بسم الله الرحمن الرحيم
سنظل ندور في حلقة مفرغة ولن تقوم لنا قائمة طالما نحن متفرقين متنابذين متنافسين نحن اللذين خاطبهم الله العزيز بأننا كنا خير أمة أخرجت للناس..نعم كنا خير أمة حين كنا أمة واحدة... ودعكم من شعارات المجالس العربية على اختلاف مسمياتها وتخصصاتها فكلها قامت بالدور الذي أنيط بها خير قيام.. نعم لقد خدرنا بأن هناك مجالس عربية تبحث وتدرس سبل تحقيق التكامل العربي... وخدرنا بما أسموه العمل العربي المشترك.. وفاتنا في غمرة تطلعنا وشوقنا لعودة الصف ولم شمل الأمة مرة أخرى أن ننظر على أرض الواقع لنرى ماذا أنجز بالفعل لا بالشعارات وهل أزيلت الحواجز المصطنعة التي أوجدوها كجدران شاهقة؟؟!! حتى إذا ما أزالوا لبنة واحدة من تلك الجدران التي وضعوها بأيديهم هم وبمحض موافقتهم واختيارهم رحنا نهلل فرحين بأننا نمضى على طريق الوحدة!!! كل هذا ومن حولنا من يزدادون تماسكا وترابطا!!!.. حول هذا المعنى سأقتطف من فكر الشهيد سيد قطب ما كتبه قبل نحو أربعين سنة محذرا ومنبها من مغبة الفرقة والتشتت ولكن تحذيراته كلها كان مصيرها حبل المشنقة وأعد مت معه ولكن كما أنبأنا الخالق العظيم فان الكلمة الطيبة سيظل أصلها ثابت وفرعها فى السماء الى أن يرث - سبحانه - الأرض ومن عليها وحينئذ سيفصل وحده بيننا.
يقول الأستاذ سيد قطب: ينبغي أن تكون آصرة العقيدة في المجتمع الإنساني هي آصرة التجمع. فلا دم أو نسب أو عشيرة أو قوم أو جنس
أو عنصر أو لون أو لغة فكل هذه العناصر فرضت على أي إنسان قبل مجيئه إلى الأرض ولا يؤخذ له فيها رأى أو مشورة إنما هي تفرض عليه فرضا سواء أحب أم كره!! فإذا تعلق مصيره في الدنيا والآخرة معا أو حتى في الدنيا وحدها بمثل هذه المقومات التي تفرض عليه فرضاً لم يكن مختاراً ولا مريداً، وبذلك تسلب إنسانيته مقوماً من أخص مقوماتها، وتهدر قاعدة أساسية من قواعد تكريم الإنسان، بل من قواعد تركيبه وتكوينه الإنساني المميز له عن سائر الخلائق!!!
ومن أجل المحافظة على خصائص الإنسان الذاتية، والمحافظة على الكرامة التي وهبها الله له متمشية مع تلك الخصائص، يجعل الإسلام العقيدة التي يملك كل فرد اختيارها بشخصه منذ أن يبلغ سن الرشد هي الآصرة التي يقوم عليها التجمع الإنساني في المجتمع الإسلامي، والتي يتقرر على أساسها مصير كل فرد بإرادته الذاتية. وينفى أن تكون تلك العوامل الاضطرارية، التي لا يد له فيها، ولا يملك كذلك تغييرها باختياره، هي آصرة التجمع التي تقرر مصيره طوال حياته.
ويواصل - رحمه الله -: ومن شأن قيام المجتمع على آصرة العقيدة وعدم قيامه على العوامل الأخرى أن ينشأ مجتمعا إنسانياً عالمياً مفتوحاً، يجيء إليه الأفراد من كل الأجناس والألوان واللغات والأقوام والدماء والأنساب والديار والأوطان بكامل حريتهم واختيارهم الذاتي، لا يصدهم عنه صاد، ولا يقوم في وجوههم حاجز، ولا تقف دونه حدود مصطنعة، خارجة عن خصائص الإنسان العليا. وأن تصب في هذا المجتمع كل الطاقات والخواص البشرية، وتجتمع في صعيد واحد، لتنشىء \"حضارة إنسانية\"تنتفع بكل خصائص الأجناس البشرية، ولا تغلق دون كفاءة واحدة، بسبب من اللون أو العنصر أو النسب، أو الأرض.
ولقد كان من النتائج الباهرة للمنهج الإسلامي في هذه القضية أن أصبح المجتمع المسلم مجتمعا مفتوحا لجميع الأجناس والألوان واللغات، بلا عائق من هذه العوائق السخيفة!! وصنعت هذه الكتلة العجيبة المتجانسة المتناسقة حضارة رائعة ضخمة تحوى خلاصة الطاقة البشرية في زمانها مجتمعة و على بعد المسافات وبطء طرق الاتصال في ذلك الزمان.
لقد اجتمع في المجتمع الإسلامي المتفوق: العربي والفارسي والشامي والمصري والمغربي والتركي والصيني والهندي والروماني والإغريقي والاندونيسي والإفريقي... إلى آخر الأقوام والأجناس. ولم تكن هذه الحضارة يوما ما \"عربية\"إنما كانت دائما \"إسلامية\"ولم تكن يوما ما \"قومية\"إنما كانت دائما \"عقيدية\"
ويعلنها - رحمه الله - مدوية: وما كان الإسلام ليخلص الناس من الأصنام الحجرية والأسطورية، ثم يرضى لهم بعد ذلك أصنام الجنسيات والقوميات والأوطان.. وما إليها.. يتقاتل الناس تحت رايتها وشعاراتها. وهو يدعوهم إلى الله وحده والى الدينونة له دون شيء من خلقه!!
لقد كان أشهر تجمع بشرى في التاريخ القديم هو تجمع الامبراطورية الرومانية مثلا. فقد جمعت بالفعل أجناسا متعددة ولغات متعددة وأمزجة متعددة وألوانا متعددة. ولكن هذا كله لم يقم على آصرة إنسانية ولم يتمثل في قيمة عليا مثلما تمثل في العقيدة.. لقد كان هناك تجمع طبقي على أساس طبقة الأشراف وطبقة العبيد في الإمبراطورية كلها من ناحية، وتجمع عنصري على أساس سيادة الجنس الروماني ـ بصفة عامة ـوعبودية سائر الأجناس الأخرى. ومن ثم لم يرتفع قط إلى أفق التجمع الإسلامي ولم يؤت الثمار التي آتاها التجمع الإسلامي..
وأخبث المعسكرات التي عملت وما زالت تعمل في تخريب القاعدة الصلبة التي كان يقوم عليها التجمع الإسلامي الفريد في التاريخ.. كان هو المعسكر اليهودي الخبيث، الذي جرب سلاح\" القومية \" في تحطيم التجمع المسيحي، وتحويله إلى قوميات سياسية ذات كنائس قومية.. وبذلك حطموا الحصار المسيحي حول الجنس اليهودي، ثم ثنوا بتحطيم الحصار الإسلامي حول هذا الجنس الكنود.
وكذلك فعل الصليبيون مع المجتمع الإسلامي ــبعد جهد قرون كثيرة في إثارة النعرات الجنسية والقومية والوطنية بين الأجناس الملتحمة في المجتمع الإسلامي.. ومن ثم استطاعوا أن يرضوا أحقادهم الصليبية القديمة على هذا الدين وأهله. كما استطاعوا أن يمزقوهم ويروضوهم على الاستعمار الأوروبي الصليبي. وما يزالون.. حتى يأذن الله بتحطيم تلك الأصنام الخبيثة الملعونة، ليقوم المجتمع المسلم من جديد، على أساسه المتين الفريد.
رحمك الله يا شهيد الكلمة والفكر
ترى أكان أحد يجرؤ أن يغتصب أرض المسلمين في فلسطين أو العراق أو أي بقعة إسلامية على وجه البسيطة لو كنا أمة واحدة!
ترى متى سنفيق؟! ومتى سنتجاوز محنتنا التي ما كان لها أن تدوم وتتفاقم إلا لجهلنا بما ينفعنا وإلا من بعد ما تركنا ما لو كنا تمسكنا به ما كنا ضللنا أبداً!!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد