أمـا لِـجَـمـيـلٍ, عِندكُنَّ ثَوابُ *** ولا لِـمُـسـيءٍ, عِـنـدَكُنّ مَتَابُ
إذا الـخِـلٌّ لَـم يَـهجُركَ إلا مَلالةً *** فَـلَـيـسَ لهُ، إلا الفِرَاقَ، عِتابُ
إذا لـم أجـد مـن خُـلَّةٍ, ما أُرِيدُهُ *** فـعـنـدي لأُخـرى عَزمَةٌ وَرِكابُ
ولـيـس فِراقٌ ما استطعتُ فإن *** يَكُن فِـراقٌ عـلـى حَـالٍ, فليس إيابُ
صَـبـورٌ ولـو لـم يـبقَ مني بقيةٌ **** قَـؤُولٌ وَلـو أنَّ الـسيوفَ جَوابُ
وَقُـورٌ وأحـداثُ الـزمانِ تَنوشني *** وَلِـلـمـوتِ حـولي جِيئةٌ وَذَهَابُ
بِـمـن يَـثِـقُ الإنسانُ فيما يَنُوبهُ *** ومِـن أيـنَ لِـلحُرِّ الكَريم iiصِحابُ
وقـد صَـارَ هـذا الناسُ إلا أقَلَّهُم *** ذِئـابٌ عـلـى أجـسَادِهنَّ ثِيابُ
تَـغَـابـيـتُ عن قومٍ, فَظَنوا غَباوةً *** بِـمَـفـرِقِ أغـبانا حصًى iiوَتُرابُ!
ولـو عَـرفـونـي بَعضَ مَعرِفَتي بِهم *** إذاً عَـلِـمـوا أنـي شَهِدتُ وغابوا
إلـى الله أشـكـو أنـنـا بِمنازلٍ, *** تَـحـكَّـمَ فـي آسـادِهنّ كِلابُ
تَـمُـرٌّ الـلـيالي لَيسَ لِلنَّقعِ مَوضِعٌ *** لَـديَّ ولا لِـلـمُـعـتَفِين جَنَابُ
ولا شُـدَّ لـي سَرجٌ على مَتنِ سابحٍ, *** ولا ضُـرِبـت لـي بِـالعراءِ قِبابُ
ولا بَـرقـت لـي فـي اللقاءِ قواطعٌ *** ولا لـمـعـت لي في الحروبِ حِرابُ
سَـتَـذكـر أيـامـي نُميرٌ وَعَامرٌ *** وكـعـبٌ، عـلى عِلاتها، وكِلابُ
أنـا الـجـارُ لا زادي بَطِيءٌ عَليهِمُ *** ولا دونَ مـالـي فـي الحَوادثِ بَابُ
ولا أطـلـبُ الـعَوراءَ مِنها أُصِيبها *** ولا عـورتـي لِـلـطـالبينَ تُصابُ
بَني عَمِّنا، ما يَفعَلُ السيفُ في الوغى *** إذا قـلَّ مِـنـهُ مَـضـرِبٌ وَذُبابُ
بَـنـي عَـمِّنا، نحنُ السَّواعِدُ وَالظٌّبَا *** وَيُـوشِـكُ يـوماً أن يكونَ ضِرابُ
ومـا أدَّعِـي مـا يَـعـلَمُ الله غَيرهُ *** رِحَـابٌ عَـلِـيٍّ, لِـلـعُفاةِ رِحابُ
وأفـعـالـهُ لِـلـراغـبـين كَرِيمةٌ *** وأمـوالـهُ لـلـطـالـبين نِهَابُ
ولـكـن نَـبَـا مِـنهُ بِكَفِّيَ صَارمٌ *** وأظـلـمَ فـي عَـيـنَيَّ مِنهُ شِهابُ
وأبـطـأَ عَـنِّـي والـمـنايا سريعةٌ *** وَلِـلـمـوتِ ظِـفرٌ قد أطلَّ ونابُ
فـإن لـم يَـكـن وِدٌ قَـرِيبٌ تَعُدٌّهُ *** ولا نَـسَـبٌ بـيـن الرجَالِ قِرابُ
فـأحـوطُ لـلإسلام أن لا يُضِيعني *** ولـي عَـنـهُ فِـيـهِ حَوطةٌ وَمَنابُ
ولـكـنـنـي راضٍ, على كلِّ حالةٍ, *** لِـنَـعـلَـمَ أيَّ الـخُـلَّتينِ سَرابُ
ومـا زِلـتُ أرضـى بـالقليلِ محبةً *** لَـدَيـهِ، ومـادون الكثير حِجابُ
وأطـلُـبُ إبـقـاءً على الوُد أرضَهُ *** وذِكـرى مِـنـي في غيرها وطلابُ
كـذاكَ الـوِداد الـمحضُ لا يرتجى لهُ *** ثـوابٌ، ولا يُـخـشى عَليهِ عقابُ
وقد كُنتُ أخشى الهجرَ والشملُ جَامِعٌ *** وفـي كُـلِّ يَـومٍ, لُـقـيَةٌ وخِطَابُ
فـكـيـف وفيما بيننا مُلكُ قَيصَرٍ, *** ولِـلـبَـحرِ حولي زَخرَةٌ وَعُبَابُ؟
أَمِـن بَـعـدِ بَذلِ النفس فيما تُرِيدُهُ *** أثـابُ بِـمُـرِّ الـعَتبِ حِينَ أُثابُ
فـلـيـتـك تـحلو والحياةُ مريرةٌ *** ولـيـتـك تـرضى والأنامُ غِضابُ
ولـيـتَ الـذي بـيني وبينك عَامرٌ *** وبـيـنـي وبـيـن العالمين خَرابُ
إذا صـحَّ مِـنـكَ الوِدٌّ فالكُلٌّ هَيّنٌ *** وكُـلٌّ الـذي فـوقَ التٌّرابِ تُرابُ