\" القصيدة الفائزة بالجائزة الأولى في مسابقة مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين عام 2001\"
هل السٌّراة كمن هَبّوا لها صُبحا * * * والعادياتُ بذاك المُلتقى ضَبحا
فالليلُ أغطشَ حتى كاد ينكرهم * * * والفجرُ أوحى بطَرف النّور ما أوحى
قالوا فردّدت الأيامُ خلفَهُمُ * * * وأسهبَ الدهرُ في أشعارهم شَرحا
سَنٌّوا الحروفَ فللأفكار صَولتُها * * * وفي صَليل القوافي أدركوا الفَتحا
قريضُهم ملأ الدنيا وشاغَلَها * * * أدنى هجاءً وأعلى مُسبغاً مَدحا
حيناً يَشبٌّ وَعيداً أو مُساجَلَةً * * * ومن شِفاه المنايا ينبري رُمحا
قد يُضرِمُ إن مارت مَراجلُهُ * * * أو يُبدلُ الحربَ من إحكامه صُلحا
وقد يُريبُ الخوافي في مَواكِنها * * * ويَقلبُ الصٌّبحَ في لألائه جُنحا
أو يغمرُ النفسَ فيضٌ من سَكينتهِ * * * ويستحيلُ وديعاً مؤمناً سَمحا
يسترضِبُ الغيضَ من غاضت قناعتُه * * * من يُغدِقُ الشِّعرَ هل يستمنحُ الرَّشحا؟!
تزهو الحضارةُ حيثُ الشعر سادتُها * * * تَذوي فيرفع من أطلالها صَرحا
يغدو رسولاً لها حتى يخلّدها * * * ويرسمُ الوهدَ في تصويرها سَفحا
حادٍ, حَفيُّ إذ الأيامُ قافلَةٌ * * * تمضي فينشر في أذيالها الرًّوحا
والشِّعرُ لحنٌ وأوتارُ الحروف إذا * * * ما هزَّها الوجدُ ينسابُ الجَوى صَدحا
يا للغناءِ الذي يُشجي مَواجِعَنا * * * يَشدو الحياةَ وفينا يُعملُ الذَّبحا!
إن مسَّهُ الشوقُ أو أنَّ الحنينُ بهِ * * * يَنُضٌّهُ القلبُ من وهجِ الحَشا بَرحا
وإن تجمَّلَ والأهواءُ خائنةٌ * * * تذروهُ فوقَ جِراحات الهوى مِلحا
يجودُ بالنبضِ والأعصابُ ناضبةٌ * * * لا تسألوا الجُرحَ أنّى نزفُهُ سَحَّا!
يدنو كظبيٍ, من التصريحِ في وَجَلٍ, * * * قد راعَهُ السَّبعُ أن بادرته البَوحا
ظِلٌ ظليلٌ ولكن لا ظلامَ به * * * يرمي بشُهبِ المعاني تخطِفُ اللّمحا
ومن خُدور النوايا إن له خطرت * * * خنساءُ خفَّ إلى استحيائها سَفحا
فإن وشَى بلهيبِ الشوقِ لاعجُهُ * * * يُدِنكَ من كنتَ ترجو عنده الصَّفحا
إنَّ اللسانَ الذي أجَّت مناهلُهُ * * * لا يستبينُ لهُ نصحٌ وإن صَحَّا
كأنه كُثُبٌ أودعتها غَدَقاً * * * فإن هفوتَ لهيفاً صادياً شَحَّا
لا يلتقي الليلُ والإشراقُ في زمنٍ, * * * من رامَ ذاكَ فلا أمسى ولا أضحى
ديوانُنا الشّعرُ كم ضاجت مضاربُهُ * * * وضُمّخت فَزَكت من ضَوعها نَضحا
أيكٌ وأيٌّ فُتونٍ, في نَضارتهِ * * * ففي يبابِ البوادي قد غَدا دَوحا
نفخٌ من الرَّندِ تُصبي القلبَ غَدوتهُ * * * شَذا البديعُ على أعطافِهِ فَوحا
تعدو الفنونُ وفي إبطائِهِ خَببٌ * * * جَهيدةَ اللهثِ، أنّى تُدركُ المَنحا؟!
قوامُهُ الضادُ والأضدادُ تغبطُهُ * * * هيهاتَ ترقاهُ، جَزلاً مُعجباً فَصحا
يَختالُ فيها كطاووسٍ, فترمقهُ * * * حسيرةَ الطرف وارى كيدُها القَرحا
ثَرٌّ البلاغةِ يُثري حيثُ تنشرُهُ * * * تلكَ السَّنابلُ يُربي ذَرٌّها القَمحا
تشتدٌّ في إثرهِ الأقلامُ راعفةً * * * وهجاً فيوري بألبابِ الورى قَدحا
كأنهُ البحرُ يَخشى المرءُ غَضبتهُ * * * وإن أنابَ يجُب أنواءَهُ سَبحا
كأنه الريحُ إن هاجت مُحَمحِمةً * * * من ذا يُطيقُ إذا ما استُنفرت كَبحا؟!
هذا هو الشِّعرُ لا فُضّت مجالسُهُ * * * ولا استحالت أهازيجُ المُنى نَوحا
هذا هو الشِّعرُ صهواتٌ مُطهّمةٌ * * * مرحى لخيّالها إن أقبلت مرحى
لا يضمحلٌّ وقد فاضت منابعُهُ * * * نضّاخَةَ الحُسنِ لا تنضو ولا تضحى
اللهُ أكبرُ حتى حينَ أعجزنا * * * ربّ البيانِ فكانَ الوحيُ بالفُصحى