البردة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

هو كعب ابن الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى المزني أسلم أخوه بجير قبله وشهد مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - فتح مكة، فأرسل إليه كعب ينهاه عن الإسلام فبلغ ذلك النبي فتواعده فبعث إليه بجير فحذره فقدم على رسول الله وقام بعد صلاة الفجر فسلم على رسول الله وبدأ قصيدته فكساه النبي بردته.

 

القصيدة البردة:

بـانَت سُـعادُ فَـقَلبي اليَومَ مَتبولُ *** مُـتَـيَّمٌ إثـرَها لـم يُـفَد مَـكبولُ

 

وَمَـا سُـعَادُ غَـداةَ البَين إِذ رَحَلوا *** إِلاّ أَغَـنٌّ غضيضُ الطَّرفِ مَكحُولُ

 

هَـيـفاءُ مُـقبِلَةً عَـجزاءُ مُـدبِرَةً *** لا يُـشتَكى قِـصَرٌ مِـنها ولا طُولُ

 

تَجلُو عَوارِضَ ذي ظَلمٍ, إذا ابتَسَمَت *** كـأنَّـهُ مُـنـهَلٌ بـالرَّاحِ مَـعلُولُ

 

شُـجَّت بِـذي شَـبَمٍ, مِن ماءِ مَعنِيةٍ, *** صـافٍ, بأَبطَحَ أضحَى وهوَ مَشمولُ

 

تَـنفِي الـرِّياحُ القَذَى عَنهُ وأفرَطُهُ *** مِـن صَـوبِ سـارِيَةٍ, بِيضٌ يَعالِيلُ

 

أكـرِم بِـها خُـلَّةً لـو أنَّها صَدَقَت *** مَـوعودَها أَو لَوَ أَنَِّ النٌّصحَ مَقبولُ

 

لـكِنَّها خُـلَّةٌ قَـد سِـيطَ مِن دَمِها *** فَـجـعٌ ووَلَـعٌ وإِخـلافٌ وتَـبديلُ

 

فـما تَـدومُ عَـلَى حـالٍ, تكونُ بِها *** كَـما تَـلَوَّنُ فـي أثـوابِها الـغُولُ

 

ولا تَـمَسَّكُ بـالعَهدِ الـذي زَعَمت *** إلاَّ كَـما يُـمسِكُ الـماءَ الـغَرابِيلُ

 

فـلا يَـغُرَّنكَ مـا مَنَّت وما وَعَدَت *** إنَّ الأمـانِـيَّ والأحـلامَ تَـضليلُ

 

كـانَت مَـواعيدُ عُـرقوبٍ, لَها مَثَلا *** ومــا مَـواعِـيدُها إلاَّ الأبـاطيلُ

 

أرجـو وآمُـلُ أن تَـدنو مَـوَدَّتُها *** ومـا إِخـالُ لَـدَينا مِـنكِ تَـنويلُ

 

أمـسَت سُـعادُ بِـأرضٍ, لا يُـبَلِّغُها *** إلاَّ الـعِتاقُ الـنَّجيباتُ الـمَراسِيلُ

 

ولَـــن يُـبَـلِّغَها إلاَّ غُـذافِـرَةٌ *** لـها عَـلَى الأيـنِ إرقـالٌ وتَبغيلُ

 

مِـن كُلِّ نَضَّاخَةِ الذِّفرَى إذا عَرِقَت *** عُـرضَتُها طـامِسُ الأعلامِ مَجهولُ

 

تَـرمِي الـغُيوبَ بِعَينَي مُفرَدٍ, لَهِقٍ, *** إذا تَـوَقَّـدَتِ الـحَـزَّازُ والـمِيلُ

 

ضَـخـمٌ مُـقَـلَّدُها فَـعمٌ مُـقَيَّدُها *** فـي خَلقِها عَن بَناتِ الفَحلِ تَفضيلُ

 

غَـلـباءُ وَجـناءُ عَـلكومٌ مُـذَكَّرةٌ *** فــي دَفـها سَـعَةٌ قُـدَّامَها مِـيلُ

 

وجِـلـدُها مِـن أُطـومٍ, لا يُـؤَيِّسُهُ *** طَـلحٌ بـضاحِيَةِ الـمَتنَينِ مَهزولُ

 

حَـرفٌ أخـوها أبـوها مِن مُهَجَّنَةٍ, *** وعَـمٌّـها خـالُها قَـوداءُ شـمِليلُ

 

يَـمشي الـقُرادُ عَـليها ثُـمَّ يُزلِقُهُ *** مِـنـها لِـبانٌ وأقـرابٌ زَهـالِيلُ

 

عَـيرانَةٌ قُذِفَت بالنَّحضِ عَن عُرُضٍ, *** مِـرفَقُها عَـن بَـناتِ الزٌّورِ مَفتولُ

 

كـأنَّـما فـاتَ عَـينَيها ومَـذبَحَها *** مِـن خَـطمِها ومِن الَّلحيَينِ بِرطيلُ

 

تَـمُرٌّ مِـثلَ عَسيبِ النَّخلِ ذا خُصَلٍ, *** فـي غـارِزٍ, لَـم تُـخَوِّنهُ الأحاليلُ

 

قَـنواءُ فـي حَـرَّتَيها لِـلبَصيرِ بِها *** عَـتَقٌ مُـبينٌ وفـي الخَدَّينِ تَسهيلُ

 

تُـخدِي عَـلَى يَـسَراتٍ, وهي لاحِقَةٌ *** ذَوابِــلٌ مَـسٌّهُنَّ الأرضَ تَـحليلُ

 

سُمرُ العَجاياتِ يَترُكنَ الحَصَى زِيماً *** لـم يَـقِهِنَّ رُؤوسَ الأُكـمِ تَـنعيلُ

 

كــأنَّ أَوبَ ذِراعَـيها إذا عَـرِقَت *** وقــد تَـلَـفَّعَ بـالكورِ الـعَساقيلُ

 

يَـوماً يَـظَلٌّ به الحِرباءُ مُصطَخِداً *** كـأنَّ ضـاحِيَهُ بـالشَّمسِ مَـملولُ

 

وقـالَ لِـلقومِ حـادِيهِم وقد جَعَلَت *** وُرقَ الجَنادِبِ يَركُضنَ الحَصَى قِيلُوا

 

شَـدَّ الـنَّهارِ ذِراعـا عَيطَلٍ, نَصِفٍ, *** قـامَـت فَـجاوَبَها نُـكدٌ مَـثاكِيلُ

 

نَـوَّاحَةٌ رِخـوَةُ الـضَّبعَينِ لَيسَ لَها *** لَـمَّا نَـعَى بِـكرَها النَّاعونَ مَعقولُ

 

تَـفرِي الٌّـلبانَ بِـكَفَّيها ومَـدرَعُها *** مُـشَـقَّقٌ عَـن تَـراقيها رَعـابيلُ

 

تَـسعَى الـوُشاةُ جَـنابَيها وقَـولُهُمُ *** إنَّـك يـا ابـنَ أبـي سُلمَى لَمَقتولُ

وقــالَ كُـلٌّ خَـليلٍ, كُـنتُ آمُـلُهُ *** لا أُلـهِيَنَّكَ إنِّـي عَـنكَ مَـشغولُ

 

فَـقُـلتُ خَـلٌّوا سَـبيلِي لاَ أبـالَكُمُ *** فَـكُلٌّ مـا قَـدَّرَ الـرَّحمنُ مَفعولُ

 

كُـلٌّ ابـنِ أُنثَى وإن طالَت سَلامَتُهُ *** يَـوماً عـلى آلَـةٍ, حَـدباءَ مَحمولُ

 

أُنـبِـئتُ أنَّ رَسُـولَ اللهِ أَوعَـدَني *** والـعَفوُ عَـندَ رَسُـولِ اللهِ مَأمُولُ

 

وقَـد أَتَـيتُ رَسُـولَ اللهِ مُـعتَذِراً *** والـعُذرُ عِـندَ رَسُـولِ اللهِ مَقبولُ

 

مَـهلاً هَـداكَ الـذي أَعطاكَ نافِلَةَ *** الـقُرآنِ فـيها مَـواعيظٌ وتَـفُصيلُ

 

لا تَـأخُذَنِّي بِـأَقوالِ الـوُشاةِ ولَـم *** أُذنِـب وقَـد كَـثُرَت فِـيَّ الأقاويلُ

 

لَـقَد أقـومُ مَـقاماً لـو يَـقومُ بِـه *** أرَى وأَسـمَعُ مـا لـم يَسمَعِ الفيلُ

 

لَـظَلَّ يِـرعُدُ إلاَّ أن يـكونَ لَهُ مِنَ *** الَّـرسُـولِ بِــإِذنِ اللهِ تَـنـويلُ

 

حَـتَّى وَضَـعتُ يَـميني لا أُنازِعُهُ *** فـي كَـفِّ ذِي نَـغَماتٍ, قِيلُهُ القِيلُ

 

لَــذاكَ أَهـيَبُ عِـندي إذ أُكَـلِّمُهُ *** وقـيـلَ إنَّـكَ مَـنسوبٌ ومَـسئُولُ

 

مِـن خـادِرٍ, مِن لُيوثِ الأُسدِ مَسكَنُهُ *** مِـن بَـطنِ عَـثَّرَ غِيلٌ دونَهُ غيلُ

 

يَـغدو فَـيُلحِمُ ضِـرغامَينِ عَيشُهُما *** لَـحمٌ مَـنَ الـقَومِ مَـعفورٌ خَراديلُ

 

إِذا يُـسـاوِرُ قِـرناً لا يَـحِلٌّ لَـهُ *** أن يَـترُكَ الـقِرنَ إلاَّ وهَوَ مَغلُولُ

 

مِـنهُ تَـظَلٌّ سَـباعُ الـجَوِّ ضامِزَةً *** ولا تَـمَـشَّى بَـوادِيـهِ الأراجِـيلُ

 

ولا يَــزالُ بِـواديـهِ أخُـو ثِـقَةٍ, *** مُـطَرَّحَ الـبَزِّ والـدَّرسانِ مَأكولُ

 

إنَّ الـرَّسُولَ لَـسَيفٌ يُـستَضاءُ بِهِ *** مُـهَنَّدٌ مِـن سُـيوفِ اللهِ مَـسلُولُ

 

فـي فِـتيَةٍ, مِـن قُـريشٍ, قالَ قائِلُهُم *** بِـبَطنِ مَـكَّةَ لَـمَّا أسـلَمُوا زُولُوا

 

زالُـوا فـمَا زالَ أَنكاسٌ ولا كُشُفٌ *** عِـنـدَ الِّـلقاءِ ولا مِـيلٌ مَـعازيلُ

 

شُــمٌّ الـعَرانِينِ أبـطالٌ لُـبوسُهُم *** مِـن نَـسجِ دَاوُدَ في الهَيجَا سَرابيلُ

 

بِـيضٌ سَـوَابِغُ قـد شُكَّت لَهَا حَلَقٌ *** كـأنَّـها حَـلَقُ الـقَفعاءِ مَـجدولُ

 

يَمشونَ مَشيَ الجِمالِ الزٌّهرِ يَعصِمُهُم *** ضَـربٌ إذا عَـرَّدَ الـسٌّودُ التَّنابِيلُ

 

لا يَـفـرَحونَ إذا نَـالت رِمـاحُهُمُ *** قَـوماً ولَـيسوا مَـجازِيعاً إذا نِيلُوا

 

لا يَـقَعُ الـطَّعنُ إلاَّ فـي نُحورِهِمُ *** ومـا لَهُم عَن حِياضِ الموتِ تَهليلُ

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply