ما هي قصة العام الهجري ؟


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - قصة العام الهجري.... وفيها قصة النبي الأمي محمد - صلى الله عليه وسلم - وصحابته وهجرتهم.

 

ففي كتاب الله القرآن الكريم ذكرهم الله...

بسم الله الرحمن الرحيم

( مٌّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاء بَينَهُم تَرَاهُم رُكَّعاً سُجَّداً يَبتَغُونَ فَضلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضوَاناً سِيمَاهُم فِي وُجُوهِهِم مِّن أَثَرِ السٌّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُم فِي التَّورَاةِ وَمَثَلُهُم فِي الإِنجِيلِ كَزَرعٍ, أَخرَجَ شَطأَهُ فَآزَرَهُ فَاستَغلَظَ فَاستَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعجِبُ الزٌّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنهُم مَّغفِرَةً

وَأَجراً عَظِيماً ) [الفتح: 29]

 

وخلّد الله جل جلاله - تعالى -وتكبر ذكرهم في كتابة الكريم:

بسم الله الرحمن الرحيم

( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحسَانٍ, رَّضِيَ اللّهُ عَنهُم وَرَضُوا عَنهُ وَأَعَدَّ لَهُم جَنَّاتٍ, تَجرِي تَحتَهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الفَوزُ العَظِيمُ ) [التوبة: 100]

 

وأيضاً: بسم الله الرحمن الرحيم

( لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ العُسرَةِ مِن بَعدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ, مِّنهُم ثُمَّ تَابَ عَلَيهِم إِنَّهُ بِهِم رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) [التوبة: 117]

 

وأيضاً: بسم الله الرحمن الرحيم

( لِلفُقَرَاء المُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخرِجُوا مِن دِيارِهِم وَأَموَالِهِم يَبتَغُونَ فَضلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) [الحشر: 8]

وكان وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم بأنهم الخيرة والأفضلية على سائر القرون إطلاقاً.. \" خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم \" صحيح بخاري

فقد كانوا مشاعل النور والهدى وقدوات الفداء والتضحية في سبيل الله.

وفي الصحيح: النجوم أمنة السماء، فإذا ذهبت النجوم أتي السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتي أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتي أمتي ما يوعدون \" صحيح مسلم

والمعنى من هذا الحديث أن الحفظ للأمة هو حفظ الصحابة لدينها، فقد بلّغوا الرسالة، وأدّوا الأمانة وحفظوا القرآن والسنة، ولو فرّطوا فيهما لما وصل الدين إلينا سالماً محفوظاً بحفظ الله - تعالى -. وما زال العلماء حتى هذا الزمان يحثوننا على البحث والنظر في سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - و سيرة صحابته رضوان الله عليهم، فكيف لا وهم الأخيار الذين إصطفاهم الله كي يكونوا بصحبة خير البشر وسيدها و الشفيع المشفع بل والهادي و الأمين والنذير والمبشر... فهاهو إبن مسعود - رضي الله عنه - يقول واصفاً أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - \" من كان منكم متأسياً فليتأس بأصحاب النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -. فإنهم كانوا أبرّ هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً، وأقومها هدياً، وأحسنها حالاً، قوماً اختارهم الله لصحبة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وإقامة دينه فاعرفوا لهم فضلهم وأتّبعوهم في آثارهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم \"

 

فكيف كانت بداية الدعوة لنقرأ قصة بداية الدعوة بإيجاز...

في يوم الإثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل سنة 570 ميلادية كان مولد النبي الأمي - صلى الله عليه وسلم -، ولما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - الأربعين سنة، بعثه الله بشيراً ونذيراً ورحمة للعالمين في وقت وحينٍ, كان الضلال منتشراً و تحريف الديانات بالشرك والوثنية... وفي تحدث الرهبان والأحبار من النصارى واليهود بأنه قد حان الوقت لظهور النبي لآخر الزمان حسبما يعلمونه في كتبهم وكانوا يعتقدون بأنه من إسرائيل وبعضهم يعتقد بأنه خارجاً بين بلاد مصر و الشام والعراق، وكانوا يجوبون الأرض بحثاً عنه وبحثاً عن أي دليل كي يلتحقوا به......

 

وحين بدء دعوته - صلى الله عليه وسلم -، بدء بالدعوة سراً إلى الله فأسلمت جماعة قليلة من الرجال والنساء كانت أولهم أمنا خديجة وآل بيته، وإستمرت الدعوة السرية قرابة ثلاث سنين وكانت حصيلتها ما يقارب الأربعين رجلاً وإمرأة فقط...... وبرغم قلة عددهم كانوا تلك اللبنات القوية والعظيمة والشديدة الثبات التي قام عليها صرح الإسلام العظيم....

 

وكانت تلك الدعوة تحتضن كل الشرائح من ضعيف و قوي، من غني وفقير، من رجل وإمرأة، من عبدٍ, وحر.. وكان معظمهم من الشباب فالشباب أقدر على التأثر والتأثير.. والمقاومة والتغيير.. والتضحية والعطاء..

حتى بدأت مرحلة الجهر بالدعوة في السنة الرابعة للبعثة أي بعد ثلاث سنين حتى أمر الله نبيه أن يصدع بما جاءه من الحق ففعل.... ولاقى - عليه الصلاة والسلام - وأصحابه صنوف الأذى والعذاب من مشركي مكة ما لا يحيط به وصف ولا بيان.... وكان من أبرزها حصار قريش للمسلمين في شعب إبي طالب وذلك في السنة الثامنة من البعثة... حينها كانوا قد وضعوهم في مكان بين الجبال عقاباً لهم كي يتركوا دينهم...  

 

وقبلها قد أشار الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه إلى الهجرة إلى الحبشة فراراً بدينهم من الأذى والتعذيب

فكانت هجرتان:

الأولى: السنة الخامسة للبعثة...

الثانية: السنة السابعة للبعثة... وما لبث الرسول - صلى الله عليه وسلم - في السنة العاشرة للبعثه أن خرج للطائف إلتماساً لنصرة ثقيف.. لكن الله لم يرد لأهل الطائف الكرامة فقد آذوه ورفضوا نصرته.. فرجع مكة ودخلها بجوار أحد المشركين المطعم بن عدي...

 

حتى دخلت السنة الحادية عشرة من البعثة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقوم بدعوته لله لا يفتر عن ذلك .

فلما اقترب موسم الحج من تلك السنة راح - صلى الله عليه وسلم - يستعد لدعوة الوفود والقبائل التي ترد مكة كما كان يفعل في كل عام منذ بدأ الجهر بالدعوة.. واستمر حتى تلك السنة فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلما إجتمع الناس بالموسم أتاهم يدعو القبائل إلى الله وإلى الإسلام... ويعرض عليهم نفسه وما جاء به من عند الله من الهدى والرحمة.. ولقد ظل - عليه الصلاة والسلام - يبحث عن أرض يقيم عليها دولة الإسلام حتى التقى في السنة الحادية عشرة بجماعة من أهل يثرب من الخزرج أراد لهم الله الخير والخيرة إلى يوم الدين.. فسارعوا إلى الإيمان به وصدّقوه ثم  عادوا إلى قومهم يدعونهم إلى أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - فاستجابوا وقدموا إلى مكة في المواسم التالية وبايعوه في العقبة مرتين...

 

سميت بيعة العقبة الأولى وكانت في السنة الثانية عشرة للبعثة.. فيها التقى الرسول - صلى الله عليه وسلم - إثني عشر  رجلاً قدموا من المدينة. جاؤوا مسلمين مصدّقين، فبايعهم - صلى الله عليه وسلم - وكانت البيعة تدور حول محور التوحيد والتوبة من المعاصي.. فلما انصرفوا ارسل النبي - صلى الله عليه وسلم - الصحابي مصعب ابن عمير -رضي الله عنه- معلماً لهم.... وراح مصعب يدعوا فيها عاماً كاملاً فأصبح كل بيت قد ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

 

حتى كانت البيعة الثانية فكانت في السنة الثالثة عشرة للبعثة وسميت بيعة العقبة الثانية وفيها خرج عدد كبير

من المسلمين من المدينة قارب حوالي ثلاثة وسبعين رجلاً وامرأتين فالتقوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم – عند العقبة وبايعوه عن قومهم على ان يهاجر هو و أصحابه اليهم ويقوموا بحمايته وحماية اصحابه ولا شرط مقابل

ذلك إلا جنة الله ورضاه...

 

الهجرة إلى المدينة كانت السنة الثالثة عشرة للبعثة. أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - اصحابه بالهجرة إلى المدينة ثم لحق بهم بعد التأكد من ذهابهم جميعاً وكان وصوله في الثاني عشر من ربيع الأول من السنة الثالثة عشرة للبعثة وقد أتخذت هذه السنة فيما بعد مبدءاً للتأريخ الإسلامي.....

 

فقد كانت هذه الهجرة فرقاناً بين الحق والباطل والضعف والقوة مكنت سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - أن يقوم بإرساء أسس أول مجتمع قائم على شريعة القرآن الكريم ويقيم دولة العقيدة. فقد إكتملت في المدينة العبادات ونزلت في القرآن أحكام الإقتصاد، ونظمت الأحوال الشخصية وقوانين العقوبات، ونظمت علاقات المجتمع

المسلم مع سائر المجتمعات، فيما يسمى اليوم (العلاقات الدولية)... وقد ساهم كل صحابي في هذا البناء المتكامل فأدى المهمات التي كلف بها ولعب دوره المتميز.... وتباينت الأدوار وفق المواهب والظروف.

 

وكان من أهم ما حدث بعد الهجرة هو قيام دولة الإسلام على أسس ثلاثة: بناء مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

ثم عقد الإخاء بين المهاجرين والأنصار وكتابة الصحيفة أو دستور المدينة وكان كل ذلك في العام الأول الهجري.

ثم في العام الثاني كانت بدء المواجه للوثنية واليهودية والرومانية والإشراك فكانت غزوة بدر الكبرى وكانت للعام الهجري الثاني.

ثم كان إجلاء يهود بني *** قـيــنـُــقـَاع عام إثنان للهجرة.

 

ثم غزوة اُحد للعام الثالث للهجرة.

ثم إجلاء يهود بني النضير عام أربعة للهجرة.

ثم غزوة الخندق (الأحزاب) للعام الخامس للهجرة.

ثم صلح الحديبية للعام السادس للهجرة.

ثم بدء الرسائل إلى الملوك والحكام للعام السابع للهجرة.

ثم عمرة القضاء للسنة السابعة للهجرة.

ثم فتح خيبر للعام السابع للهجرة.

ثم معركة مؤتة للعام الثامن للهجرة.

ثم فتح مكة للعام الثامن للهجرة.

ثم غزوة حـُـنـَين للعام الثامن للهجرة.

ثم غزوة تبوك للعام التاسع للهجرة.

وفي السنة التاسعة للهجرة نزلت سورة براءة تنهي الوجود الوثني والإشراك إلى الأبد في الجزيرة العربية وتأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتالهم حتى يعبدوا الله وحده لا شريك له وأن يبلغ حجاج المشركين في منى ما نزل من القرآن فبلّغوه قبائلهم... فأقبلت الوفود من مختلف أنحاء الجزيرة العربية لتبايع النبي على الإسلام  وسمي ذلك العام عام الوفود.. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرسل مع الوفود من أصحابه من يعلمهم أمور

الدين وينشر الدعوة في أرضهم. ولقد كانت السنة التاسعة حركة دائبة وجهوداً متكاملة لنشر الإسلام وضمان استقراره فوق الأرض وداخل النفوس حتى حجة الوداع السنة العاشرة للهجرة وبعدها... جاءت لحظة الفراق وأي فراق...

فهاهي السنة الحادية عشر للهجرة وفي أواخر صفر من السنة الحادية عشر للهجرة إختار النبي - صلى الله عليه وسلم - لقاء ربه.. فما كان في المدينة يوماً أظلم من هذا اليوم... لكنه خلّف لأمته سر الهدى ومفاتيح الإنتصار إنه كتاب الله القرآن الكريم وسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - وترك أمانة التبليغ ونشر الرسالة الأخيرة في أقطار الأرض في أعناق أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبايع المسلمون أبا بكر الصديق لخلافة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبدأت حينها الخلافة الراشدة.

 

لم تمض فترة قليلة على وفاته - صلى الله عليه وسلم - حتى إشتبك المسلمون في صراع رهيب مع الوثنية فيما

عرف بحروب الردة وفي صراع مع الفرس والروم الذين وقفوا في وجه إنتشار التوحيد خارج الجزيرة العربية ولكن الرجال الذين رباهم المصطفى - صلى الله عليه وسلم - نهضوا نهوض الابطال وقضوا على الردة وعلى الوثنية في جزيرة العرب إلى ان تقوم الساعة وإنطلقوا ينشرون التوحيد والحق والعدالة في ربوع الأرض وماهي إلا سنوات قليلة حتى ملء البر والبحر ولم يمض قرن من الزمان حتى انتشرت رسالة التوحيد لتعم قسماً كبيراً من المعمورة.

اللهم صل وسلم على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه حملة الأمانة وقادة الفتح والنصر المبين.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply