مـا بـالُ بُـلـبلنا بُحّت معازفُهُ!! * * * ومـربَـعُ الـفـكرِ قيدٌ في فيافينا
أصـختُ للصوتِ إذ يشجو بلا أملٍ, * * * والـحـالُ بـعدَ رحيلِ العزِ يُدمينا
حـتـى إذا سُـمعت أشجانُ عازِفنا * * * شَجَت رحى اليأسِ أفراحَ الصبا فينا
بـغـدادُ مـن بَقَرَ الأحشاءَ مستعِراً * * * أو سـاقَ مـقـدسنا للذبحِ في سينا
بـغـدادُ يـا جـبـلاً دُكّت معاقلُهُ * * * فـي لحظةٍ, قد تداعى النصرُ مغبونا
لـيـسـقنا الأفقُ قيظاً في مراجلِنا * * * مـن غـيظهِ حمماً تُرمى وغسلينا
كـلٌّ الـلآلـئ هـمُّ في مصارفِنا * * * لـو كـان يُـطعمنا أو كان يَسقينا
مـا بـالُ بـلـبلنا قد عافَ مأكلَهُ * * * والـنـاسُ فـي شَرَهٍ, والتَّخمُ يُردينا
والـبـدرُ يـرقُبُنا والشمسُ تحرقُنا * * * والـبـحـرُ يـشربُنا والنارُ تكوينا
والـذئـبُ قـد حلَّ بالبيداءِ يُزلفُنا * * * فـي غـمرة الوحلِ والإذلالُ حاوينا
قـد بـاتَ يرتعُ والأترابُ في جذلٍ, * * * فـقـالَ في نشوةٍ,: هل مَن يُعادينا؟
فـهـذه مـن رياضِ المجدِ ترسُمنا * * * والـزيـتُ والطلٌّ والأهوارُ تَروينا
يـا راقـداً في بروجِ الوهم منتشياً * * * الـذبـحُ آتـيـكَ لـو تدري وآتينا
لا تـسـلـبنَّ عيونَ الطٌّهر مجتهداً * * * أو تـحـطـمـنَّ بيوتاً عهدها فينا
يا من ترى من سرى للحتفِ منتظراً * * * حـيـنَ الأحـبـةِ إذعـاناً لواشينا
سـاهـم بـقـلـبكَ إيماناً ومحتسباً * * * صـونَ العذارى بدنيانا ترى الدِّينا
مـا بـالُ نـفـسكَ قد أبسلتَها ندماً * * * ونـورُ عـمـركَ جهراً قال: آمينا
بـاتـت نخيلُكَ في البطحاءِ سافرةً * * * والـنـوقُ حـائـرةٌ والخيلُ تبكينا
وضـوءُ نـجـمكَ في أسفارهِ وهنٌ * * * يـشـتـاقُ يـوماً يرانا أو يلاقينا
حـدّث لـعمركَ عمّا كان في زمنٍ, * * * قـد صـيـغَ من فلقٍ, والحبٌّ كافينا
حـتـى إذا بـكتِ الأيامَ روضتُها * * * كـانـت حصاداً وكانت من مآسينا
كـأنـمـا نُـثـرت آلامُنا صوراً * * * ونـصـرةُ الـحق إرهابٌ بدا فينا
ولـونُ أقـبـيةٍ, بالحزنِ قد صُبِغت * * * نـصحو على عجبٍ, يُردي المُحبينا
ذاكَ الـجـمـانُ قـروحٌ في أيادينا * * * وحـبـةُ الـرمـلِ ودقٌ في مآقينا
وربـةُ الـشعرِ والأزلامُ في نَصَبٍ, * * * والـكـلٌّ فـي تـيههِ تاجٌ يواسينا
قـم واسـتقم واتركِ الدنيا وخدعتُها * * * كـم جدعت قلبَ ذي نابٍ, وعِرنينا
واسلك سبيلَ العُلا في حُسنِ مطلعهِ * * * إنَّ الـحـوادثَ أسـيـافٌ تُقاضينا
دعِ الـتـجـاربَ فـي مرآةِ مُعتبرٍ, * * * أو اقـضِ ما أنتَ قاضٍ, فيه تمكينا
وانظر لكلِّ نبات الأرضِ واسق له * * * عـيـونَ مـزهـرةٍ, فـيها تصافينا
ولـو رأى الشوكُ من أدمى بشوكتهِ * * * لـصـاغَ دمـعـتَهُ ورداً ونسرينا
وصـارَ شـوقاً بلا شوكٍ, يحاطُ بنا * * * ونـرجـسـيٌّ الهوى عشقاً يُغشّينا