تحيا... وعقلُك يحضى من تجارِبه *** ونورُ فكرِك مزدانٌ به الفَلَقُ
تحيا... وتعرف في الأيام خافيها *** ويبصر الغيب منك القلب والحدَق
تحيا... تعايش أحوالاً منوعة *** تتلو لها آية في لفظها الطّبق
فكنت تحمد في الأشياء ظاهرها *** واليوم جاءك من أعماقها الأرَقُ
وصرت تضحك مما كنت تبغضُه *** وقد يجيئك مما تشتهي الزهقُ
تحيا... وسيفك ينبو في مضاربه *** وحظّك اليوم من دنياك مخترقُ
ورب مكثر ضربٍ, حزّ مفصلها *** وصار من حظه الإسعاد والعبقُ
تحيا... وقلبُك ملتاعٌ تبعثره *** مصائبُ العيش والأشجانُ والحرقُ
وكان يعجبك الأغمارُ إذ زعموا *** فقلت بعدُ بأنّ الزعمَ مختلقُ
فأكثرُ الناس زيفٌ في حقيقته *** دوّى لهم صوت إرعادٍ, وما برقوا
في الناس خيرٌ وأبطال وتعرفهم *** وأغلبُ الناس في أخلاقه نزقُ
ولا يساوي جنيها بعض من نجد *** وبعضهم لا يساوي قدره الورقُ
تحيا... تغوص المحيطات التي مُلِئت *** أسرار دنيا... وقد يودي بك الغرقُ
تحيا.... وتبصر إخواناً تمزّقهم *** يد العدو ويفري فيهم القلقُ
يُشجيك أن تُبصر الإخوان في كلف *** وبينهم حلّت الأحقادُ والفرقُ
أمنت أشياء كان الخوف صاحبها *** وحلّ في ساحتي ما تأمنُ الفرقُ
وأنورت ليلة أرخت معاطفها *** وعاث في وجه شمس البائن الغسقُ
تحيا... تغيّر مفهوم الحياة فما *** تبقى على فهمك الماضي وتختلقُ
وسوف تلقى أحباء وتعشقُهم *** لكن سيذهب معشوقٌ ومن عشقُوا
تحيا... يصافيك من تهوى مماتهم *** وقد يلاقيك من أحبابك العققُ
وكنت تسمع إطراءً وتحسبُه *** صدقًا... وما ثم إلا المينُ والملَقُ
تحيا... وفي عينك الإشراق مؤتلقٌ *** وسوف يبدع في تلوينه الشفقُ
هذي حروفي... وفي أصدائها حِكَمٌ *** سطّرتها بدمي والشاهدُ الغسقُ
تغير الفكر عندي بعدما وَهَنت *** ساقي وبان على أشباهيَ الرهقُ
أخي..أتبغي خلاص النصح من عمري *** اعمل لأُخراك... ثم الأنس والألقُ