سلاماً أيٌّها الوطنُ المباحُ * * * سلاماً كلّمَا طلع الصباحُ
وأذَّن مسجدٌ وهفت قلوبٌ * * * وردَّدَ سامعٌ وعلا الفلاحُ
ونوَّر طالعٌ وسرى نسيمٌ * * * ولوَّح راحلٌ وشأى الرواحُ
وصفَّق طائرٌ وصفت سماءٌ * * * وغرَّد بلبلٌ وسما جناحُ
ورنَّم شاعر وشذا عبيرٌ * * * وعبَّ متيّمٌ وشذا المراحُ
وعطّر فجرنا غيمٌ بليلٌ * * * مُنثٌ والربى سحرٌ وراحُ
سلاماً حين تحضن سابحاتٌ * * * سماك وحين تنشقك السناحُ
وحين ينير أو يغفو قميرٌ * * * وتغزل عشقها الغيدُ الملاحُ
فتشدو في هواك مردداتٍ, * * * يزين جيدها العلمُ الوشاحُ
سلاماً حين تذبحني وتقسو * * * عليَّ وحين يغلبني السماحُ
لأرضك حين يغزوها يبابٌ * * * وتصفر في صحاريها الرياحُ
لفلاحٍ, بمحراثٍ, قديم * * * تجذّر صارخاً لا تستباحُ
لنجمك بازغاتٍ, آفلاتٍ, * * * تهدهدها المفاوز والبطاحُ
لأقلامٍ, إذا خطت فآيٌ * * * أو امتشقت فنارٌ أو رماحُ
لناي إن تهادى في رباها * * * وناجته الصبا هبوا وصاحوا
لزيتون الحقول وبرتقالٍ, * * * تضوّع منهما هذا الفواحُ
لليمونٍ, تسربله دمانا * * * وتعصره السحاباتُ الطِفاحُ
لأطفالٍ, حجارتهم سهامٌ * * * تصوّبُ والمدى شدُّ وساحُ
لثلكى زغردت لما تنادوا * * * سلاماً أيّها الموت المتاحُ
لأهلي لفَّهم في الليل دربٌ * * * تغيبهم سراباتٌ فساحوا
وتشربهم مدائن كاسَ مُرٍّ, * * * وتجرعهم مداراتٌ فِساحُ
لعين تاهت الأحلام فيها * * * وصوَّح جفنها الماءُ القراحُ
سلاماً حين تُذبح محصناتٌ * * * وتعلنُ عهرها ديناً سجاحُ
لوجهك ذابلات الورد خجلى * * * يساقيها العساكر والقداحُ
فتجثو عند عزمك حافياتٍ, * * * جنودُ القمعِ ينجبها السفاحُ
ونخبك من دمي معصورُ قهرٍ, * * * يقهقهه المصفَّدُ والنواحُ
سلاماً حين يعصرنا أنينٌ * * * وضجت تدفعُ الألمَ الجراحُ
وماجت طافحاتٍ, من أسانا * * * وشد حزامه الجسدُ السلاحُ
لطفلٍ, عقدة الحكام منه * * * ويفضح ما يضمٌّ وما يباحُ
لقبلتك التي أدمت قلوباً * * * عقدنا العزم أن يحيا الكفاحُ
*** ***
سلاماً أيٌّها الوطنُ المرامُ * * * سلاماً كلَّما ذرفَ الغمامُ
سلاماً حين يصمت كلّ شيء * * * وحين يجلجلُ الذنب النظامُ
سلاماً حين يطوينا سبات * * * وحين يخيم القهرُ الظلامُ
وحين يعيد أحمد نبض قلبٍ, * * * تعهده التشتت والحمامُ
لأحمد تنحني الدنيا وتجثو * * * على أقدامه هامٌ فهامُ
لأحمد تكتب الأيام سفراً * * * يجددُ عامَه عامٌ فعامُ
لأحمد أمةٌ ترنو إليه * * * وتَخلده الشهادة والمَقامُ
لأحمد يرتقي المجد المعالي * * * ويصمت عند طلعته الأنامُ
لأحمد ألف ساقٍ, شاهداتٍ, * * * علينا حين تقعدنا الجسامُ
لأحمد يجلس التاريخ تاجاً * * * وترجفُ دولةٌ وهمُ قيامُ
لأحمد تطلق الفرسان شأواً * * * ومن كرسيه ابتدأ الضرامُ
لأحمد تشهرُ الأبطال سيفاً * * * ومن صولاته امتُشقَ الحسامُ
لأحمد كل خطب كل صعبٍ, * * * إذا اصطرع التحدي والخصامُ
لأحمد يشهد الشهداء فخراً * * * وفي استشهاده احتفل الختامُ
لأحمد يجمعُ الشتَّات إلفاً * * * وفي استبساله اكتمل الوئامُ
لأحمد ألف أحمد كلّ يومٍ, * * * يجددُ راية لا تستضامُ
لأحمد رأس شارونٍ, قريباً * * * وفي ثاراته الموتُ الزؤامُ
لأحمد ليس نداً من تدانى * * * وليس لظفره المِسخُ اللِّمامُ
لأحمد ليس نداً ابن قردٍ, * * * وليس لنعله اللٌّقطُ الطُغامُ
هي الويلات تبلونا لأمرٍ, * * * وتفرض أن ينازلنا اللئامُ
ليهنك دعوة كم كنت تدعو * * * وتخشى أن يطول بك المُقامُ
ويشهد كل مشتاق شريف * * * بأنك فزت ما عشقوا وراموا
هنيئاً ميتةُ الفرسان فخرٌ * * * وعارٌ أنهم بالغدر حاموا
سلاماً أيٌّها الوطن المُعَّنى * * * سلاماً كلما صلّوا وصاموا
سلاماً حين أشكو فرط حبي * * * وحين أراك دوماً تستهامُ
وحين أعيدُ من ذكراك ذكرى * * * وأحمل هائماً فيما ألامُ
سلاماً أرضك الكبرى شموخٌ * * * رجالُ العزمِ مدرسةٌ كرامُ
تُعلِّمُ عزَّ نفسٍ, كبرياءً * * * وينهل من مآثرها الأنامُ
فلسطين الحبيبة ملءُ قلبي * * * ويحلو في فمي عنها الكلامُ
وللقدس السلام وألفُ ألفٍ, * * * على من قال للقدسِ السلامُ
وكبَّر هاتفاً للقدس مني * * * دمي عمري عيوني والدوامُ
ففي أحضانها مسرى نبي * * * وفي تاريخها أُسدٌ عظامُ
وفي جنباتها شعبٌ أبيُّ * * * يضامُ المستحيلُ ولا يضامُ
وفي إسلامنا دين يوفّى * * * وأنّا لا نهون ولا نسامُ
عقدنا يا محمدُ راية لا * * * نساومُ أيٌّها البطل الهمامُ
وكيف وأنت قائدنا لحقٍّ, * * * وأنت حبيبنا المثل التمامُ
وأنت زرعت فينا صالحاتٍ, * * * وسنتك المعلِّمُ والإمامُ
وأنت سنام أمجادٍ, وعزٍّ, * * * وأكرمُ مَن به وصف السنامُ