عندما تصبح الحقيبة المدرسية هما


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

عام مدرسي جديد تحت القصف

الابتسامة تبدو شاخصة على وجوه طلبة المدارس في جميع أنحاء العالم في هذه الأيام القليلة التي تسبق بداية العام الدراسي الجديد، حيث من المعتاد أن يصطحب الأهل أبناءهم إلى الأسواق ليقضوا لهم حاجياتهم، ويوفروا لهم مطالبهم، ويشتروا لهم الملابس الجديدة، والحقائب الدراسية، والكتب، والدفاتر، والأقلامº وذلك لاستقبال العام الدراسي الجديد. وإلى جانب هذه الابتسامة تجد الفرحة تغمر قلوب الأهلº لأن ابنهم سينتقل إلى فصل جديد أو إلى مرحلة جديدة.

 

هذه المظاهر المبهجة التي ينعم بها طلبة المدارس مع بداية كل عام جديد، والفرحة التي تدخل قلوب العائلة في كافة مدن وعواصم الدول العربية والإسلامية والغربية..كل ذلك يفتقده الطالب الفلسطيني والأسرة الفلسطينية، نظرًا للظروف والأوضاع الخانقة التي يمر بها المجتمع الفلسطيني.

 

المجتمع ينكشف:

لقد ارتفعت معدلات البطالة ونسبة الفقر بشكل كبير جدًّاº إذ يؤكد تقرير صدر عن \"المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان\" في شهر مايو/ أيار 2001 حول الفقر في المناطق الفلسطينية، أن عدد السكان الفلسطينيين الذين يعيشون تحت خط الفقر بلغت نسبتهم 64.2%.

 

بينما يؤكد مهتمون ومتابعون لظاهرة الفقر في المجتمع الفلسطيني أن الظاهرة في اتساع متزايد، وأن الأوضاع الاقتصادية الصعبة تتفاقم يومًا بعد يوم، فقد أكدت \"اعتماد مهنا\" المستشارة الفنية في مشروع تقدير الفقر، أن الأزمات السياسية أوصلت المجتمع الفلسطيني إلى حالة من الانكشاف والحرمان المتفاقم.

 

وأشارت مهنا إلى أن نتائج المسح الذي أجراه الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء في شهر نيسان الماضي تؤكد أن الأسر التي تعيش تحت خط الفقر قد ارتفعت نسبتها من 64.2% إلى 81%، وأن نحو 55.5% من الأسر في الضفة الغربية تعيش تحت خط الفقر.

 

وأكدت مهنا أن انتشار الفقر والبطالة يرجع إلى الحصار الإسرائيلي على المناطق الفلسطينية وانعدام فرص العمل البديلة لعشرات الآلاف من العمال، الأمر الذي زاد من معاناتهم ومعاناة أسرهم وأطفالهم.

 

25% نسبة المساعدة!!

 

الحقيبة المدرسية.. هم الأسر الفلسطينية

وفي ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها الأسرة الفلسطينية يتحتم دور المؤسسات والجمعيات الاجتماعية الخيرية ولجان الزكاة، وهي الجهات التي تطلع بشكل مباشر على حال الأسر الفقيرة، وتحاول جاهدة تقديم يد العون والمساعدة. وفي هذا الإطار أكد لنا مدير الجمعية الإسلامية بغزة أن الجمعية أصبحت تستقبل بشكل شبه يومي عشرات الأسر التي تأتي لطلب المساعدة، مشيرًا إلى أن هذه الأسر بحاجة ماسة، وتمر بالفعل بأزمة ماليةº نظرًا لزيادة الأعباء وقلة الدخل.      

 

وأضاف: حضرت عندي بالأمس امرأة وأقسمت بالله أنها قطعت مسافة من ميدان فلسطين إلى مقر الجمعية سيرًا على الأقدامº لعدم توفر النقود لديها لتركب سيارة أجرة، علما أن المسافة التي قطعتها هذه المرأة تبلغ كيلومترين تقريبا.

 

وأكد مدير الجمعية أن هذه المرأة زوجها معاق، وعندها ثلاثة أولاد في المدارس بحاجة إلى رسوم وإلى ملابس دراسية ومستلزمات من كتب ودفاتر وأقلام، وهي ما لا تملك هذه الأسرة توفيرها لهم.

 

ومن جانبه، أكد الشيخ \"أحمد بحر\" رئيس الجمعية نفسها أن نحو 70% من الأسر الفلسطينية في المناطق الفلسطينية عندها أطفال وطلبة مدارس بحاجة إلى مساعدة، مشيرًا إلى أن كافة المؤسسات الاجتماعية التي تقدم مساعدات خاصة لطلبة المدارس لا تزيد نسبة مساعدتها عن 20 إلى 25%.

 

وأوضح بحر أن الجمعيات بحاجة ماسة إلى مد يد العون لها من كافة الإخوة والأشقاء في الدول العربية والإسلامية، وقال: \"نناشد إخواننا الميسرين في الدول العربية والإسلامية وفي الداخل مد يد العون للفقراء والمساكين\"، مشددًا على ضرورة التكافل الاجتماعي ومساعدة الفقراء حتى يتخطوا هذه المحنة.

 

25 ألف حقيبة مدرسية

ize: 10.0pt; line-height: 150%; font-family: Tahoma\"> 25 ألف حقيبة مدرسية

أطفال رغم كل الظروف

أشار بحر إلى أن الجمعية عملت على توفير 25 ألف حقيبة مدرسية، تحتوي كل حقيبة على عدد من الدفاتر والأقلام، وسيتم توزيع هذه الحقائب على الطلبة المحتاجين لها، مؤكدًا أن الجمعية عملت على تجهيز قائمة تضم أسماء الطلاب الأيتام والفقراء وأوائل الدnt-size: 10.0pt; line-height: 150%; font-family: Tahoma\">  

أمام كل هذه الأوضاع والظروف الصعبة يستقبل المجتمع الفلسطيني العام الدراسي الجديد الذي سيكون عبء جديد على الأهلº لما يحتاجه أبناؤهم الطلبة من مصاريف ورسوم مدرسية، ومستلزمات دراسية، حيث يقول المواطن محمد شعبان (47 عامًا): إن بداية العام الدراسي هي كارثة بالنسبة لنا. ويضيف شعبان وقد تغلبت على صوته نبرات الحزن والأسى قائلاً: عندي ثلاثة أولاد وبنت يذهبون إلى المدارس منذ ما يزيد عن ثلاثة أيام، وهم يطلبون مني أن أشـتري لهم الزي المدرسي وحقائب ودفاتر وأقلاما… إلخ.

 

وقال شعبان: أعلم أنهم بحاجة إلى هذه المستلزمات وأقوم بتصبيرهم قائلاً لهم: سأشتري لكم اليوم أو غدا أو عندما أذهب إلى السوق. وأضاف وهو يقسم بالله: والله لا يوجد معي نقود تكفي لشراء هذه المستلزمات التي أعلم أنها ضرورية وأساسية لهم وأصبرهم إلى حين يفرجها الله ويرزقنا بعمل أو أستدين بعض المال لألبي مطالبهم، مشيرا إلى أنه على الرغم من وجود هذه الضائقة المالية وعدم قدرته على تلبية احتياجاتهم فلن يظلمهم ويخرجهم من المدرسة، معتبرًا إخراج الطفل من المدرسة رغم كل الظروف- ظلما وإجحافا بحق الطفل، إضافة إلى أنه لن يجد أي عمل مناسب.

 

وأضاف شعبان: \"ما يزيد عن تسعة أشهر وأنا عاطل عن العمل\"º لأنه كان قبل الانتفاضة يعمل داخل الخط الأخضر في أراضي 48، وتمنع قوات الاحتلال المواطنين من دخول هذه الأراضي والوصول إلى أماكن عملهم.

 

وفي هذا الإطار يؤكد تقرير مركز \"المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان\" أن الإغلاق الإسرائيلي لمناطق السلطة الفلسطينية أدى إلى حرمان ما يزيد عن 120 ألف عامل من الوصول إلى أعمالهم في المناطق المحتلة عام 48، إضافة إلى توقف آلاف العمال الآخرين عن العمل في الأسواق المحلية نتيجة القيود المفروضة على حرية الحركة الداخلية بين المدن والقرى.

 

أحمد طالب وعامل؟

ومن جهة ثانية أخبرنا الطفل أحمد الشيخ (13 عامًا) الذي يضع أمامه في شارع عمر المختار وسط مدينة غزة طاولة صغيرة عليها بعض الحاجيات ليبيعها للمارة، بأن والده طلب منه أن يأتي إلى هذا المكان ويبيع هذه الحاجيات ليشتري مستلزمات المدرسة، ونظر إلينا الطفل الذي أتعبه الوقوف تحت أشعة الشمس الملتهبة، وهو ينادي بأعلى صوته الخافت على المارة ليشتروا بضاعته، وقال لنا: \"أول مرة في حياتي أبيع أو أشتري في الأسواق\".

 

وأضاف الطفل أحمد: أجبرت أن أقضي العطلة الصيفية في العملº لأن لي خمسة أخوة هم طلبة مدارس، ثلاثة أصغر مني سنًا وأخ كبير يدرس في الجامعةº لذلك قضيت العطلة الصيفية أبيع واشتري وأتعب، مشيرًا إلى أن اثنين من أخوته يبيعون مثله في أماكن وشوارع أخرى في المدينةº وذلك حتى يستطيعوا توفير الملابس والمستلزمات المطلوبة للمدرسة، إضافة إلى الرسوم الإجبارية التي يدفعها هو و أخوته للمدارس والجامعةº حيث يدفع الطالب في المدرسة الحكومية نحو 13 دولارا رسومًا للمدرسة.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply