من أوراق عجوز تحتضر


 

بسم الله الرحمن الرحيم

(لاحظت امرأة مسكينة ألقى بها أبناؤها في أحد الملاجئ.. ويرسلون لها بطاقات في الأعياد!! فكتبت على لسانها هذه القصيدة الباكية)

ومثلما تكون سنديانة عجوز

تمرّ حولها مواكب السنين

شاحبة أغصانها العجفاء

ومثلما تساقط الأوراق في الشتاء

بقيت في النساء

أنام بعد أن يقهرني النعاس والسقام

ونومتي قصيرة مخيفة الأحلام

أحلم بالذين قد مضوا لعالم غريب

وودعوا الحياة مكرهين

بحارتي..

بجارتي التي لعبت مثلها بلعبة البنات

وكم أنا سهرت مثلها تفكرا بقادم غريب

يأخذني في حضنه في فرس حبيب

وهاأنا.. تشتتت أواصري

تفرّعت.. تفرّقت بذوري التي حملتها بالحب والعذاب

رعيتها بأدمعي

سقيتها من صدري الشراب

تفرّق الأبناء.. وفارقوا منزلنا الكبير

يا بنتيَ التي قد كنتُ مثلَها..

صبيّة فائقة الجمال

لي قامة كشاهق النخيل

لحسنها يفارق المنام أعين الرجال

ولم يكن قطار عمري انتوى السفر

قد تذكرين قولتي في مقبل الأيام

إذ البياض هازئا يندسّ فيما اسودّ من شعور

إذ الغضون حول هذه الجميلة الشفاه

إذ الخطا تسير في تمهّلٍ,.. وئيدة برغمها!!

إذ الزمان هازئا يزيد في حبال قيدها

قد تذكرين قولتي يا طفلتي الحنون

إذ الزمان لم يعد هو الزمان

ولم يعد مكاننا هو المكان

والآن قد تفرّقت ولائدي!!

بنيّتي بحضن زوجها تبيت

وابني الهمام!! بحضن زوجه يبيت

وإنني وحيدة أبيت.. في عتمة الظلام

رفيقي الخواء والهواء

وصامت البيوت

وحينما يضجّ بي السكوت

أودّ لو أفارق الحياة.. لو أموت

وأن أعود للتراب من جديد

ففي التراب قد أرى الشباب

وأستريح ثانيا في حضن والديّ

وأن أرى أخيّ

يحيطني بحبه الرحيم..

يا دارنا سلام!!

فراق من مضى وغاب في الزحام..

فراق من نوى وأزمع الرحيل..

يا بيتنا سلام!!

فهاهنا مواكب تجيء بالسلام..

وها أنا.. كمثل ما يجفّ من أغصان..

يحيطني بقيده الذبول..

يصيبني الأفول..

كواقع النجوم والأفلاك في الظلام..

يضمّني المنون!!

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply