بسم الله الرحمن الرحيم
إبراهيم محمد، 17 سنة، طالب في السنة النهائية في المرحلة الثانوية، ويستعد لدخول الجامعة في الولايات المتحدة الأميركية حيث يقيم، لكنه مختلف عن سائر أترابه الذين يقضون ساعات المساء في ممارسة الألعاب الالكترونية في كونه يقرأ طوال الليل حتى انه ينسى أحيانا ضرورة الإخلاد إلى النوم.
وهو رغم صغر سنه يجيد أربع لغات حديثاً وكتابة، كما يكتب الشعر بالإنجليزية.
ماذا يفعل مراهق مثل هذا عندما تصاب جدته بالتهاب في المجاري البولية بسبب عملية قسطرة.
قام محمد للتو بابتكار طلاء ضد الالتهاب الذي تسببه البكتيريا في عمليات مثل هذا النوع منعاً لإصابة الآخرين بما أصابت جدته العزيزة إلى قلبه.
المهم أن محمداً هذا هو واحد من 40 طالباً يتزاحمون حالياً في مسابقة للعلماء الصغار من تلامذة المدارس الثانوية. والمهم أيضا أن مستقبل هذا الطالب الحديث السن مضمون تماماً سواء فاز بهذه المسابقة أم لا. فهو مثله مثل آلاف الطلاب الذين يظهرون عبقرية باكرة في العلوم والرياضيات والذين تقوم الجامعات والمؤسسات والهيئات وحتى الشركات الخاصة برعايتهم سنويا والإنفاق على تعليمهم، لكي تستفيد من خبراتهم في المستقبل.
ومثل هؤلاء العلماء الصغار يملكون مواهب خاصة تستلفت نظر أساتذتهم الذين ينقلونها إلى المؤسسات الخاصة أو العامة، لكي تسارع إلى رعايتهم والسهر عليهم، وحتى تعيين أساتذة خاصين لهم لتشجيعهم أكثر فأكثر على الدراسة والتحصيل ليشكلوا نواة علماء المستقبل. ولا يخفى ما لهذه الجهود من ثمار تجارية ومنفعة عامة للبلاد كلها.
ولبعض هذه المؤسسات فريق خاص يجوب الجامعات والمدارس الثانوية باستمرار بحثاً عن مثل هؤلاء الطلبة وتوقيع عقود معهم للإنفاق عليهم وتغطية تكاليفهم، وحتى دفع رواتب شهرية لذويهم شرط العمل في المستقبل لحسابهم، ولو لفترة محددة من الزمن.
الجامعات من جهتها لا تتخلف عن هذا الركب أيضا. فهي تختار المتفوقين من طلابها، خاصة في ميادين التقنية العالية، كالهندسة النووية والالكترونية والكومبيوتر والأحياء الدقيقة وغيرها، فضلا عن علوم الحساب والفيزياء والكيمياء، لكي يصبحوا مستقبلا في عداد جهازها التعليمي، أو لكي ينصرفوا إلى الأبحاث كلياً، أو للاثنين معاً.
ولا يزال البعض يذكر كيف قامت السفارة الاميركية في بيروت عام 1956، وكانت البرامج الفضائية في بدايتها المتواضعة، باستدعاء طالب في نهاية مرحلته الثانوية بعدما كتب إليها محللاً أسباب انفجار صاروخ لدى انطلاقه شاهده في إحدى النشرات الإخبارية السينمائية التي كانت تسبق عرض الفيلم الرئيسي، لترسله على حسابها للدراسة في الولايات المتحدة. ومع الأيام تحول هذا الطالب الصغير إلى عالم مرموق في وكالة الفضاء والطيران الاميركية «ناسا».
وهناك الآلاف من هذه الأمثلة في أميركا وأوروبا والشرق الأقصى لا بد للعالم العربي أن يحتذيها للنهوض بالمستوى العلمي والتقني إلى أعلى المراتب. فالدول اليوم، كما كانت في السابق أحيانا، تقاس بمستواها التقني والصناعي، قبل أن تقاس بثرواتها وقدراتها البشرية. والصين الشعبية مثال على ذلك، فقد قررت غزو الفضاء للرفع من هيبتها وسطوتها في عالم اليوم.
عن جريدة الشرق الأوسط.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد