فصل دراسي جديد وهمة متجددة


بسم الله الرحمن الرحيم

 

عامٌ بالأمس مضى..

وعامٌ في اليوم أتى..

وإنَّا لنفرح بالأيام نقطعها..

وكل يومٍ, يُدني من الأجلِ..

قد مضى ما مضى في زمن بني الإنسان، من الفتور العبادي، والفتور في الطاعات والفتور في طلب العلم، والفتور الدعوي، والفتور الدراسي، والفتور في طلب الرزق، والفتور في بعض جوانب الحياة التي ينبغي أن يهتم بها بني الإنسان..

وأريد أن تتذكر أيها الأخ المبارك صفحات سجل حياتك، ما هي انجازاتك، ما هي إخفاقاتك...

أشعر بأنك لن تريد أن تعود إلى الورى، ولكن الشعور بالإنجاز مطلوب، من أجل أن يكمل الإنسان مسيرته في الإنجاز والرُقي...

وأيضا الشعور بالتقصير مطلب آخر.. فلقد مات عند كثير من الناس الشعور بالتقصير، حتى ظنوا بأنهم على خير عظيم، فغياب الشعور بألم الذنوب الصغيرة مثلا، وسيلة كبرى إلى إقتراف ذنوب كثيرة والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إياكم ومحقرات الذنوب فإنها إذا اجتمعت على العبد أهلكته)).

وقس على ذلك الشعور بالتقصير في العبادات، وطلب العلم، وإصلاح النفس، والاهتمام بالدعوة...

ومهما كان الإنسان، ومهما كانت همته، إلا أنه دائما يُشعِرُ نفسه بأنه مقصر، وأنه مفرِّط، وليس ذلك من أجل اليأس والإحباط، وإنما من أجل الرٌّقي ببناء النفس، وإعطائها الاهتمام الأكبر...

 

وابتداء من هذا الفصل الدراسي الجديد، نجدد العزم.. ونحُثَّ الخُطى..

لأن الإنسان مهما كانت مكانته الاجتماعية، ومهما كان سِنٌّه، يمتلك قدرات عظيمة، ومواهب جمّة سواء كان ذلك في الجوانب العملية، أو الجوانب العلمية..

ومن الجهل.. أن يجهل الإنسان مواهبه وطاقاته..

وأشد الجهل أن يعرف طاقاته ومواهبه ثم يجعلها كامنة في ذاته طول حياته..

ابتداء من هذا الفصل الدراسي الجديد نريد أن ننظر إلى الحياة نظرةً أخرى.

نظرة ملؤها التفاؤل والأمل، والعمل الدؤوب وتجاوز الخلل، وتجديد همة وعزيمة تصارع الملل...

عندما يجدد الإنسان همته مع كتاب الله - عز وجل -، سيمتلئ قلبه ووقته عندما يهتم بكتاب الله وسيعيش عيش السعداء...

في هذا الفصل الدراسي على سبيل المثال مئة وخمسين يوما تقريبا لو حفظ كل إنسان منا نصف وجه كل يوم مع قراءة تفسيره لكان المحصلة في آخر الفصل الدراسي أربعة أجزاء تقريبا، وأعتذر من ضرب هذا المثال لأصحاب الهمم لأنه لا يناسبهم هذا المثال...

نريد أن يجدد الناس همتهم بالانضمام إلى حلقات تحفيظ القرآن، سواء كان ذلك للصغار أو للكبار...

حلقة التحفيظ مهمة جدا، فهي تضبط الأوقات وتضبط التلاوات، ويكفي بأن الإنسان كل يوم في مجلس ذكر كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده)).

الله الله في حضور الحلقات، والله الله أيها الآباء في تجديد عزائم أبناءكم، وإعطاءهم المحفزات في حضورهم إلى حلقات القرآن.

 

 القرآن الكريم له أثره العظيم في إصلاح النفوس وتزكيتها، وهذا كان اهتمام الرسول - صلى الله عليه وسلم - في تربيته لأصحابه، وخير شاهد على ذلك ما قاله جندب بن عبد الله - رضي الله عنه- قال: ((كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن فتيان حزاورة فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيماناً)).

فالاعتناء بالقرآن تلاوة، وحفظا، وتدبرا، مفتاح المفاتيح التي تبني النفس الإنسانية

ومتى يكون تأثير كتاب الله فينا كما قال ذا النون؟:

مَنََـع القُـرانُ بوعـده ووعيده مُقَـلَ العيون بليلها لا تهجعُ فهموا عن المولى العظيم كلامه فهمًا تُذَلٌّ له الرقاب وتخضع

- يجدد الإنسان همته بفعل العبادات والطاعات، فنجدد الإخلاص ونجدد عبادات التوكل والخشية والإحسان والإنفاق والتدبر والتفكر..

- نجدد العهد بصيام الأيام الفاضلة..

- نجدد عهدنا بقيام الليالي.

إخواني.. أخواتي..

في القلوب جروح لا يداوي هذه الجروح إلا العبادات والطاعات..

- يجدد الإنسان همته في طلب العلم الشرعي، فوداعا للفتور في طلب العلم..

كلنا يحتاج إلى العلم الشرعي، فماذا ينفع الإنسان إذا كان في متجره أو في عمله أو بين مجتمعه بدون العلم الشرعي ورحم الله من قال حاجتنا إلى العلم أشد من حاجتنا إلى الطعام والشراب

- ابتداء من الغد نجدد هممنا في التعامل مع القراءة والإطلاع.

مشكلتنا أننا أمة لا تقرأ... وقد قيل أمة لا تقرأ لا ترقى...

إن مفتاح قيام هذه الأمة هو كلمة: ((اقرَأ)). لا يمكن أن تقوم الأمة من غير قراءة.

لهذا كان أحد المسئولين اليهود يقول: (نحن لا نخشى أمة العرب، لأن أمة العرب أمة لا تقرأ). وصدق اليهودي وهو كذوب.

مشكلتنا أنا سخرنا أكثر قراءتنا فقط للصحف، وللمنتديات، وضريبة ذلك أن يتكون لدى الإنسان ثقافة ضعيفة لا يعرف أسبابها إلا بعد فترة من الزمن.

أسرنا يغرقون في قراءة صفحات في الصحف تقلل منسوب الاقتناع بمسلمات ديننا شيئا فشيئا من غير أن يشعرون، ولذلك نجدد هممنا في إيجاد البديل المناسب وإلا فسيضيع الجيل.

الكتاب خير جليس، وتحديد الوقت لقراءة الكتاب أمر نفيس، ولذلك حدد وقتا معينا ولو كان عشر دقائق تزيد ولا تنقص خلال أيام هذا الفصل من غير انقطاع، وستجد ثمرة ذلك في آخر يوم من أيام هذا الفصل.

نريد أن نجدد هممنا بالاهتمام بأوقاتنا على كل حال..

ومعظمنا اليوم يدركون إدراكاً نظرياً ومعرفياً أن الوقت له أهميته، لكن ما هو حجم هذا الإدراك؟ وما مدى أثره في سلوكنا؟ وهل تعاملنا مع أوقاتنا ينبيء أننا ندرك بأن الوقت هو الحياة؟

كل منا يجيب على هذا التساؤل عمليا من خلال هذا الفصل القادم، حتى يكون ذلك منطلقا وتربية لنا في جميع حياتنا.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply