إنه ولي ذلك والقادر عليه!. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد