مع بداية العام الدراسي الجديد لصوصية على شكل قانون


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

في إجراء خالي من أي وازع إنساني أقدم بعض نظار المدارس بطرد مئات الطلاب من مدارسهم في اليوم الأول من بداية العام الدراسي الحالي، لتبدد فرحة بداية العام الدراسي عن وجوه الطلاب الآملين بأن يكون عامهم الدراسي مليئاً بالتحصيل العلمي ومختلف عما سبقه من أعوام ذاق فيها الطلاب مرارة الواقع المؤلم بفعل ما أصابهم من تبعات الفقر والبطالة وعدم قدرتهم على العيش كبقية طلاب العالم وما أصابهم من إجراءات الاحتلال الإسرائيلي.

 

وزارة التربية والتعليم تحرم مئات الطلاب من دخول مدارسهم لعدم تسديد الرسوم الدراسية، ليتضح أن هذه الرسوم تجبى لسنوات طويلة دون أي سند قانوني على شكل \"تبرع\" حيث أن القانون الأساسي يعتبر أن المراحل الأساسية مجانية \"البند 1 من المادة 24 \"وبهذا تكون قد جمعت ملايين الشواقل غير القانونية وليصبح طرد الطلاب من مدارسهم هو القانون.

 

عائلات العمال الفلسطينيين العاطلين عن العمل واتحاد اللجان العمالية نظموا سلسة نشاطات ومظاهرات من بينها مخاطبات رسمية للرئيس الراحل ياسر عرفات طالبوه فيها بإعفاء أبناء العاطلين عن العمل من هذه الرسوم غير القانونية ووافق في حينه علي ذلك وجري تطبيق ذلك بشكل جزئي في العام 2002، وجري التنصل من قرار الرئيس واتفاقات أخري مع بعض المسئولين، ونواب في المجلس التشريعي الفلسطيني بعد استشهاد الرئيس ياسر عرفات هذا العام وما سبقه.

 

لست هنا بصدد طرح أشكال غير شرعية لجباية الأموال من آلاف الموظفين والمرضي والتجار لأدخل في نقاش ملفات الفساد، بل لأسال وزارة التربية والتعليم إذا ما أصابتهم حالة من تأنيب الضمير عندما يتم طرد طالب فلسطيني مبتهج بلقاء مدرسيه وأصدقائه في اليوم الأول من العام الدراسي الجديد، ليحكي لهم حكاية حقيبته ولباسه المدرسي، وعن المعركة التي خاضها مع والده العاطل عن العمل في سبيل الحصول علي هذا اللباس والحقيبة، وليرسم خطة هو وزملائه لمعركة أخرى مع والده العاطل عن العمل لتحصيل المصروف اليومي وثمن الدفاتر التي سيطلبها منهم مدرسيهم؟

 

هل فكر مقرري ومستشاري وزارة التربية والتعليم الفلسطينية إذا ما كان حرمان طالب من الالتحاق بمقعده الدراسي في اليوم الأول سيحتاج إلي فترة طويلة وجهد كبير ليمسح من ذاكرة هذا الطالب مشهد طرده من غرفته المدرسية، وسيحتاج لفترة أطول ليجد الطالب جوابا على سؤال \"بأي ذنب اطرد\".

 

هو بالطبع حالياً لن يسال عن سبب وجود أخيه الأكبر خارج نطاق الحرم الجامعي، ولن يسال عن وجود طلاب آخرين من جيله في المدارس الخاصة بتكاليف عالية من الدولارات، وعن سبب عدم وجود الطلاب من أبناء المسئولين في المدارس الحكومية؟، ولكنه سيسأل لاحقا عندما يكبر ويجد نفسه في مواجهة مقرري السياسات في هذا البلد فلسطين.

 

يبدوا أن مقرري السياسات المالية في فلسطين وعندما يجتمعوا لإقرار هذه السياسات يتجاهلوا الواقع المرير وتقارير الفقر والبطالة في الأراضي الفلسطينية، ويتجاهلوا نماذج التعليم المجاني في كل البلدان المتقدمة التي تجعل من المواطن الفرد اغلي قيمة لديها، وضرورة أن يسهر المسئولين حرصاً علي توفير الراحة والأمان بكل ما يشمله الأمان من معاني، ويواصل هؤلاء المقررون عمداً مع سبق الإصرار والمعرفة تجاهل وتجاوز كامل لأبسط حقوق المواطنة والقانون.

 

إذا كانت الجباية غير القانونية للرسوم الدراسية في مراحل التعليم الأساسي أصبحت قانوناً يطرد علي أساسه طالب من مدرسته، ولا يرتقي هذا الإجراء إلي مصاف الجريمة، فلا اعرف علي ماذا يحاكم المجرمون؟

 

ينبغي على وزارة التربية والتعليم ومجلس الوزراء الذي يعطي الفرصة لمثل هذه الإجراءات التعسفية، إعادة التفكير في قضية الرسوم المدرسية انسجاماً مع الواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، ويا حبذا لو قام مجلس الوزراء الفلسطيني بإعادة النظر ودراسة كافة أنواع الجباية التي يجمعها من المواطنين الفلسطينيين المكتوين بنار الفقر والبطالة، هذه الجباية التي تجمع بغير وجه حق وفي ظل التراجع الخطير على مستوىي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع الفلسطيني وتدني كبير في مستوى الخدمات.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply