فضل العالم على الجاهل


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

إن الحمد لله, نحمده ونستعينه، من يهده الله فـلا مضل له، ومن يضلل فـلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد..

 

فإن معالم الخير ودلائــل التوفيق تلوح على الأشخاص وتعلوهم, إذا وفقوا لطلب العلم الشرعي والفـقه في الدين، وسلكوا طريق ذلك مخلصين فيه لله رب العالمين، وذلك لقول الله - تبارك وتعالى -: (يُؤتِي الحِكمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤتَ الحِكمَةَ فَقَد أُوتِيَ خَيرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الأَلبَابِ ) [البقرة: 269].

 

ولقوله – تعالى -: (يَرفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُم وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ دَرَجَات) [المجادلة: 11] .

 

ولقول نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -: ((من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين)) , ولقوله - عليه السلام -: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)).

 

فلا يستوي أبدًا العالم والجاهل، قال الله – سبحانه -: (قُل هَل يَستَوِي الَّذِينَ يَعلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلبَابِ )[الزمر:9] .

 

وقال – سبحانه -: (أَفَمَن يَعلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَبِّكَ الحَقٌّ كَمَن هُوَ أَعمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلبَابِ ) [الرعد:19].

 

فـلا يستوي أبدًا جاهل وعالم، بل إن الكلب المعلم والصقر المعلم أفضل من الكلب الجاهل والصقر الجاهل، وكلها كلاب وصقور!!! إلا أن الله - سبحانه - أباح لنا صيد الكلب المعلم والصقر المعلم، أما الآخران فـلا.

 

قال الله - تعالى - في بيان المباحات: (وَمَا عَلَّمتُم مِنَ الجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمسَكنَ عَلَيكُم وَاذكُرُوا اسمَ اللَّهِ عَلَيهِ ) [المائدة:4].

 

ثم إن العالم يتحصل - بتوفيـق الله له - على أضعاف ما يتحصل عليه الجاهل من الأجر، فيعمل العـالم قليلاً ويؤجر كثـيرًاº وذلك لأنه يعرف الأفعال التي فيها مزيد الخير، والأوقات التي فيها مزيد الأجر، والأحوال والأوضاع التي يرجى فيها مزيد الثواب. ألا ترى نبينا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - يخرج من عند جويرية زوجه - رضي الله عنها - بعد صلاة الصبح، ثم يرجع - وقد تركها تذكر الله - وهى ما زالت تذكر الله, فيقول لها: ((ما زلتِ على الحال التي فارقتك عليها؟!! لقد قلت بـعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلتـهن لوزنتهنº سبحان الله وبحمده عدد خلقه، سبحان الله وبحمده رضا نفسـه، سبحان الله وبحمده زنة عرشه، سبحان الله وبحمده مداد كلماته)).

 

فهي كلمـات يسيرة قالها النبي - صلى الله عليه وسلم -, زاد وزنها على وزن ما قالته جويرية - رضي الله عنها -.

 

ألا ترى إلى العالم يعـمد في صدقته إلى قريب له فقير فيتصدق عليـه، فينال أجر الصدقة، وأجر الصلة بإذن الله. والجاهل همه أن يتصدق فحسب، فلا يحصل إلا على أجر الصدقة فقط.

 

ألا ترى أن العالم يعمد إلى النصح والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر حين يرى أن المجال ملائم لذلك، والوقت مناسب له، فيطبق قوله – تعالى -: (فَذَكِّر إِن نَفَعَتِ الذِّكرَى )[الأعلى:9] أي حيث تنفع الذكرى، فتؤتى الذكرى ثمارها, فيثاب بإذن الله.

 

أما الجاهل فلا يبالي بذلك, فهمته الإنكار فـقط, أو الأمر فقط، فقد يجلب سباباً لرب العزة - جل وعلا -، والله - سبحانه - يقول: (وَلَا تَسُبٌّوا الَّذِينَ يَدعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبٌّوا اللَّهَ عَدوًا بِغَيرِ عِلمٍ, كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ, عَمَلَهُم ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَرجِعُهُم فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعمَلُونَ ) [الأنعام:108].

 

فالعالم يعلم وقت النصح، ووقت الترك، وأيهما الأنفع فيقدمه, وأيهما الأقل نفعًا فيؤجل.

 

فالعلم الذي هو: قال الله، قال الرسولº أنفع العـلوم على الإطلاق، فكم من آية واحدة أنجى الله حاملها، وكم من حديث واحد نجى الله به مسلماً حفظه ووعاه.

 

وفضائل حمَلة الكتاب العزيز والسنة النبوية لا تكاد تنتهي، وحسبنا ما ذكر.

 

راجيًا من الله - تعالى - النفع والثواب، لي وللمسلمين السداد والرشاد، وما توفيقي إلا بالله, عليه توكلت وإليه أنيب، وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلِّم.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply