القراءة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إن المتأمل لحياة وواقع الشعوب الغربية يجد أنها شعوب قارئة متعلمة، بل ومولعة بالقراءة، تحب الثقافة بمفهومها العام، وليس هذا إعجاباً بهم..

لا..

فالطريق مختلف..

لكنها حقيقة يعيشونها وسلوك يحيونه، فلا تجد شخصاً (بشكل عام) إلا ويقرأ جريدة أو صحيفة مجلة أو قصة أو كتاباً..

تلمح ذلك في الشوارع والمحلات التجارية..

في المكاتب، في الحدائق العامة والأماكن الترفيهية، في الحافلات العامة والقطارات، ولن أخوض في ماهية ما يقرؤون من روايات تافهة أو قصص سخيفة أو مقتطفات سطحية أو أو..

فهذا ينعكس عموماً على طبيعة شعوبهم ونمط حياتهم الاجتماعية والفكرية..

ولن أتعمق أيضاً في خلفيات هذه القراءة وهذا النشاط..

ولا الأسباب التي دعتهم، بل ونمت فيهم حب المطالعة والقراءة..

من أساليب تربوية ومناهج تعليمية أثناء مراحل الدراسة..

لكن شيئاً واحداً ملاحظاً ونؤكد عليه كظاهرة عامة واضحة: إنها شعوب قارئة.

والعجيب أن أمة الإسلام التي بدأت رسالتها بأول آية نزلت من السماء (اقرأ بِاسمِ رَبِّكَ الَذِي خَلَقَ).

قلما تجد قارئاً ونادراً ما تجد مولعاً بالعلم أو شرهاً للمطالعة وحب المعرفة.

بل حتى طلبة العلم انتقلت إليهم العدوى، وكأنهم مرغمون أو مجبرون على القراءة والتعلم.

وإنها لمفارقة أن تجد أعداء الإسلام والعلمانيين وأصحاب الفكر والمذاهب الهدامة والتيارات المنحرفة لا يكلون ولا يملون من المطالعة والبحث والكتابة، فتجد مؤلفاتهم وكتبهم تملأ الأسواق ومقالاتهم تغطي الصحف والمجلات والجرائد، ويتناولون مواضيع مهمة، ويتطرقون لأبحاث جديدة..

فيبدو وكأنهم رواد الحضارة والثقافة العربية المعاصرة.

وهذا الكسل له أسباب أذكر بعضها:

1- منهج التعليم والأسلوب التربوي الخاطئ في المدارس والبيوت المحشو بكثرة المعلومات وإجبار الطلاب على الحفظ وملء دماغه بمعلومات مفيدة أو غير مفيدة، وجعل ذلك أصلاً ومقياساً للنجاح أو التفوق يخلق نوعاً من الكراهية والملل والضجر من القراءة وحب البحث.

وغياب البحث العلمي وأسلوب تنمية التفكير والمشاركة لكل ما يلائمه، وإعطاء الأطر العامة، وترك الخيار والتشجيع للطلاب بالحب الذاتي والرغبة الداخلية للبحث العلمي.

2- طبيعة البيئة التي نعيشها والرواسب السلبية الراسخة منذ عهد الانحدار الفكري والخلقي والعلمي، إضافة لتأثيرات رواسب الاستعمار الغربي الفكري والثقافي والاجتماعي على مجتمعاتنا.

 3 - التركيز والتصويب نحو هدف وغاية العلم والحياة: هي رغد العيش ورفاهية الحياة، وليس هدفاً سامياً..

خلق في نفوس الكثير اللامبالاة وضعف الإحساس وفقدان أهمية الوقت وأهمية العلم.

 4- انعدام المسؤولية، مسؤولية حمل الرسالة وحمل الأمانة والنهضة بالأمة النهضة السليمة التي أوكلت إلينا، كما يقول الله - عز وجل -: (إنَّا عَرَضنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ والأَرضِ والجِبَالِ فَأَبَينَ أَن يَحمِلنَهَا وأَشفَقنَ مِنهَا وحَمَلَهَا الإنسَانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً)، ومتى فقدت الأمة مسؤوليتها فقل - عليها السلام -.

 5- نوعية ما يوجد في الأسواق وما يكتب في الصحف وما يوجد في وسائل الإعلام، تنفر الفرد من الإقدام.

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: » إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له «.

أليس من جذور الإيمان التعلم والعلم والعمل به، وبالعودة لهذه الجذور والأصول وحب العلم والعمل تعود لنا المكانة التي أرادها الله لنا.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply