صهوة الضاد

6.1k
3 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

\" القصيدة الفائزة بالجائزة الأولى في مسابقة مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين عام 2001\"

هل السٌّراة كمن هَبّوا لها صُبحا * * * والعادياتُ بذاك المُلتقى ضَبحا

فالليلُ أغطشَ حتى كاد ينكرهم * * * والفجرُ أوحى بطَرف النّور ما أوحى

قالوا فردّدت الأيامُ خلفَهُمُ * * * وأسهبَ الدهرُ في أشعارهم شَرحا

سَنٌّوا الحروفَ فللأفكار صَولتُها * * * وفي صَليل القوافي أدركوا الفَتحا

قريضُهم ملأ الدنيا وشاغَلَها * * * أدنى هجاءً وأعلى مُسبغاً مَدحا

حيناً يَشبٌّ وَعيداً أو مُساجَلَةً * * * ومن شِفاه المنايا ينبري رُمحا

قد يُضرِمُ إن مارت مَراجلُهُ * * * أو يُبدلُ الحربَ من إحكامه صُلحا

وقد يُريبُ الخوافي في مَواكِنها * * * ويَقلبُ الصٌّبحَ في لألائه جُنحا

أو يغمرُ النفسَ فيضٌ من سَكينتهِ * * * ويستحيلُ وديعاً مؤمناً سَمحا

يسترضِبُ الغيضَ من غاضت قناعتُه * * * من يُغدِقُ الشِّعرَ هل يستمنحُ الرَّشحا؟!

تزهو الحضارةُ حيثُ الشعر سادتُها * * * تَذوي فيرفع من أطلالها صَرحا

يغدو رسولاً لها حتى يخلّدها * * * ويرسمُ الوهدَ في تصويرها سَفحا

حادٍ, حَفيُّ إذ الأيامُ قافلَةٌ * * * تمضي فينشر في أذيالها الرًّوحا

والشِّعرُ لحنٌ وأوتارُ الحروف إذا * * * ما هزَّها الوجدُ ينسابُ الجَوى صَدحا

يا للغناءِ الذي يُشجي مَواجِعَنا * * * يَشدو الحياةَ وفينا يُعملُ الذَّبحا!

إن مسَّهُ الشوقُ أو أنَّ الحنينُ بهِ * * * يَنُضٌّهُ القلبُ من وهجِ الحَشا بَرحا

وإن تجمَّلَ والأهواءُ خائنةٌ * * * تذروهُ فوقَ جِراحات الهوى مِلحا

يجودُ بالنبضِ والأعصابُ ناضبةٌ * * * لا تسألوا الجُرحَ أنّى نزفُهُ سَحَّا!

يدنو كظبيٍ, من التصريحِ في وَجَلٍ, * * * قد راعَهُ السَّبعُ أن بادرته البَوحا

ظِلٌ ظليلٌ ولكن لا ظلامَ به * * * يرمي بشُهبِ المعاني تخطِفُ اللّمحا

ومن خُدور النوايا إن له خطرت * * * خنساءُ خفَّ إلى استحيائها سَفحا

فإن وشَى بلهيبِ الشوقِ لاعجُهُ * * * يُدِنكَ من كنتَ ترجو عنده الصَّفحا

إنَّ اللسانَ الذي أجَّت مناهلُهُ * * * لا يستبينُ لهُ نصحٌ وإن صَحَّا

كأنه كُثُبٌ أودعتها غَدَقاً * * * فإن هفوتَ لهيفاً صادياً شَحَّا

لا يلتقي الليلُ والإشراقُ في زمنٍ, * * * من رامَ ذاكَ فلا أمسى ولا أضحى

ديوانُنا الشّعرُ كم ضاجت مضاربُهُ * * * وضُمّخت فَزَكت من ضَوعها نَضحا

أيكٌ وأيٌّ فُتونٍ, في نَضارتهِ * * * ففي يبابِ البوادي قد غَدا دَوحا

نفخٌ من الرَّندِ تُصبي القلبَ غَدوتهُ * * * شَذا البديعُ على أعطافِهِ فَوحا

تعدو الفنونُ وفي إبطائِهِ خَببٌ * * * جَهيدةَ اللهثِ، أنّى تُدركُ المَنحا؟!

قوامُهُ الضادُ والأضدادُ تغبطُهُ * * * هيهاتَ ترقاهُ، جَزلاً مُعجباً فَصحا

يَختالُ فيها كطاووسٍ, فترمقهُ * * * حسيرةَ الطرف وارى كيدُها القَرحا

ثَرٌّ البلاغةِ يُثري حيثُ تنشرُهُ * * * تلكَ السَّنابلُ يُربي ذَرٌّها القَمحا

تشتدٌّ في إثرهِ الأقلامُ راعفةً * * * وهجاً فيوري بألبابِ الورى قَدحا

كأنهُ البحرُ يَخشى المرءُ غَضبتهُ * * * وإن أنابَ يجُب أنواءَهُ سَبحا

كأنه الريحُ إن هاجت مُحَمحِمةً * * * من ذا يُطيقُ إذا ما استُنفرت كَبحا؟!

هذا هو الشِّعرُ لا فُضّت مجالسُهُ * * * ولا استحالت أهازيجُ المُنى نَوحا

هذا هو الشِّعرُ صهواتٌ مُطهّمةٌ * * * مرحى لخيّالها إن أقبلت مرحى

لا يضمحلٌّ وقد فاضت منابعُهُ * * * نضّاخَةَ الحُسنِ لا تنضو ولا تضحى

اللهُ أكبرُ حتى حينَ أعجزنا * * * ربّ البيانِ فكانَ الوحيُ بالفُصحى


أضف تعليق