المتنبي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 ضـيفٌ ألَـمَّ بِـرأسي غَيرَ مُحتَشِمِ **** إبـعَد بَـعِدتَ بَـياضًا لا بياضَ لَه

بِـحُبِّ قـاتِلتي وَالـشَّيبِ تَـغذِيَتي **** فَـمـا أمُــرٌّ بِـرسمٍ, لا أُسـائِلُهُ

تَـنَفَّسَت عَـن وفـاءٍ, غَير مُنصَدِعٍ, **** قـبَّلتُها ودمُـوعي مَـزجُ أَدمُـعِها

قَـد ذُقـتُ مـاءَ حَـياةٍ, من مُقبَّلها **** تَـرنو إلـيَّ بـعَينِ الظَّبيِ مُجهشَةً

رُوَيـدَ حُـكمِكِ فـينا غَيرَ مُنصفَةٍ, **** أَبـدَيتِ مِثل الذي أَبدَيتُ من جَزَعٍ,

إذاً لَـبَزَّكِ ثَـوبَ الـحُسنِ أَصغَرُهُ **** لـيسَ الـتعَلٌّلٌّ بِـالآمالِ مِن أَرَبي

وَلا أظُـنٌّ بَـناتِ الـدهرِ تَترُكُني **** لُـمِ الليالي التي أخنَت على جِدَتي

أرَى أُنـاسًا ومَـحصولي على غَنَم **** ورَبَّ مـالٍ, فَـقيرًا مـن مَروءَتِه

سيَصحَبُ النَّصلُ مِنّي ِمثلَ مَضرِبِهِ **** لَـقَد تَـصَبرتُ حَتَّى لاتَ مُصطَبَرٍ,

لأتـرُكَنَّ وُجـوهَ الـخَيلِ سـاهِمَةً **** والـطَعنُ يـحرِقُها والزجرُ يُقلِقُها

قـد كَـلَّمَتها الـعَوالي فَهي كالحِةٌ **** بـكُلِّ مُـنصَلِتٍ, مـا زالَ مُنتَظِري

شـيخٌ يَرى الصَّلَواتِ الخَمسَ نافِلَةً **** وكُـلَّما نُـطِحَت تَـحتَ العَجاجِ بِهِ

تُـنسي الـبِلادَ بُروقَ الجَوِّ بارِقَتي **** رِدِي حِياضَ الرَّدى يا نَفسِ واتَّركي

إِن لـم أَذَركِ عـلى الأَرماحِ سائِلَةً **** أَيـملِكُ الـمُلكَ والأَسـيافُ ظامِئَةٌ

مَـن لـو رَآنيَ ماءً ماتَ من ظَمَإٍ, **** مِـيعادُ كُـلِّ رَقـيقِ الشَّفرَتَينِ غدًا

فَـإن أجـابوا فـما قَصدي بها لَهُمُ ****  الـسَّيفُ أحـسَنُ فِـعلاً مِـنهُ باللَّمَمِ

لأنـتَ أسـوَد فـي عَيني مِنَ الظٌّلم **** هَـوايَ طـفلاً وَشَـيبِي بـالغَ الحُلُمِ

وَلا بِـذاتِ خِـمارٍ, لا تُـريقُ دَمي **** يَـومَ الـرحيل وشَـعبٍ, غَير مُلتَئمِ

وقـبَّلتني عـلى خَـوفٍ, فَـمًا لِـفَمٍ, **** لَـو صـابَ تُرباً لأَحيا سالِفَ الأُمَمِ

وتـمسحُ الـطَّلَّ فَـوقَ الوَردِ بالعنَمِ **** بِـالناسِ كُـلِّهِمِ أفـديكِ مِـن حَـكَمِ

ولَـم تُـجنِّي الـذي أَجننتُ مِن أَلَمِ **** وَصِـرتِ مِـثليَ في ثَوبَينِ مِن سَقَمِ

ولا الـقَناعَة بـالإقلال مِـن شِيمي **** حَـتى تَـسُدَّ عَـلَيها طُـرقَها هِمَمي

بِـرِقَّةِ الـحال واعـذِرني ولا تَـلُمِ **** وَذكـرَ جُـودٍ, ومحصولي على الكَلِمِ

لـم يُـثرِ مِنها كَما أثرى منَ العُدُمِ **** ويَـنجَلي خَـبَري عَن صِمة الصِّمَمِ

فــالآنَ أَقـحَمُ حَـتّى لاتَ مُـقتحَمِ **** والـحربُ أَقـومُ من ساقٍ, على قَدَمِ

حَـتَّى كـأنَّ بِـها ضَـرباً مِنَ اللَّمَم **** كـأنَّما الـصَّابُ مَذرور على الٌّلجُمِ

حَـتَّى أدَلـتُ لَـهُ مِـن دَولَةِ الخَدَمِ **** ويَـستَحِلٌّ دَمَ الـحُجاجِ فـي الحَرَمِ

أُسـدُ الـكتائب رامَـتهُ ولـم يَـرِم **** وتـكتفي بـالدَّمِ الـجاري عَنِ الدِّيَمِ

حِـياض خَوفِ الرَّدى لِلشاءِ والنَّعَمِ **** فـلا دُعـيتُ ابـنَ أُمِّ المجدِ والكَرَمِ

والـطَّيرُ جـائِعَةٌ لـحمٌ على وَضَمِ **** ولَـو عَـرَضتُ لَهُ في النومِ لم يَنَم

ومَن عَصَى مِن مُلوكِ العُربِ والعَجَمِ **** وإن تَـوَلَّوا فـما أَرضَـى لها بِهِمِ

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply