بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله علم بالقلم وأصلي وأسلم على خير من قرأ وأقرأ القرآن
بادئ ذي بدء أذكر إخواني بما مَّن الله به عليهم من هذا العمل الجليل والخير الكثير تعليم كتاب - جل وعلا - فلله الحمد أولاً وآخرا وله المنة والفضل ظاهراً وباطناً.
ثم أذكرهم بعظم المسؤولية وكبر المهمة فهي مهمة عظيمة وعمل ليس بالهين أو اليسير بل هو عمل فيه مشقة وتعب ونصب. ولكن يُذهب ذلك كله تذكر الأجر والثواب ورؤية الثمار في هذه الدار إذ بهذا العمل تظهر النتائج سريعة كما هو الواقع والمشاهد.
أما الوصايا:
أولاً: أذكرهم بالإخلاص، والإخلاص هو أس النجاح وأساس الفلاح وحقيقته (إرادة وجه الله - تعالى -والدار الآخرة بهذا العمل) وعمل بلا إخلاص تعب بلا فائدة وصنيع بلا ثمرة وجهد ضائع وعمل خاسر. فالله الله إخواني في الإخلاص ومجاهدة النفس عليه فالنفس سريعة التفلت قوية التقلب إن لم ينتبه لها صاحبها خسر وهلك، وإن لاحظها فاز وربح. قال بعض السلف: ما جاهدت نفسي مجاهدتها على الإخلاص.
ثانياً: التضحية بالوقت في سبيل هذا العمل فهو يحتاج إلى تفريغ بعض الوقت وترك بعض شهوات النفس وربما لبس علينا الشيطان أننا نضيع واجبات علينا بسبب التحفيظ والحلقات ولو نظرنا إلى حقيقة الأمر لوجدنا أن هناك أوقاتاً من حياتنا ضائعة ولكن الشيطان لا يذكرنا بها بل يذكرنا بأهمية الوقت والاهتمام بالأهل عند الأعمال الصالحة فقط. ولكن معلم القرآن يرتب وقته ويضحي ببعضه لعلمه بعظيم الأجر وكثرة الثواب وتذكر أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيرا منه.
ثالثاً: الاهتمام بالطلبة والحرص عليهم فهم كنزك الثمين وتجارتك الرابحة فلا بد من الاهتمام بتحفيظهم والحرص على هذا الأمر أعني الحفظ أكثر من حرصهم عليه، فربما كانوا صغار السن لا يعرفون قيمة الحفظ ولا عظيم الأجر. ولكن المعلم يدرك ذلك لعلمه بنصوص الشرع ودرجة الحافظين.
رابعاً: الحرص على توجيههم وحثهم على التحلي بأخلاق أهل القرآن فثمرة العلم وحفظ القرآن أعظم العلوم، وثمرته ظهور هذا على سلوك صاحبه فيوجههم للمحافظة على الصلاة وبر الوالدين والإحسان إلى الناس والتحلي بخُلق الصدق والمحبة والإيثار والبعد عن سفساف الأخلاق ومرذول الأعمال. وكم هي الأمة محتاجة إلى أناس متحلين بآداب القرآن مؤتمرين بأمره منتهين عن نهيه ولا يكون ذلك إلا بالتربية والتوجيه.
خامساً: القدوة الصالحة: فمعلم القرآن الكريم قدوة صالحة لطلابه فلا يُرى منه ما يشين ولا يُسمع منه ما يُعاب، فنظر طلابه مُسلّطٌ عليه فإياه إياه أن يقع منه ما يُضعف صورته في أعين طلبته.
ومجالات القدوة كثيرة فمنها: المحافظة على الصلاة في أول وقتها، وحفظ اللسان والجوارح، والبعد عن مواطن الشبه وأماكن الريب.
فالله الله أخي لا تكن داعية إلى الخير بقولك صاد عنه بفعلك.
سادساً: التحلي بالعلم، فمعلم القرآن لابد أن يكون متقناً للحفظ عارفاً بالمعنى ملماً بالأحكام التي لا يسعه الجهل بها حتى لو سُئل لم يعي جواباً ولم يحر خطاباً.
سابعاً: اللجوء إلى الله - تعالى -صباح مساء أن يجري الخير على يديه وأن يجعله سبباً في نشره وأن يجعله مباركاً أين ما كان.
فالله - سبحانه وتعالى - أكرم من دُعي، وأجود من أَعطى، ولا يُعجزه شيء ولا يتعاظمه أمر.
فالجأ يا صاحب القرآن إلى ربك أن يخرج على يديك من يكون مصلحاً لزمانه، مجدداً ما اندرس من معالم دينه فليس ذلك على بعزيز.
أخيراً أخي معلم القرآن الوصايا أضعاف أضعاف ما ذُكر ولعل فيما ذُكر جمعاً لما تشتت وترتيباً لما تفرق فعُض عليها بنواجذك وأمسك عليها بيمينك فإن أخذت بها فُزت ونجحت في مهمتك بإذّن الله - تعالى -.
أسأل الله لي ولك الهداية والتوفيق والسداد والصواب.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد