أبو فراس الحمداني

14.2k
2 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

أمـا لِـجَـمـيـلٍ, عِندكُنَّ ثَوابُ *** ولا لِـمُـسـيءٍ, عِـنـدَكُنّ مَتَابُ

إذا الـخِـلٌّ لَـم يَـهجُركَ إلا مَلالةً *** فَـلَـيـسَ لهُ، إلا الفِرَاقَ، عِتابُ

إذا لـم أجـد مـن خُـلَّةٍ, ما أُرِيدُهُ *** فـعـنـدي لأُخـرى عَزمَةٌ وَرِكابُ

ولـيـس فِراقٌ ما استطعتُ فإن *** يَكُن فِـراقٌ عـلـى حَـالٍ, فليس إيابُ

صَـبـورٌ ولـو لـم يـبقَ مني بقيةٌ **** قَـؤُولٌ وَلـو أنَّ الـسيوفَ جَوابُ

وَقُـورٌ وأحـداثُ الـزمانِ تَنوشني *** وَلِـلـمـوتِ حـولي جِيئةٌ وَذَهَابُ

بِـمـن يَـثِـقُ الإنسانُ فيما يَنُوبهُ *** ومِـن أيـنَ لِـلحُرِّ الكَريم iiصِحابُ

وقـد صَـارَ هـذا الناسُ إلا أقَلَّهُم *** ذِئـابٌ عـلـى أجـسَادِهنَّ ثِيابُ

تَـغَـابـيـتُ عن قومٍ, فَظَنوا غَباوةً *** بِـمَـفـرِقِ أغـبانا حصًى iiوَتُرابُ!

ولـو عَـرفـونـي بَعضَ مَعرِفَتي بِهم *** إذاً عَـلِـمـوا أنـي شَهِدتُ وغابوا

إلـى الله أشـكـو أنـنـا بِمنازلٍ, *** تَـحـكَّـمَ فـي آسـادِهنّ كِلابُ

تَـمُـرٌّ الـلـيالي لَيسَ لِلنَّقعِ مَوضِعٌ *** لَـديَّ ولا لِـلـمُـعـتَفِين جَنَابُ

ولا شُـدَّ لـي سَرجٌ على مَتنِ سابحٍ, *** ولا ضُـرِبـت لـي بِـالعراءِ قِبابُ

ولا بَـرقـت لـي فـي اللقاءِ قواطعٌ *** ولا لـمـعـت لي في الحروبِ حِرابُ

سَـتَـذكـر أيـامـي نُميرٌ وَعَامرٌ *** وكـعـبٌ، عـلى عِلاتها، وكِلابُ

أنـا الـجـارُ لا زادي بَطِيءٌ عَليهِمُ *** ولا دونَ مـالـي فـي الحَوادثِ بَابُ

ولا أطـلـبُ الـعَوراءَ مِنها أُصِيبها *** ولا عـورتـي لِـلـطـالبينَ تُصابُ

بَني عَمِّنا، ما يَفعَلُ السيفُ في الوغى *** إذا قـلَّ مِـنـهُ مَـضـرِبٌ وَذُبابُ

بَـنـي عَـمِّنا، نحنُ السَّواعِدُ وَالظٌّبَا *** وَيُـوشِـكُ يـوماً أن يكونَ ضِرابُ

ومـا أدَّعِـي مـا يَـعـلَمُ الله غَيرهُ *** رِحَـابٌ عَـلِـيٍّ, لِـلـعُفاةِ رِحابُ

وأفـعـالـهُ لِـلـراغـبـين كَرِيمةٌ *** وأمـوالـهُ لـلـطـالـبين نِهَابُ

ولـكـن نَـبَـا مِـنهُ بِكَفِّيَ صَارمٌ *** وأظـلـمَ فـي عَـيـنَيَّ مِنهُ شِهابُ

وأبـطـأَ عَـنِّـي والـمـنايا سريعةٌ *** وَلِـلـمـوتِ ظِـفرٌ قد أطلَّ ونابُ

فـإن لـم يَـكـن وِدٌ قَـرِيبٌ تَعُدٌّهُ *** ولا نَـسَـبٌ بـيـن الرجَالِ قِرابُ

فـأحـوطُ لـلإسلام أن لا يُضِيعني *** ولـي عَـنـهُ فِـيـهِ حَوطةٌ وَمَنابُ

ولـكـنـنـي راضٍ, على كلِّ حالةٍ, *** لِـنَـعـلَـمَ أيَّ الـخُـلَّتينِ سَرابُ

ومـا زِلـتُ أرضـى بـالقليلِ محبةً *** لَـدَيـهِ، ومـادون الكثير حِجابُ

وأطـلُـبُ إبـقـاءً على الوُد أرضَهُ *** وذِكـرى مِـنـي في غيرها وطلابُ

كـذاكَ الـوِداد الـمحضُ لا يرتجى لهُ *** ثـوابٌ، ولا يُـخـشى عَليهِ عقابُ

وقد كُنتُ أخشى الهجرَ والشملُ جَامِعٌ *** وفـي كُـلِّ يَـومٍ, لُـقـيَةٌ وخِطَابُ

فـكـيـف وفيما بيننا مُلكُ قَيصَرٍ, *** ولِـلـبَـحرِ حولي زَخرَةٌ وَعُبَابُ؟

أَمِـن بَـعـدِ بَذلِ النفس فيما تُرِيدُهُ *** أثـابُ بِـمُـرِّ الـعَتبِ حِينَ أُثابُ

فـلـيـتـك تـحلو والحياةُ مريرةٌ *** ولـيـتـك تـرضى والأنامُ غِضابُ

ولـيـتَ الـذي بـيني وبينك عَامرٌ *** وبـيـنـي وبـيـن العالمين خَرابُ

إذا صـحَّ مِـنـكَ الوِدٌّ فالكُلٌّ هَيّنٌ *** وكُـلٌّ الـذي فـوقَ التٌّرابِ تُرابُ


أضف تعليق