بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى وعلم الإنسان ما لم يعلم أحمدهـ على جزيل فضله وعظيم عطائه وصلى الله وسلم على من بلغ الرسالة وأداء الأمانة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين..
حديثنا اليوم خاص والى فئة خاصة فئة شرفها الله - تعالى - وجعلهم نور يهدي بهم من شاء الله من عباده فئة الحيتان في البحر تستغفر لهم فئة تجاهد في أبناء المسلمين فتصلح ما أفسده الغرب الكافر وتبني ما هدمه أعداء الدين فئة عملها بناء نفوس وتنشأة أجيال إن الحديث لكم يا أيها المعلمون والمعلمات.
فأستاذي الكريم ويا معلمتي الفاضلة: اليوم حديثنا لكم ففتحوا آذانكم وأصغوا بقلوبكم واسمحوا لنا بمشاركتكم الأجر فأنتم النور في زمن الظالمات وانتم قواد السفينة إلى بر الأمان وانتم حبل النجاة الذي يتمسك به كل حائر وهائم وضال ولأن وقف الكفار بخيلهم ورجلهم ووسائل هدمهم لإفساد شباب الإسلام وأمل ألأمه فأنتم انتم وحدكم من يواجه تلك الحشود وذلك الظلام فهم بوسائل هدمهم وطرق كيدهم يؤججون في الشباب الشهوة ويدفعون الهوى ويساندون النفس الأمارة بالسوء لكي يتحول خليفة خالد بن الوليد وشبيه سعد وقدوة أبو عبيده إلى همج رعاع لا قيمة له.
فأنتم وحدكم وقفتم في وجوههم نعم وحدكم لكن معكم الله فحديثكم الأخوي وتوجيهكم التربوي وهمستكم الحانية تتفاعل معها الفطرة التي في قلب كل إنسان، الفطرة التي فطر الناس عليها فكلامك وتوجيهك ونصائحك إذ ا خرجت من قلب صادق فأنما هي بذور في نفس الشاب والشابة تثمر ولو بعد حين..
فيا أستاذي الحبيب ويا معلمتي الفاضلة اسمحوا لنا بالحديث معكم بشكل خاص حديث لا تنقصه الصراحة تلك الصراحة التي ربما تكشف لنا بعض ما خفي أو أخفى عنا.
صراحة مثلها مثل مشرط الطبيب الذي يقطّع فيه جسد المريض وما أن يصحوا ذلك المريض ألا ويرفع يديه بالدعوات لذا لك الطبيب على جميل صنعه لأنه أنقذ حياته من مرض خطير وموت محقق..
فأستاذي الحبيب ويا معلمتي الفاضلة:
إننا نتفق جميعا أن من أصعب الأعمال هو التعليم لأنه تعامل مع بشر ولأنه تنشئة جيل وصناعة نفوس أريت أنفس أو أجل من الذي يبني وينشئ أنفسا وعقولا ولا ننجح في هذه المهنة إلا بالإخلاص نعم الإخلاص تلك الكلمة التي سهلة في نطقها وادعائها صعبة جدا في تنفيذها ومعرفة الإخلاص والمخلصين ليس بالأمر الصعب فأمة محمد - صلى الله عليه وسلم – لا تجُمع على ضلالة فغالب أنه ما أتفق الناس وخاصة من في المدرسة من إدارة ومعلمين وطلاب بل ومستخدمين وأولياء أمور على إخلاص فلان أو فلانة إلا كان حقاً وواقعاً والناس شهداء الله في الأرض ولعل كل سامع لهذا الكلام يتمنا ويدعوا الله أن يحصل على تلك المنزلة فلكل ساعي للإخلاص وكل متمني لهذه المنزلة أقول تعال معي عبر هذه الأمور والتي تساعد إن شاء الله على بلوغ تلك المنزلة.
1- تذكر نعمة الله عليك أستاذنا الحبيب ويا معلمتي الفاضلة فلقد خصكم الله - تعالى - بنعمة حرم منها كثير من الناس فكم من خريج وخريجة لم تتم فرحتهم لعدم توفير الوظيفة فتراهم متابعين بلهف إعلانات الديوان ومكاتب التوجيه وتراهم في طوابير طويلة يحدوهم الأمل إلى تلك النعمة التي تتقلب فيها ففي آخر الشهر تتسلم مرتب عال قد انتهيت من تلك المعاناة التي يعيشها كثير من الناس كل ذلك يدفعك إلي شكر هذه النعمة وتقديم ما هو أفضل إلي شباب الإسلام.
2- ومما يعين على الإخلاص تذكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: في ذلك الحديث العظيم لن تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع وذكر منهن وعن ماله من أين اكتسبه فأنت وأنتي رعاكم الله تتقاضون مرتب وأجرة مقابل أعمال وأمور تعرفونها ويعرفها الجميع انتم الذين تقدمتم وسعيتم وبذلتم الغالي والنفيس من أجل الحصول على هذه الوظيفة وهي التعليم فتعرفون أن لكل طالب وطالبة حق ويجب أن يعطى حقه ومهما غالطنا غيرنا لا يمكن أن نغالط أنفسنا ونقنع من حولنا ببعض ما نبرر فيه تقصيرنا فويل ثم ويل لمن فرط وقصر وأهمل ولم يبالي بقول الله وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكم تتعجب من يبرر تقصيره بحجج وكلام ربما يعذره البعض فما ذنب أبناء المسلمين يوم أن كان الراتب لا يغنيك والمسافة بعيدة والمدير متسيب أو متسلط والجو حار إلى غير ذلك من الأمور التي لو استقتا قلبه لأفتاه ولو بحث لنفسه عذر حقيقي لم يجد ولو كان التقصير مع أبنه لقامت الدنيا ولم تقعد.
3- ومما يعين أيضاً أن تعاملوا طلابكم كما تحبوا أن يعامل أبناءكم أو أخونكم فوا لله لو حقق كل معلم ومعلمة هذه القاعدة وعمل بها في ميدانه التعليمي لانتهاء كثير من المشاكل التي نعاني منها.
4- ومما يعين أيضاً أن كل طالب وطالبة مر عليكم من خلال مقاعد الدراسة سيذكركم ولو بعد حين فاحرصوا على الإحسان والإصلاح والبذل لهم ولقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا مات ابن أدم انقطع عمله الأمن ثلاث وذكر منهن أو ولد صالح يدعو له فهنئيا لذلك المعلم والمعلمة والذي هم المخلصين هنيئا لهم تلك الدعوات التي ترفع لهم من عشرات بل مئات من الطلاب الذين مروا عليهم من خلال سنوات خدمتهم في التعليم فالله أكبر على هذه الثمرة العظيمة والتي ينام الإنسان بل ربما يموت وذكره الطيب في كل مكان وكل بلد وأجره لا ينقطع لماذا لأنه صبر على فعل الخير فكان الجزاء العظيم من الله له إن شاء الله.
5- ومما يعين على الإخلاص الاهتمام بفئة خاصة موجودة في كل مدرسة، فيا معلمي الغالي ويا معلمتي الفاضلة وأنت تتجول في المدرسة وأنت تقف في الطابور الصباحي هل فكرت في ذلك اليتيم والذي يتجرع الم اليتم والحرمان في كل وقت وفي كل ساعة فكم ذرفت عيناه حينما تحدث زملائه عن آبائهم وكم غصت في حلقة تلك العبرات وهو واقف باب المدرسة يرقب كل طالب يجري ليصل إلى سيارة أبيه وهذا آخر أبيه واقف ينتظره عند الباب وما أن يخرج ابنه إلا ويستقبله بالقبلات والضحكات كل هذه المناظر تتكرر يوميا على ذالك الصغير اليتم فما أن يصل إلى بيته إلا ويسأل أمه لما أمي الناس لهم آباء وأنا ليس لي أب فما تملك تلك الأم إلا وتظم أبنها إلى صدرها وتقبله وتخفي دموعها عن ابنها.
فيا أستاذي ويا معلمتي ما يضرك لو بحثت عن هذه النوعية من الطلاب والطالبات وفتحتم لهم قلوبكم ورسمت فيهم الأمل بحديثك فتقول ملاطف لذاك اليتيم اعتبرني أخوك اعتبرني صديقك وتمسك يده في لمسة حانية وتقول إذا احتجت شي فلا تترد في طلبها فولله إني احبك واعتبرك مثل أبني.
الله اكبر على توفيق الله لمن خصهم الله بتلك الصفة فترى ذاك المعلم ينتظر الصباح ليذهب لكي يطمئن على طلابه فتراه في الطابور الصباحي يتجول بين الطلاب وإذا مر على ذاك اليتيم نظر إليه نظرة حانية ووضع يده على رأسه وابتسم في وجهه ابتسامة بعثت فيه الأمل وأشعلت فيه نور السعادة والأنس حتى والمعلم يتجول في ممرات المدرسة لا يحتقر الابتسامات على الطلاب والكلمات التي تعبر عن التقدير والاحترام وما أن يخرج ذالك الطالب وتلك الطالبة من المدرسة إلا ويذهب مسرعا ويرمي بنفسه إلى حضن أمه ويقول أمي الأستاذ فلان والأستاذ و فلانة أعطاني وكلمني أمي إني أحب الأستاذ فلان أمي لقد أعطاني الأستاذ هديه ويسرد لأمه تفاصيل ذلك التعامل وما تملك تلك الأم المكلومة والأرملة إلا وترفع يديها إلى السماء يا رب اللهم وفق فلان اللهم ا- رحمه الله -م ارزقه ذرية صالحة فالله اكبر على تلك الدعوات التي تخرج من قلب صادق ومن نفس مؤمنه فهنيئا لذالك المعلم تلك الدعوات وهنئيا له يوم أن حول المدرسة عند تلك الفئة من الطلاب من جحيم لا يطاق ومن هم وغم إلى روضة نظرة والى جنة باردة ينتظر الطالب الصباح لكي يذهب إلى المدرسة
بل إن همة هؤلاء المربون والمربيات تجاوز أسوار المدرسة فتراهم متابعين أحوال ِأسر طلابهم وكأنهم من أهلهم فما تمر مناسبة ولا ويشاركونهم الفرح والمرح ففي أيام العيد يهدونهم هدايا العيد بل والله إنهم إذا مرض أحد من تلك الأسر لا يذهب بهم للمستشفى إلا هؤلاء المعلمون أقصد المربون..
فيا معلمي الغالي ويا معلمتي الفاضلة كم من شاب تجرع ألم الحرمان بسبب موته أمه وأبيه وكم فتاة حارت في نفسها أسئلة وأمور خاصة لأن أمها مطلقة أو متوفيه وكم بؤس وحرمان جر إلى رذيلة وعار فلقد سقطت فتاه في أحد المدارس مغمي عليها ولما يحثوا عن السبب وجدوه الجوع وطالب في الثانوية رفض الذهاب إلى المدرسة لأنه لم يجد نعل يلبسه وطالب في الابتدائي سأل أباه في الصباح ريالين للإفطار فلم يملك ألأب ألا أن أدار بوجهه وذرفت دموعه لأنه لا يملك قيمة الإفطار لأبنه كل هذه المآسي تتكرر في أغلب المدارس فأين طلاب الجنة وأين الرحماء وأين الكرماء وأين النبلاء عن هذه المآسي كم من لقاء أسبوعي للمعلمين يوضع فيه أفضل المأكولات والمشروبات ويبقي منه ما يحتار البعض أين يذهب به فأين من يبحثون عن مجالات الخير وطرقه وربما أن البعض يتسأل أين هذه الأمور ولم نلاحظها في مدارسنا ولم يشتكي لنا أحد ولم ولم................. الخ.
فأقول إن الله - تعالى - لا يختار لهذه الأعمال إلا من أحبهم ومن أحبه الله استعمله في طاعته فكيف يفتح الطالب المحروم والطالبة اليتمية لنا قلوبهم ونحن نعامله بشراسة وغلظة وربما انتقام فما ذنبه يوم أن كان لم يعجبك شكله ولم يستطيع تنظيف هندامه وما ذنبه يوم كنت فاقد لمعني التربية والتعليم فعمرك بالمهنة زمن طويل والطريقة واحدة تفرح بالانصراف من المدرسة وتحزن بالقدوم إليها في أن بعض المعلمين والذي يستحقون ذلك الشرف تضيق عليهم أنفسهم في الأجازة لأنه ينقطع عن رسالة هادفة وعمل سامي فتراهم لا يشتكوا من تعاليم الوزارة ولم يتظجروا من متابعة الإدارة حملوا هم الآخرة فكفاهم الله هم الدنيا.
قال الشاعر:
الناس بالناس ما دام الحيــــاة بهم *** والسعد لاشك تارات وتارات
وأفضل الناس ما بين الورى رجـــل *** تقضى على يده للناس حاجات
واشكر فضائل صنع الله إذ جُعلت *** إليك لا لــك عند الناس حاجات
قد مات قوم وما ماتت مكارمـــهم *** وعاش قوم وهم في الناس أموات
ومما يعين على الإخلاص: محاسبة النفس وسؤالها فما موقعك في المدرسة وما مكانك في جانب الإصلاح فكم طالب وطالبة لولاك لضل ولولاك لكان عضوا فاسد في المجتمع وكم من نتيجة ايجابية تحققت بفضل من الله ثم منك وماذا لو انتقلت من المدرسة من سيفقدك ومن سيبكي عليك أم أنك في المدرسة لا يرى منك إلا رسمك ولو انتقلت منها لم يفقد إلا ذاك الإنسان الذي نراه يتجول في المدرسة وما هي إلا أيام وتنتهي ذكرياتك في نفوس وعقول طلابك.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد