وقفة مع مهرجان العودة إلى المدارس


بسم الله الرحمن الرحيم

 

في البداية أقدم التهنئة والتحية لإخواني الطلبة والطالبات جميعاً ببداية العام الدراسي الجديد، وأرجو من الله - عز وجل - أن يجعله عام خير وسعادة وتفوق...

 

اعتاد الناس أن يتكلموا ويكتبوا عن التفوق وأسلوب المذاكرة في نهاية العام وقبيل الاختبارات ومع بداية الدراسة يكون حديث التفوق في طي الكتمان والنسيان وهذا يعد خطأً كبيراًº لأن تاريخ العودة إلى المدارس هو بداية التفوق وسلوك طريق النجاح وبداية البذرة حتى يأتي الثمر ناضجاً زهواً يعجب الزراع ويكون الحصاد رابحاًº لأن المدرسة هي المكان الذي يؤسس فيه الطالب علميا وتربويا ويقضي فيها معظم النهار فالأمانة عظيمةº لأنها تحتوي فلذات أكبادنا وجيل المستقبل والكل يجب عليه أن يتحمل تعهدها بالسقاية ودفع ما يحول دون نضجها وهذا ما أردت الإشارة إليه والحديث عنه لتكوين جيل نافعاً لدينه وأمته وجزى الله خيرا كل من أحيا هذا التذكير الآن.

 

أخي الطالب: لا تنسى أن لتقوى الله، والابتعاد عن المعاصي، والإقبال على الطاعات أثرٌ عظيم في الاستذكار والتحصيل، فالقلب موضع العلم، والتقوى موضعها القلب، فإذا اتقى القلب البشري خالقه أصبح صالحاً لتلقي الدروس وحفظها، والحرص على ما ينفعه، وابدأ يومك بقراءة القرآن الكريم ليفتح لك المغلق، ويتيسر لك الصعب أعاننا الله وإياك، ووفقنا وسدد على طريق الخير خطانا وخطاك.

 

ومن الضروري لبداية النجاح والتفوق أن يلتحق الطالب بنوع الدراسة التي يحبها، وقد أدرك القدماء هذه الحقيقة مثلما أدركها المحدَثون، يقول ابن المقفع: من أبواب التفوق والتوفيق في العلم: أن يكون وجه الرجل الذي يتوجه فيه من العلم والأدب فيما يوافق طاعة، ويكون له عنده محمل وقبول، فلا يذهب عناؤه من غير عناء، ولا تغني أيامه من غير درك.

وفي علم النفس في عصرنا نتحدث عن ارتباط الرغبة بالقدرة، فالشخص الذي يجد في نفسه رغبة في دراسة اللغة العربية والأدب يمتلك في الحقيقة قدرة خاصة على دراستهما، وتجعله يقبل عليها في حب ويخصص لهما ساعات طويلة، ونتيجة لهذا الاهتمام تزداد قوة هذه القدرة إلى حين وقت الاختيار العلمي أم الأدبي، وأمام باب الجامعة يعود السؤال مرة أخرى، فيجب على الأسرة أن تعمل على اكتشاف هذه القدرات منذ فترة مبكرة ثم تنميها طوال العام في فصل الصيف وأثناء الدراسة، فالنجاح والتفوق حليفان للرغبة والاهتمام والحب، ولا ينبغي للأسرة أن تفرض على الطالب الالتحاق بكلية معينة، وينبغي على الأسرة أيضاً الحذر من صدور الأحكام السريعة من نوع (ليس في عينيه ذرة ذكاء أو غبي مثل والده أو مثل أمه أو ينام كثيراًº لأنه غبي وهلم جرا من تلك الألفاظ أو التي تعلوها في البذاءة) فهذه الأقوال تؤذي ولا تفيد فضلاً عن قيامها على غير دليل موضوعي، تؤذي لأنها تصل إلى آذن الطالب ويصدقها وتسبب لديه الشعور بالنقص والتخلف، وتقتل عنده الدافع للعمل والكدح، وإنما يجب التشجيع وبحث المشكلات بحثاً موضوعياً بحيث نصل إلى نتيجة موضوعية هادفة ودخولاً في الموضوع وليقف الطالب على أسس وقواعد مهمة للتحصيل والقراءة أذكر ما يأتي:

1ـ افهم الموضوع الذي تقرؤه فهماً جيداً.. افهم العلاقات.. وضع لنفسك منذ اللحظة الأولى هذا السؤال، ما هي العلاقة بين ما أقرؤه الآن والجزء السابق من نفس الكتاب؟ وما هي العلاقة بين هذا كله وبين كتاب سابق أو موضوع سبقت لي قراءته؟ وإذا كان بعض الطلاب يلجأون إلى حفظ ما لا يفهمونه، والذاكرة هنا تسمى الذاكرة الصماء ويعيبها سرعة النسيان، فإن الأفضل الإصرار على الفهم، ولا تنتقل إلى موضوع جديد حتى تتأكد تماماً من فهم واستيعاب الموضوع الذي تقرأه.

 

2ـ اعمل باستمرار على تقوية قاموسك اللغوي واسأل عن الكلمات الغامضة بالنسبة لك، وهنا ننصح بالقراءة الحرة أثناء الصيف والعطلات والأجازات.

 

3ـ دفع حالة الملل أو التعب بالحصول على فترات راحة أولاً بأول، ولا بد من التنظيم وعمل جدول وقت توضح فيه مواعيد الاستذكار مع تنويع المواد ومواعيد راحتك.

 

4ـ يجب أن يحرص الطالب على أن يحتفظ بانتباهه يقظا ومركزاً على الموضوع الذي يشرحه المدرس أو يطالعه الطالب من كتاب فالتركيز وعدم السرحان ضروري للفهم.

 

5ـ يجب المراجعة المباشره أولاً بأول بعد نهاية اليوم الدراسي وقبيل النوم ليلاًº لأن النسيان يحدث بسبب الزمان وبعد فترة المراجعة، وتشبه المراجعة غطاء علبة السكر فلو بقيت العلبة بدون غطاء لتسلل نمل النسيان وقضى على المادة قطعه إثر قطعه.

 

6ـ إذا كانت المادة تحتوي على أشكال ورسوم توضيحية أو خرائط فيجب أن ترسم هذه الأشكال بيدك ثم تجرب رسمها بعيداً عن الكتاب مع محاولة ربطها ربطاً وثيقاً بالهدف المبنية من أجله، فإن هذه الرسوم تساعد كثيراً على الفهم، ثم إنها مفاتيح هامة للتذكر.

 

7ـ يزيد الخمول والعقاقير المهدئة من النسيان فحاول علاج الخمول طبيعياً ونفسياً وابتعد عن العقاقير، وكذلك للعقاقير دورها العام في إضعاف عملية الاستدعاء أي أنك تعجز عن التذكر إذا كنت متناولاً لدواء من الأدوية المهدئة.

 

8ـ تخصيص مكان معين للدراسة لا تهم بساطته أو ضيقه، المهم مكان محدد نظيف، هادئ، وإذا لم يتوفر المكان الهادئ في منزلك، فانصرف إلى المسجد أو أي مكان خلوي، وابتعد عن القراءة في الفراش.

 

9ـ عدم الإسراف في قراءة القصص الخيالية، وعدم مشاهدة الأفلام السينمائيةـ مع حرمتهاـ، فذلك من شأنه أن يخلق في الطالب اتجاهاً سلبياً، يعمل على تشتيت تركيزه.

 

10ـ حاول أن تعمل على حل جميع مشكلاتك قبل البدء في الاستذكار بأن تفضي بها إلى غيرك خاصة من يكبرونك في العمر والثقافة ففي الإفضاء بالمشكلة قضاء عليها وعلى حيويتها.

 

11ـ حاول أن تتخير أصدقائك وتخصص وقت للاستذكار معهم بأن تتبادلوا الأسئلة والإجابة عليها، فهذا أدعى للتذكر والتركيز، وابعد عن أصدقاء السوء الذين يثبطون الهمم والرجوع0 إلى الوراء.

 

12ـ أفضل أوقات المذاكرة التي ينبغي للطالب الحرص عليها، الأوقات التي يحدث فيها هدوء كثير، والأوقات التي لا تكون فيها المعدة ممتلئة بالطعام.

 

هذا باختصار ما أردت طرحه والله ـ - عز وجل - ـ الموفق والهادي إلى سواء السبيل وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply