مع العيد .. دعونا نرى في العالم ما نحب


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

يبدأ الهلال صغيراً جداً، لا يكاد يراه إلا عدد قليل من الناس..يخبر الشاهد الغائبين يصدق منهم من يصدق ويشك منهم من يشك.. يمر يوم أو يومان فما يلبث أن يراه من يلتفت إليه وهو بعدُ صغيراً.. يتجاوز الهلال هذا الحد فيضيء الأرض المظلمةº فلا يحس به ذاك الناظر إلى العلا فحسب بل يشعر به من يهديه نوره سبيله وممشاه، ولا حاجة لمن يمد البصر إلى السماء إلا لمزيد من النور ساعتئذ، فالقمر لا يحتاج إلى برهان إذ سُمي بالأساس قمراً لأنه يقمر الوجه ـ أي يبيضه ـ، فبياض الوجه دليل وجود القمر كما نور الوجه علامة الإيمان، وحين تخالط بشاشة الإيمان القلوب ترى مع انبلاج خيط الهلال الأول (في منزل الشرَطان أول منازل القمر) مبشرات اكتمال القمر، ومع العيد تأتي مبشرات العزة والرفعة لهذه الأمة، فدعونا اليوم ـ ونحن معنيون بالسعادة والفأل ـ أن نرى من العالم من حولنا ما نحب أن نراه من دون أن نجافي الحقيقة أو نخدر العقول:

 

• لقد استاء المسلمون كثيراً من تصريحات بابا الفاتيكان التي زعم فيها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأت إلا بالشر ـ على حد فريته ـ وأن الإسلام جاء إلى العالم قسراً عبر السيف والعنف، ومع استيائنا ربما تجاوزنا أحد محركات هذه التصريحات وهي انزعاج أوروبا الشديد من انتشار الإسلام في أوروبا لا بحد السيف وإنما بقوة الحجة والبرهان التي جعلته يقفز فوق كل ألم ويسجل أعلى معدلات انتشار في العالم كله وأوروبا بوجه خاص، واللافت أنه ينتشر في قلب أوروبا بقوة الآن فيما السيف تحركه الكنائس الأوروبية والأمريكية لنشر معتنقات الغرب المسيحي الدينية واللادينية في بلادنا ومع ذلك تبوء أفعالها بالفشل الذريعº فلا التنصير ناجح رغم المليارات التي تنفق عليه، ولا الشرق الأوسط الجديد أو الكبير قد عرف طريق التحقيق. إن أوروبا التي يبلغ فيها تعداد المسلمين فيها ما يماثل دولة إسلامية كالسعودية، باتت تدرك حجم الخطر لا من الخارج بل من الداخل أيضاً حيث الإسلام مرادف الخطر والانزعاج لديها، لذا فتفسير الهياج البابوي يعود ـ فضلاً عن الدوافع السياسية الأخرى ـ لهذا النور الذي يحاول البابا وأعوانه إطفاءه بأفواههم فيبوؤون باستمرار بالفشل، فكان الهياج والصراخ الذي سمعنا..

يبدأ الهلال صغيراً جداً، لا يكاد يراه إلا عدد قليل من الناس.. يخبر الشاهد الغائبين يصدق منهم من يصدق ويشك منهم من يشك.

 

• تعددت صور الاعتداء على الحجاب والنقاب من تصريحات الساسة إلى هجوم أقزام الإعلام والصحافة، واتسعت رقعة العداء للفضيلة من بريطانيا حتى تونس مروراً بمصر وغيرهم، فوزير الخارجية البريطاني السابق جاك سترو يكتب أكثر من مقال يبدي فيه انزعاجه من النقاب وحؤوله دون تفهم الطرف المقابل أثناء الحديث.

ووزير تونسي يبدي رفضه للحجاب وتتبعه صحيفة الحدث التونسية البذيئة فتصف المحجبات بـ \"العاهرات \" قائلة \"أن الحجاب هو في المجتمعات الشرقية لباس العبيد من النساء و ليس الأحرار\"، وتمنع السلطات الطالبات المحجبات بالقوة من دخول الجامعة وتحاكم من يتضامن مع قضيتهن.

 

 ويتصدى رئيس جامعة حلوان المصرية بعنترية مبالغ فيها لمنتقبات من دخول المدينة الجامعية.

و\"تشمئز\" سعاد صالح ضيفة البرامج الدينية المتعددة من مشهد المنتقبات، وتتعدد الصور الهزلية، ويغضب المسلمون، وفي أوج الغضب نتجاوز الدلالة الحسنة في المشهد القاتم وهي بزوغ فجر التدين للحد الذي يجعل كثيرين يخشون انتشاره الكبير الذي أزعج حتى وزير بريطاني لم يكن يصادف من قبل هؤلاء النسوة فصار تكرار المشهد أمامه يثير حفيظته، وصار القانون التونسي الجائر على الدين والحريات في آن معاً يئن من صفعات المحجبات له وقد كانت تونس تفاخر قبل سنوات أنها نجحت في حسر ظاهرة الحجاب بين نسائها.

 

• ومن يرى المساجد الكبيرة بالبلدان العربية في صلوات القيام والفجر وغيرهما يدرك كم غدت مشاهد عشرات الآلاف يؤمون المساجد مصدر أرق شديد لدوائر الاستخبارات الغربية، ما يجعلها توحي إلى جهات إعلامية بإثارة زوابع حولها والطلب من المعنيين الحد من ظواهر الاعتكاف والمكث في المساجد التي لم تعد حكراً على فئات معينة، ويوقن أن محاولات حرف الشعوب عن أصولها وإن نجحت بعض الشيء إلا أنها لا تسجل نجاحاً وافراً، لا بل إنها تقلب الطاولة في مجالات عدة في وجه مطلقيها.

 

• ومن يطالع نشرات الأخبار، رغم أنه سيجابه بسيل عرم من الأخبار السيئة، إلا أنه سيلمس أموراً تدعوه إلى التفاؤل من بينها:

1 ـ أن معظم ما سعت الولايات المتحدة إلى تحقيقه في العراق قد اصطدم بصخرة المقاومة العراقية التي جاءت على موعد مع التاريخ لتقوض أركان الإمبراطورية الأمريكية برغم أن كل العوامل السياسية والعسكرية والاقتصادية في العراق ضدها، بدءاً من الطابور الخامس الداخلي، إلى الأجهزة السلطوية التي هيمنت عليها دولة إيران المجاورة وانتهاء بالدولتين الانفصاليتين في الشمال الكردي والمدعومة من \"إسرائيل\" والجنوب الشيعي المدعوم من إيران، مروراً بالهيمنة الاقتصادية الخارجية على النفط العراقي وعمليات التركيس الطائفي الممتدة في ربوع العراق. وبرغم كل ما تقدم فإن المقاومة العراقية وهي تستقبل العيد قد جعلت الجمهوريين يساقطون من موكب الرئيس الأمريكي وإدارته التي أوشكت أن تعلن رسمياً هزيمتها العسكرية والسياسية بعدما أعلنتها المقاومة نيابة عنها عبر مستوى عالٍ, من التخطيط والاستراتيجية العسكرية التي أذهلت الأعداء كما الأصدقاء.

 

2 ـ أن حالة التمدد الأطلسي على حساب الاحتكار القيادي لقوات الاحتلال (التحالف) في أفغانستان أكبر دليل هذا العيد على أن الولايات المتحدة قد قهرت ودفنت أنفها في تراب أفغانستان التي أضحت معها المقاومة الأفغانية أكبر رقم فاعل في السياسة الأفغانية، جعلت حظوظ الرئيس المعين قرضاي في الاستمرار تزداد تضاؤلاً كلما خسر مديرية أو اغتيل حاكم تابع له أو هرب من مقره، وكلما انضمت فئام من الجنوب والشرق الباشتوني، وحتى في قلب كابول إلى المقاومة الواعدة، وهذا كله يلثم وجه الإمبراطورية التي أعلنت حرباً صليبية، فأذاقها الله لباس الهزيمة في كل مكان.

 

3 ـ حالة التماسك والقوة التي تتبدى بها المقاومة الفلسطينية برغم كل ما يحاك ضدها والمكر الكبار الذي يلف أعناق وقبضات المقاومة وحركاتها الأبية لهو أكبر دليل على أن المشروع الصهيوأمريكي آخذ في الأفول وأن أذنابه ساقطون في حمئة العار والهزيمة السياسية والعسكرية، بل وما يبدو عليه الشعب الفلسطيني من وعي لافت وذكاء فطري جعله لا ينخرط في الثورة على الحكومة الفلسطينية برغم كل المحفزات الداخلية والخارجية لإحداث ذلك، لدليل دامغ على حياة هذه الأمة ووعيها والتفافها حول قياداتها الحكيمة متى وجدتها، وأن شعوبنا نظلمها حين نصمها باللهاث خلف لقمة العيش وتنكب طريق المبادئ، فالخبز لا يسبق المقاومة ولا الكرامة..

 

كل ما تقدم يعني أن في أسفل الكوب ما ينبغي أن نراه ونحن نعالج آلامنا وأتراحنا، وأن هذه الأمة تخطو إلى الأمام وإن بدت بطيئة، لكن وجود مظاهر للنهضة والارتفاع في خضم هجمة غير مسبوقة على هذه الأمة يعبر عن أن حالتنا لا تعبر عن أزمة ولا مأزق وإنما نكبو ككبوة جواد سرعان ما سيقوم ويركض إلى الأمام متفرداً في ساحة الانتصار.. \"والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون\"

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply