بسم الله الرحمن الرحيم
سئل فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي المدرس في المسجد النبوي الشريف - حفظه الله - في درس سنن الترمذي :
كما تعلمون يا فضيلة الشيخ أننا على أعتاب الاختبارات النهائية فهلا ذكرتنا حفظك الله ما ينبغي علينا فعله في هذه الأيام بارك الله فيكم ؟
فأجاب-حفظه الله- :
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يمن علينا وعليكم بالنجاة من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة, و امتحان الدنيا وامتحان الآخرة، وبلاء الدنيا والآخرة ونسأله بعزته وجلاله أن يسلمنا إلى كل خير وطاعة وبر إنه ولي ذلك والقادر عليه . أوصي بأمور :
· أولها للطلاب :
أوصيهم أن يجعلوا الآخرة أكبر همهم، ومبلغ علمهم وغاية رغبتهم وسؤلهم، وأن يكون خوفهم من اختبار الآخرة أشد من خوفهم من اختبار الدنيا، وأن يجعلوا اختبار الدنيا مذكراً لهم اختبار الآخرة، فكم اهتمت النفوس وشحذت الهمم وأصبح الإنسان في قلق وكرب بهذه الاختبارات، وما عند الله أولى بذلك كله بل أولى بما هو أعظم من هذا كله، ولاشك أن الإنسان الموفق يتخذ من هذه المواقف زاداً يعينه على ذكر الآخرة، ولا يزال قلب الإنسان حياً ما ذكر الآخرة، بل لا يزال الإنسان موفقاً لكل خير ما عمر قلبه بامتحان الآخرة، والله أثنى على من ذكر الآخرة وقام بحقها وأولاها ما ينبغي أن يوليها، ونسأل الله العظيم أن يجعلنا وإياكم ذلك الرجل، ووالله ما دخل الخوف من الآخرة والخوف من امتحان الآخرة في قلب إنسان إلا أسهر عينه في طاعة الله، وجعل جسده وجوارحه في محبة الله ومرضاة الله وتهذبت أخلاقه واستقامت أقواله وأفعاله على طاعة الله بذكر الآخرة، وما وجد الناس ولا وجد الصلحاء والأتقياء والعلماء والفضلاء شيء يعينهم على طاعة الله- عز وجل - بعد كتاب الله مثل ذكر الآخرة، فإنه ما عمر قلب بذكر امتحان الآخرة إلا وجدت صاحبه على أحسن وأكمل ما يكون عليه الحال، وكان بعض العلماء يقول: إنه يوضع الحب للإنسان بكثرة خوفه من الله- عز وجل - باستدامة ذكر الآخرة .
· والوصية الثانية : للآباء والأمهات :
أن يحسنوا لأبنائهم وبناتهم، وأن يقدروا ما هم فيه من الضيق والكرب وهمّ الاختبار، وأن يعينوهم بالتي هي أحسن، ويذكروهم بالله- عز وجل- ويثبتوا قلوبهم ويفرغوا عليهم السكينة، وهذا من الرفق الذي مدحه النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن الإحسان في الرعية ومن أحسن إلى أولاده وبناته أحسن الله إليه فهذا من الإحسان قال- عز وجل- : (( من ابتلي بشيء من البنات فأدبهن وأحسن تأديبهن فأحسن إليهن إلا كن له ستراً من النار)) فالإحسان إلى الأولاد ستراً من النار، فيحسن الإنسان إليهم وينظر إلى أحوالهم، وما هم فيه من القلق فيدخل عليهم السرور والثقة بالله- عز وجل- حتى يتعودوا في الشدائد أن يكونوا قريبين من الله.
· الوصية الأخيرة :للمعلمين والمعلمات : أن يتقوا الله في أبناء المسلمين وبناتهم، وأن يحسنوا القيام على شؤونهم ورعايتهم، وألا يضغطوا عليهم ويحملوهم مالا يطيقون، ويضيقوا عليهم في الأسئلة ويضيقوا عليهم في الاختبارات، فهذا من العنف الذي نهى عنه النبي- صلى الله عليه وسلم- وأخبر- صلوات الله وسلامه عليه- أن الإنسان مؤاخذ عليه إذا قصد الظلم والإساءة، فمن الإساءة والظلم أن يأتي الطالب مشتت الذهن في هم وغم لكي يخاطبه المدرس بجفاء أو يطلب منه القراءة في الاختبار بقوة حتى يرتبك ويرتبش ويكون عنده عزوف عما في ذهنه وخاطره، فهذا لا ينبغي بل هذا من الظلم والإساءة يتحمل إثم هذا، بل ينبغي أخذهم بالحنان واللطف والرفق فإن النبي- صلى الله عليه وسلم- : (( من نفس عن مؤمن كربة نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة )) وخاصةً الصغار الضعفاء، ولو صدر منهم الجهل والإساءة فإنهم يؤخذون باللطف، وكذلك أيضاً ييسر عليهم في الاختبار ولا يشدد عليهم في الأسئلة، وإنما تكون بين بين، بحيث يأخذ الجيد حقه ويأخذ المتوسط حقه ويأخذ الضعيف حقه، فلا يسئ مرة فلا يكون صلباً فيكسر ولا يكون ليناً فيعصى، وإنما يكون بينهما والله- تعالى- يقول : { وَكَانَ بَينَ ذَلِكَ قَوَاماً}1 والعاقل الحكيم الموفق المدرس المعلم الملهم يستطيع أن يضع الأمور في نصابها إذا وفقه الله .
-نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يوفقنا لما فيه حبه ورضاه وأن يرزقنا الصلاح وتقواه إنه ولي ذلك والقادر عليه- .