لك الله يا رمضان

3.1k
2 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

مِنَ الخُلدِ..أم مِن شاطئِ الغيبِ تُسفِرُ *** صباحاتُ أيَّامٍ, مِنَ النُورِ تُبهِرُ؟

تُنيرُ دَياجي النفسِ كالوحي مُشرِقاً *** كما ضاءَ في الإظلامِ ماسٌ وجَوهَرُ

وينسابُ مِنها البِشرُ في كُلٍّ, كائِنٍ, *** ويسري مَعَ الأنسام مسكٌ وعنبرٌ

وتجري مَعَ الأرياح أرواح هائِمٍ, *** تَخُبٌّ بِبَرِّ الشوقِ حِيناً، وتُِبحرُ

فتُصبِحُ في دَيمُومةِ الحُبِّ والهوى *** وتُمسي ببحرٍ, بالتباريح يزخَرُ

تَصُبٌّ على الأفهام مِن فَيضِ جُودِها *** يقيناً... وآمالاً عِظاماً تُفجِّرُ

فيِخشَعُ هذا الكونُ لِلَّهِ إذ هفا *** وأبدى مِنَ اللوعاتِ ما كانَ يُستَرُ

وطافَت على النورِ الإلهيِّ زُمرةٌ *** كساها مِنَ الإيمانِ ثوبٌ ومِئزَرُ

تَغَنَّت ـ وما إثمٌ عليها ـ وزَغرَدَت *** وهامَت بضيفٍ,ٍ, بالعطايا يُبشِّرُ

فأهلاً به يشدو بها كُلٌّ طائرٍ, *** ومرحى بِهِ يَزهو به اليومَ مِنبَرُ

وَفَدتَ أيا شَهرَ التراتيلِ والهُدى *** تُفَسِّرُ مِن لَوعاتِنا ما تُفسِّرُ

تَمُدٌّ حِبالَ الوصل بينك والورى *** بِصومٍ,... وأنفاسٍ, إلى اللهِ تَجأَرُ

لَك اللهُ.. يا شهراً أفاءَت بِظِلِّهِ *** قُلُوبٌ على حَقلِ الخطيئاتِ تُزهِرُ

أتَتكَ.. فَكُن برداً لها مِن ضرامِها *** وملجأهَا ممّا تخاَفُ.. وتحذَرُ

وصُنها بِحِصنِ الصومِ عن كُلِّ مُوبِقٍ, *** فقد عَمَّها بحرٌ مِن الخوفِ أحمرُ

وكُن في خِضِمِّ الكونِ للخلقِ مَوئِلاَ *** وجِسراً.. على أعجازِهِ الناسُ تَعبُرُ

ألا أَيٌّهذا الشهرُ أغدِق فضائِلاً *** على كُلِّ مسكينٍ, على العُدمِ يُفطِرُ

وأيقِظ قلُوبَ الأغنياءِ لِيَذكُروا *** أُناساً على الإملاقٍ, والجُوع تصبرُ

ففيكَ مِن الآياتِ للخلقِ غُنيةٌ *** ومَوعظةٌ لو في عطاياكَ فكَّروا

أيا شهرَ نَصر الدينِ في كُلِّ وَقعةٍ, *** يَقُودُ أُسودَ الحربِ فيها غَضَنفَرُ

ببدرٍ,... وأملاكُ السما في دُروعِها *** وفي كفِّها الأسيافُ للهامِ تَسبُرُ

بمكةَ يومَ الفتحِ تسري ركائِبٌ *** إلى النصرِ... والإسلامُ أعلى وأظهَرُ

محمدُ يحدُوها.. وقد زاغَ باطِلٌ *** وكُلٌّ لِسانِ الخلقِ... اللَّهُ أكبَرُ

وحِطِّينَ.. إذ جَلَّى صلاحٌ عَنِ الدُنا *** وعن قُدسِنا رِجساً على الطُهرِ يَظهَرُ

ولكن.. أَجِل طَرفاً علينا فلن ترى *** عُيوناً لنا في عِزَّةِ الدينِ تنظُرُ

وسائِل بلادَ القُدسِ.. ماذا أصابها؟ *** وهل بينَ أهلِ الدينِ مَن سوفَ يَنصُرُ؟

وقد أصبَحَت مأوى اليهودِ.. ومَوطِناً *** على سَفحِهِ كُلٌّ المُروءاتِ تُقبَرُ

وجالَت على أرضِ العراقِ عِصابةٌ *** مِن الكُفرِ والعُدوانِ والظُلمِ تَفجُرُ

فَذَلَّت رِقابُ المسلمينَ وأَذعَنت *** وداسَ عليها كافِرٌ يتبختَرُ

سِهامُ الأعادي في حشاها كثيرةٌ *** ولكن.. سهام الأهلِ والصَحبِ أكثَرُ

فَأَيَّ سِهام في الوغى سوف تتقي.. ؟ *** وأيَّ يَدٍ, منّانةٍ, سوفَ تَشكُرُ؟

أتيت أيا شهرَ التباشيرِ بالتٌّقى *** تزُورُ لِماماً.. والهوى فيكَ أخضَرُ

فَلَيلُكَ قُرآنٌ... وإخباتُ خاشِعٍ, *** وصُبحُكَ أضواءٌ مِنَ اللهِ تُسفِرُ

حَنانَيكَ.. لا تَرحَل عن الكونِ، فالنٌّهى *** بِحُبِّكَ يا شَهرَ السَناءَاتِ تَسكَرُ

يَلُوحُ عليها اليومَ مِن بَعدِكَ الأسى *** عليكَ.. وما تخُفي مِنَ الوَجدِ أكبَرُ

فَحُطها بِكفِّ العطفِ والحُبِّ والرِضا *** فَكفٌّكَ غَيثٌ مِن يَدِ العفوِ يُمطِرُ

فيا أيٌّها الشهرُ الذي فيكَ أشهرٌ *** ويا أيٌّها الدهرُ الذي فيكَ أدهرُ.. !

بِمَن تزدَهي الدُنيا ـ سواكَ ـ وتنتشي *** وأنتَ لِكُلِّ الكونِ عِزُّ ومَفخَرُ؟

وقد تعتري وجهَ الزمانِ مصائِبٌ *** تُغِيرُ على أيَِامِهِ... وتُكَدِّرُ

وأنت.. كما كُنتَº ما زِلتَ باسِماً *** ووجهُكَ ـ رغمَ الدهرِ ـ ريَّانُ أنضَرُ

فَعُد.. مِثلما قد جِئتَ ضيفاً مُكرَّماً *** تُعَمِّرُ مِن بُنيانِنا ما تُعَمِّرُ

لَكَ اللَّهُ.. يا رفداً مِنَ اللّهِ للورى *** وبحراً مِن الغُفرانِ.. للخَلقِ يَغمُرُ

فَمِثلُكَ شهرٌ لا تُوَفَّى حُقوقُهُ *** وعن مَدحِهِ كُلٌّ الأقاويلِ تَقصُرُ


أضف تعليق