فليحذروا غضب الجبار


 

بسم الله الرحمن الرحيم

أيّ صورة أكبر تأثيرا في النفوس وإحياء للأمل من صورة أولئك الذين لا يملكون شيئا من أسباب الحياة والأمل، وقد أصبحوا هم الأحياء دون مَن حولهم، بانتفاضتهم الباسلة، يؤكّدون أنّ الطريق هو طريق العمل والبذل والاستعداد للتضحية، لا القعود والاستخذاء والتفاخر بالعجز والتبعيّة، ومواصلة الهدم وهدر الطاقات والتفريط بالقضايا المصيرية.

 

أشلاء..

 

دَمُ الشَّـهادَةِ يَجـري في حِمى الحَـرَمِ *** وَالدَّمـعُ يَنهَـلٌّ مِـدراراً مِـنَ الأَلَـمِ

 

أَرى القَذائِـفَ عَـن بُـعـدٍ, تُمَزِّقُكُـم *** أَرى الدّماءَ عَلى الكُثبـانِ دونَ دَمـي

 

فَكَيفَ تَصـفـو حَيـاةٌ دونَ نُصرَتِكُـم *** وَكَيفَ تَغفـو عُيـونُ الحُرِّ في الغَسَـمِ

 

وَفـي فِلَسـطيـنَ أَجسـادٌ مُمَـزَّقَـةٌ *** أَمـامَ أَبصـارِنا إِن تَصـحُ أَو تَـنَـمِ

 

نابُلـسُ ثاكِـلَـةٌ..وَالقُدسُ بـاكِـيَـةٌ *** أَمَّا جِنـيـنُ فَقَـد باتَـت عَلى ضَـرَمِ

 

وَالأَهـلُ كَالأَرضِ أَشـلاءٌ مُحَـرَّقَـةٌ *** وَالنَّـارُ تَهـزَأُ بِالأَعـرابِ وَالعَـجَـمِ

 

شـاهَت وُجـوهُ غُزاةٍ, لا ضَميرَ لَهُـم *** فَمـا نَقـولُ بِـمِـليـارٍ, مِـنَ النَّسَـمِ

 

.. ودول!

 

بِضـعٌ وَخَمسـونَ.. قالـوا إِنَّهـا دُوَلٌ *** وَلا وُجـودَ لَهـا في الأَرضِ وَالأُمَـمِ

 

حُكَّامُها كَالدٌّمـى في كُـلِّ مَعـمَـعَـةٍ, *** وَجُلٌّـهُـم غـارِقٌ في مَرتَـعٍ, وَخِــمِ

 

فَلا عَزيمَـةَ في البَأسـاءِ تَعـرِفُـهُـم *** إِلاَّ صِـراعاً عَلى السٌّـلطانِ وَالتٌّخُـمِ(1)

 

وَالعَجـزُ يُقـعِدُهُـم فـي كُـلِّ نائِبَـةٍ, *** إِلاَّ لإِرهابِ مَفجـوعٍ, وَمُهـتَـضَـمِ(2)

 

إِذا العَـدُوٌّ دَعـاهُـم بِاسـمِ مُؤتَمَـرٍ, *** يُصغونَ في خَنَـسٍ, كَالعَبـدِ لِلصَّـنَـمِ

 

أَمَّا اسـتِغاثـاتُ أَهلـيهِـم وَمَقدِسِـهِم *** فَالقَـومُ في القِمَمَ الخَرسـاءِ في صَمَمِ

 

الذٌّلٌّ مِنهجُـهُـم.. وَالذٌّلٌّ صَـنعَتُـهُـم *** وَالذٌّلٌّ أَقعَـدَهُـم عَـن مَوقِـفٍ, شَـهِمِ

 

إِلاّ عَـنِ الشَّـهَـواتِ الحُـمـرِ آثِمَـةً *** وَالبَطشِ وَالفَـتـكِ إِجرامـاً بِلا حَشَـمِ

 

قَـومٌ نَسَـوا عِزَّةَ الإِسـلامِ فَارتَكَسـوا *** في دَربِ فِرعَونَ بَينَ الظٌّلمِ وَالسَّـخَمِ(3)

 

لكِـنَّ فِـرعَـونَ كانَ المُلـكُ في يَـدِهِ *** وَلَيسَ فيهِـم عَزيـزٌ عِنـدَ مُقـتَحَــمِ

 

خُشـبٌ مُسَـنَّـدَةٌ وَالمُلكُ مـِن خَشَـبٍ, *** يَخشَـونَ مِـن ظِلِّهِـم في حالِكِ الظٌّلَـمِ

 

إِن ذَرَّ لِلحَـربِ قَـرنٌ فـي بلادِهُــمُ *** أَبـدَوا خَـواراً فَكانـوا شَـرَّ مُنـهَـزِمِ

 

وَأََظـهَروا الهُـونَ في الهامـاتِ خانِعَـةً *** وَاسـتَبدلوا الوَهـنَ بِالعَليـاءِ في القِمَـمِ

 

صارَ الجِهادُ هُـوَ المَحـظـورَ -ويحَهُمُ- *** إِلاَّ الهَـراواتِ إِرهـابـاً لِذي شَــمَـمِ

 

تَحالَفـوا خَلـفَ شَـيطانٍ, يُحَـرِّضُـهُـم *** وَاللهُ أَكـبَــرُ مِـن حِـلـفٍ, بِلا ذِمَـمِ

 

فَليَحـذَروا لَعنَـةَ التَّـاريـخِ تَتـبَعـُهُـم *** وَليَحـذَروا دَعـوَةَ المَظلـومِ في العَـتَـمِ

 

شهود..

 

يا أَيّـَهـا المُسـلِمونَ المُؤمِنـونَ كَـفـى *** قَـد قـادَ جَمـعَكُـمُ جَمـعٌ مِـنَ الغَنَـمِ

 

حُـرَّاسُ صُهـيـونَ أَمـريكا تُجَنِّـدُهُـم *** أَقفـاؤُهُـم تَحمِـلُ البُـرهـانَ كَالعَـلَـمِ

 

صُهيونُ تَصـفعُهُـم وَالسَّـوطُ يَلسَـعُهُـم *** مُسـتَسـلِمينَ.. فَلا يَشـكـونَ مِن وَصَـمِ

 

غَـرقى.. وَيَأبَـونَ طَـوقــاً لِلنَّجـاةِ إِذا *** رَأَوا سَـبيـلاً لَهـا في مَركَـبِ القِـيَـمِ

 

وَلا تُبـالِ بِهِـم.. فَالمَـوتُ حَنَّـطَـهُـم *** هَل تَرتَـجي نَبضَـةَ الوِجدانِ في الرِّمَـمِ

 

وَلا بِتَـثـبـيـطِ خَـوَّارٍ, وَمُنـكَـفِــئٍ, *** وَارَفَـع نِـداءَكَ أَيقِـظ خامِـدَ الهِـمَـمِ

 

يا قَـومُ هُبٌّـوا فَهـذي الأَرضُ أَرضُكُـمُ *** ما خانَهـا غَـيـرُ خَـوَّانٍ, وَذي سَـقَـمِ

 

لَـبٌّـوا مَسـاجِـدَنـا إِذ تَسـتَغيـثُ بِنـا *** كَالأَرضِ وَالأَهـلِ مِـن طِفـلٍ, وَمِن هَرِمِ

 

وَالنَّـارُ تَحــرِقُ قَـلـبَ الأُمِّ صـابِـرَةً *** تُـجَـدِّدُ العَـهـدَ صَـدَّاحـاً بِكُـلِّ فَـمِ

 

وَالقـابِـعـونَ عَلى الأَنقـاضِ في فَـزَعٍ, *** وَالشِّـلـوُ يَبحَـثُ عَن شِـلـوٍ, عَلى الرَّدَمِ

 

وَقَـد قَعَـدنـا شُـهوداً حَـولَ مِحنَـتِهِـم *** وَلَـم نُجـاهِـد بِغَـيـرِ الدَّمـعِ وَالكَـلِـمِ

 

فَمـا نـَقـولُ جَـوابـاً يَـومَ يَسـألـُنـا *** رَبٌّ الضَّـحايـا عَـنِ الأَشـياخِ وَالفُطُـمِ

 

رَبَّـاهُ عَفـوَكَ.. لا أَعـذارَ تَنـفَـعُـنـا *** وَقَـد مَضى زَيفُ دُنـيـانـا وَلَم نَـرِمِ(4)

 

وَرَحـمَــةُ اللهِ -لا أَرتـابُ- واسِـعـةٌ *** لِلتَّائِبـيـنَ فَـتـوبـوا تَـوبَـةَ النَّــدَمِ

 

.. ورجال

 

أَقـسَــمـتُ بِاللهِ رَبِّ العَـرشِ وَالسٌّـدُمِ *** وَاللهُ يَعـلَــمُ.. إِنِّـي صـادِقُ القـَسَـمِ

 

النَّصــرُ لاحَ عَلى نـورِ انتِفـاضَـتِكُـم *** وَثَـورَةُ الحَـقِّ في سَـهـلٍ, وفي عَلَـمِ(5)

 

وَأَنـتُــمُ الأَمَـلُ الوَضَّـاءُ يَـومَ غَــدٍ, *** وَأَنـتُــمُ المِشـعَـلُ الهادي بِمُنبَـهِـمِ(6)

 

نـورُ اليَقـيــنِ وَعَـزمٌ لا يُـزَلـزِلُـهُ *** حَشــدُ الجُيـوشِ وَحِقـدٌ غَيـرُ مُحتَشِـمِ

 

فَـارفَـع عَلى الحَـرَمِ القُدسِـيِّ رايَتَـنـا *** وَفـي ذُرى أَفَـغـانِسـتانَ.. وَاقـتَـحِـمِ

 

وَأَرضُ شـاشـانَ لِلطَّـاغـوتِ مَقـبَـرَةٌ *** لِكُـلِّ بـاغٍ, عَـلـى الإِسـلامِ مُجـتَـرِمِ

 

وَالنَّـصـرُ يَصنَـعُـهُ الأَحـرارُ في بَلَـدٍ, *** أَطفـالُـهُ جَعَـلـوا الأَحجـارَ كِالحِمَــمِ

 

هُـمُ الرِّجـالُ وَأَشـبـاهُ الرِّجـالِ غَـدَوا *** أَرانِبـاً في جُحـورِ الصٌّـلـحِ وَالسَّـَلَـمِ

 

فَـلا وَرَبِّـكَ لا نَمضـي بِـرَكـبِـهُـمُ *** إِذ يَطـلُبـونَ رِضـى إِبليـسَ كَالخَـدَمِ

 

فَليَحـذَروا غَضَـبَ الجَـبَّـارِ يَقصِمُهـم *** وَأُمَّـةً تَرقُـبُ الطَّـاغـوتَ لَـم تَـنَـمِ

 

تـَرعى الأَجِـنَّـةَ في الأَرحـامِ ثورتُهـا *** وَالأُمٌّ تُـرضِـعُ ثـاراتٍ, لِمُـنـتَـقِــمِ

 

وَتُـورِثُ الجـيـلَ بَعـدَِ الجيـلِ عِزَّتَـه *** مِن يَـومِ خَيـبَـرَ وَالرَّايـاتُ في شَـمَـمِ

 

وَرِجسُ صُهيـونَ في الأَقصى فَما وُئِـدَت *** فينـا الحَمِـيَّــةُ يا أَحـفـادَ مُعـتَصِـمِ

 

فَانظُـر لِجيـلٍ, غَـدا الإِسـلامُ يَحضُنُـهُ *** وَبَشِّـرِِ الظٌّـلـمَ وَالطَّـاغـوتَ بِالرٌّجُـمِ

 

جيـلٌ مَضـى في طَريـقِ الحَـقِّ مُقتَفِِيـاً *** خُطـى الصَّحابةِ مِقـدامـاً عَلى الجُسُـمِ(7)

 

وفـي فِـلَســطيـنَ رايـاتٌ وَأَلـوِيَـةٌ *** وَمَعـبَـرُ الخُـلدِ في الجَنَّـاتِ فَاغتَـنِـمِ

 

فَـذي سُــمَـيَّـةُ بَينَ الحورِ في عَـدَنٍ, *** عَمّـَارُ يَتـبَعُـهـا بِالنَّصــرِ في أَمَـمِ(8)

 

وَذا بِـلالٌ يـُنـادي في الرٌّبــى أََحَــدٌ *** أَصداؤُهـا انتَشَـرَت.. وَالشِّـركُ لَم يَـدُمِ

 

وَأَرضُ أَنـدَلُـسٍ, كَالصِّـيـنِ تَعـرِفُـهـا *** وَأَرضُ قـوقـازَ كَالبَـلقـانِ مِـن قِــدَمِ

 

فَأََيـنَ صُـلبـانُ أَوروبـا وَسَـطـوَتُهـا *** وَأَيـنَ مـا عبَـدَ الرٌّومــانُ مِن صَـنَـمِ

 

نـادى الجِهــادُ وَسِـرنـا في مَواكِـبِـهِ *** لِلحَـقِّ جُـنـداً بِحَـدِّ السَّـيفِ وَالشِّـيَـمِ

 

فَـانظُـر إِلى مِـحـوَرِ الأَشـرارِ مُندَحِراً *** صُهيـونُ تَحمِـلُ أَمـريكـا إِلـى العَـدَمِ

 

وَأَشـهِـدِ الكَـونَ وَالإِنسـانَ عَودتَـنــا *** سَـنَسـحَقُ الظٌّـلـمَ مَهمـا اشـتَدَّ بِالقَدَمِ

 

وَنَحـمِـلُ العَـدلَ بِـالإِسـلامِ نَنـشـرُهُ *** وَشِـرعَـةُ اللهِ \"فَــوقَ الشَّـكِّ وَالتٌّـهَـمِ\"

 

ــــــــــــــــــــ

الهوامش:

***  من ديوان دموع متمردة الماثل للطبع

(1)- التٌّخُمِ: الحدود

(2)- مُهتَضَمِ: مظلوم هُضمت حقوقه

(3)- السَّخَمِ: الحقد والضغينة

(4)- لم نرِمِ: لم نبرح

(5)- العَلَمِ: الجبل

(6)- بِمُنبَهِمِ: بليل شديد السواد

(7)- الجُسُمِ: الأمور العظام

(8)- في أَمَمِ: في وقت قريب

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply