وهو: خويلد بن مخلد بن محرِّث.
وهو: شاعر فحل مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام وسكن المدينة وعاش إلى أيام عثمان - رضي الله عنه -.
ومن أشهر شعره هذه القصيدة رثى بها خمسة أبناء له أصيبوا بالطاعون في عام واحد.
وكان أشعر هذيل من غير مدافعة.
وهذه هي القصيدة:
أمن المنون وريبها تتوجع *** والدهر ليس بمعتب من يجزع
قالت أميمة ما لجسمك شاحبا *** منذ ابتذلت ومثل مالك ينفع
أم ما لجنبك لا يلائم مضجعا *** إلا اقض عليك ذاك المضجع
فأجبتها أن ما لجسمي انه *** أودى بني من البلاد فودعوا
أودى بني وأعقبوني غصة *** بعد الرقاد وعبرة لا تقلع
سبقوا هوى واعنقوا لهواهم *** فتخرموا ولكل جنب مصرع
فغبرت بعدهم بعيش ناصب *** وأخال أني لاحق مستتبع
ولقد حرصت بان أدافع عنهم *** فإذا المنية أقبلت لا تدفع
وإذا المنية أنشبت أظفارها *** ألفيت كل تميمة لا تنفع
فالعين بعدهم كأن حداقها *** سملت بشوك فهي عور تدمع
حتى كأني للحوادث مروة *** بصفا المشرق كل يوم تقرع
لا بد من تلف مقيم فانتظر *** أبأرض قومك أم بأخرى المصرع
ولقد أرى أن البكاء سفاهة *** ولسوف يولع بالبكا من يفجع
وليأتين عليك يوم مرة *** يبكى عليك مقنعا لا تسمع
وتجلدي للشامتين أريهم*** أني لريب الدهر لا أتضعضع
والنفس راغبة إذا رغبتها*** فإذا ترد إلى قليل تقنع
كم من جميع الشمل ملتئم الهوى*** باتوا بعيش ناعم فتصدعوا
فلئن بهم فجع الزمان وريبه*** إني بأهل مودتي لمفجع
والدهر لا يبقى على حدثانه*** في راس شاهقة اعز ممنع
والدهر لا يبقى على حدثانه*** جون السراة له جدائد أربع
صخب الشوارب لا يزال كأنه ***عبد لآل أبي ربيعة مسبع
أكل الجميم وطاوعته سمحج ***مثل القناة وازعلته الأمرع
بقرار قيعان سقاها وابل ***واه فاثجم برهة لا يقلع
فلبثن حينا يعتلجن بروضة ***فيجد حينا في العلاج ويشمع
حتى إذا جزرت مياه رزونه ***وبأي حين ملاوة تتقطع
ذكر الورود بها وشاقى أمره ***شؤم واقبل حينه يتتبع
فافتنهن من السواء وماؤه *** بثر وعانده طريق مهيع
فكأنها بالجزع بين ينابع ***واولات ذي العرجاء نهب مجمع
وكأنهن ربابة وكأنه ***يسر يفيض على القداح ويصدع
وكأنما هو مدوس متقلب ***في الكف إلا انه هو أضلع
فوردن والعيوق مقعد رابىء ***الضرباء فوق النظم لا يتتلع
فشرعن في حجرات عذب بارد ***حصب البطاح تغيب فيه الأكرع
فشربن ثم سمعن حسا دونه ***شرف الحجاب وريب قرع يقرع
ونميمة من قانص متلببف *** كفه جشء أجش واقطع
فنكرنه فنفرن وامترست به ***سطعاء هادية وهاد جرشع
فرمى فانفذ من نجود عائط ***سهما فخر وريشه متصمع
فبدا له أقراب هذا رائغا ***عجلا فعيث في الكنانة يرجع
فرمى فالحق صاعديا مطحرا ***بالكشح فاشملت عليه الأضلع
فأبدهن حتوفهن فهارب ***بذمائه أو بارك متجعجع
يعثرن في حد الظبات كأنما ***كسيت برود بني يزيد الأذرع
والدهر لا يبقى على حدثانه ***شبب افزته الكلاب مروع
شعف الكلاب الضاريات فؤاده ***فإذا يرى الصبح المصدق يفزع
ويعوذ بالأرطى إذا ما شفه ***قطر وراحته بليل زعزع
يرمي بعينيه الغيوب وطرفه ***مغض يصدق طرفه ما يسمع
فغدا يشرق متنه فبدا له ***أولى سوابقها قريبا توزع
فاهتاج من فزع وسد فروجه ***غبر ضوار وافيان واجدع
ينهشنه ويذبهن ويحتمي ***عبل الشوى بالطرتين مولع
فنحا لها بمذلقين كأنما ***بهما من النضح المجدح أيدع
فكان سفودين لما يقترا ***عجلا له بشواء شرب ينزع
فكان سفودين لما يقترا ***عجلا له بشواء شرب ينزع
حتى إذا ارتدت واقصد عصبة ***منها وقام شريدها يتضرع
فبدا له رب الكلاب بكفه ***بيض رهاف ريشهن مقزع
فرمى لينقذ فرها فهوى له*** سهم فأنفذ طرتيه المنزع
فكبا كما يكبو فنيق تارز ***بالخبت إلا انه هو ابرع
والدهر لا يبقى على حدثانه ***مستشعر حلق الحديد مقنع
حميت عليه الدرع حتى وجهه ***من حرها يوم الكريهة أسفع
تعدو به خوصاء يفصم جريها ***حلق الرحالة فهي رخو تمزع
قصر الصبوح لها فشرج لحمها ***بالني فهي تثوخ فيها الإصبع
متفلق أنساؤها عن قاني ***كالقرط صاو غبره لا يرضع
تأبى بدرتها إذا ما استكرهت ***إلا الحميم فإنه يتبضع
تأبى بدرتها إذا ما استكرهت ***إلا الحميم فانه يتبضع
بيننا تعنقه الكماة وروغه ***يوما أتيح له جرىء سلفع
يعدو به نهش المشاش كأنه ***صدع سليم رجعه لا يظلع
فتنادينا وتواقفت خيلاهما ***وكلاهما بطل اللقاء مخدع
متحاميين المجد كل واثق ***ببلائه واليوم يوم أشنع
وعليهما مشرودتان قضاهما ***داود أو صنع السوابغ تبع
وكلاهما في كفه يزنية ***فيها سنان كالمنارة أصلع
وكلاهما متوشح ذا رونق ***عضبا إذا مس الضريبة يقطع
فتخالسا نفسيهما بنوافذ ***كنوافذ العبط التي لا ترقع
وكلاهما قد عاش عيشة ماجد ***وجنى العلاء لو أن شيئا ينفع
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد