بسم الله الرحمن الرحيم
تسعونَ قرناً، في هواك غريقُ *** من بعد هذا العُمر كيف أفيقُ
يا أيها الوجهُ الذي أحببتُهُ *** من أين يبتدىءُ الحديث مَشوقُ
تسعون قرناً، كان حبٌّك رايتي *** ولمثل عينيك العذاب يروقُ
تسعون عاماً، والقصائدُ شُرَّعٌ *** والليل نزفٌ، والفؤاد حريقُ
ما قلت: يا أمي الحبيبة، خانني *** قلبي، فقلبُ المستهام صدوقُ
ما قلت..أعلم أن حُبَّك واجبٌ وعليَّ في هذا الجهاد حقوقُ
كانت تضيقُ بي البسيطةُ كلّها *** ونفوسُ مَن حفِظَ الوداد تضيقُ
ويظل هذا الوجه غايةَ رحلتي *** والحرفُ حُرُّ، والنّشيدُ سبوقُ
والشّعر منكوس البيارقِ، لم يزل *** والبيت فيه عناكبٌ وشُقوقُ
يتسابقون إلى القصيد جحافلاً *** تترى، وكُلُّ خَانَهُ التّوفيق
وأَتيتِ فوق مطالعي شَمسَ الضٌّحى *** وعليَّ من حُلَلِ الضّياء بُروقُ
وقصيدتي من طُهرِ وَجهِك تَزدَهي *** في كُلّ حرفٍ, نضرةُ..ورحيقُ
وأتيتِ يا وجهَ الحياةِ، على فمي *** شجرُ له في الخافقين عروقُ
وأتيتُ ما ضيّعت عهد أميرتي *** فالعهدُ في لغةِ القلوبِ وثيقُ
يا عُنفوانَ الشِّعرِ حين أهزٌّهُ *** والخطبُ هولُ، والمدارُ نعيقُ
تتخشَّبُ الكلماتُ، يصبح عَذبُها *** شَجناً، فيا لِلمُرِّ حين أذوقُ
أمي الحبيبة، يزدهون ببِّرهم *** والبرّ في هذا الزمان عقوقُ
أسرجتُ ظهر الشّعر قلتُ لك اركبي *** وركبت والمُهر الحرون عتيقُ
تسعون قرناً، ما تراخى عزمُهُ *** فكأنَّه من حُرقتي مخلوقُ
واليوم يا نهرَ الجلال وسيفُنا *** خشبٌ وفارسُنا العظيم مَعوقُ
ما غيَّر الفكرُ الجديد مواقفي *** فالبعدُ بين الموقفين سحيقُ
أَنَّى أبيعك للظَّلام، وِلِلخَنَا *** ضِدان ليلٌ أليلٌ وشروقُ
يتكالبون على جِراحِكِ، ما دَرَوا *** أنَّ الكريمةَ دونها العيٌّوقُ
ما ضرَّني لجبُ العُداةِ وحشدهم *** وَرَقُ العُداةِ بأرضنا محروقُ
ما ضرَّني إلا بَنُوكِ تطاحنوا *** ماذا إذا طَحَنَ الشّقيقَ شقيقُ؟ !
في كلِّ قارعةٍ, يُجالِدُ مَجدَنا *** باسم الحضارةِ خائنٌ زنديقُ!
(يا عالمي العربيٌّ) أين عُروبةٌ؟ *** من نَسلِها الصدّيق والفاروقُ
(يا عالمي العربيٌّ) أي عُروبةٍ,؟ *** (والقبلة الأولى) دَمٌ وشهيقُ
(يا عالمي العربيٌّ) أي عروبةٍ,؟ *** في القلب حقدٌ، والكساء فسوقُ
(يا عالمي العربيٌّ)، كُلُّ يدعي *** صدق الصّديق وما هناك صديقُ
ضيعت مبدأك العظيم، وليس في *** عصر الدراهم للبطالة سوقُ
دع هذه الألقابَ، دينك واحدٌ *** دينُ المحبَّةِ ليس فيه فُروقُ
من (قندهارَ) إلى (الرصافةِ) وحدةٌ *** (بيمار) يشرب من شَجَاه طُويقُ
إني لألمح في يمينك رقدةٌ *** والكفٌّ حتفٌ والحسامُ ذليقُ
ما خانَ هذا الكفَّ إلا ماكرٌ *** والمكرُ بالقلب الخؤوفِ محيق
يا فجرَنا الميمون ضَوؤُك قادمٌ *** مهما يُعَششُ في العيون بريقُ
والأفق في عينيك يا محبوبتي *** معشوشبٌ، غضُ الإهابِ، وريقُ
تسعون قرناً والجراح مُرِبَّةٌ *** والوجهُ يندى، واللسان طليقُ
ما كلَّ زندُك، يا أميرةَ أحرفي *** زند العظيمةِ بالعظام خليقُ
ورحلتِ يَصفَعُك العُبابُ بِكَفِّهِ *** ويعوقُ سَيِركِ عاصفٌ ومضيقُ
وبلغتِ كان بلوغُ أمرِكِ آيةً *** ولمن نجا فوق السٌّيوفِ طريقُ!