سنبتسم رغم الألم


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

لا شكَّ وأن الغيوم السوداء المتلبدة فوق سماء الأمة تشي بآلام عميقة لا تخفى على صاحب عقل وإدراك..

حروبٌ ونزاعات، أوبئةٌ ومجاعات، فقر وضعفٌ وانهيار بنيان مبادئ وأخلاق..

كلها أسباب كفيلة بانتزاع البسمة من على شفاهنا..

ولكن.. ما العمل؟ والعيد أتانا طارقاً الأبواب؟!

قد جعلهُ الله - تعالى -لنا نافذة فرح نطلّ بها على الآلام فنبتسم رغم الدموع..

وقد جعله مساحة هدوء للنفس، تستروح فيها جمال الوصول بعد تعب عبادة، ومواصلة مسير، كمكافأة قيّمة استحقّها كلّ من سار على الطريق..

نتأملُ القلوب المهتمة بأمر الأمة فنجدها قدّ شقّ عليها استقبال فرحٍ, في لجج حزن وآلام، قد انزوت في زاوية مظلمة، وغلّقت النوافذ والأبواب، فنحزن لأجلها أيّما حزن وقد خالفت الوصيّة النبويّة في توجّب الفرح أيام العيد..

ونتأمل قلوباً أخرى قد شغلتها هموم الدنيا، فهذا يشكو فقره، وذاك يبكي حاله، وثالثٌ محرومٌ ورابع متألم مريض..

ننظر إلى هؤلاء وقد آلمنا ضياع الفرح على عتبات حزنهم، ونقترب منهم رويداً، نهمس لهم كيف يصنعون البسمة من وحي العيد..

إن زاركم العيد يوماً فتبسموا، فأنتم تتلقون هديّة الرّحمان بجمال آسر، وهل تتلقّى الهدايا بعبوس وانزواء؟!

افتحوا أبوابكم مشرّعة للأمل، استقبلوا كلَّ الوافدين، ألقوا السلام وتلقّوه، فليس أروع من سلام نتبادله في هذا الوقت العصيب.

أسعدوا الأطفال، واشتروا ابتسامتهم بالغالي والنّفيس، لا تبخلوا على بسمة طفل، لا تدفنوها خلف الشفاه، بل استدعوها لحفل بهجة تصنعوه معاً..

دعوهم يفرحوا بانتقاء الثياب بأذواقٍ, طفوليّة، أوكلّوا إليهم مهمّة تعليق الزينات.. كي يخبر المكان عن الفرح دون كلام..

وزّعوا الحلوى عليهم والنقود، علموهم معنى البذل، واجعلوهم يقدّموا الصدقات بأيديهم، أخبروهم بأن الله يتقبل صدقاتهم بيده وينميها لهم..

دققوا النظر في أعينهم، ستجدون كلاماً أكبر من أن يقال!

اطرقوا أبواب أرحامكم التي لم تعتادوا يوماً أن تطرقوها، فاجئوهم ببسمة ودّ، وهدايا خير، وتكفي في نظرهم الأمنيات المخلصة، تنبع من كلمة.. (كلّ عام وأنتم بخير)..

اجمعوا من حدائق السرور أغلى زهور، ادخلوها على كلّ بيت تزورونه، ولا تنسوا بيوتكم، جملوها بالمودة والأمان.. ولتشرق شمس المحبة كلّ يوم من ذات البيوت..

وارفعوا الأكف لله ضارعين، اشكروه على نعمائه، وعلى عونه بأن سددكم فبلَّغكم رمضان وأعتقكم، ولم يجعلكم في فئاتِ المحرومين..

والدليل وجودكم الآن بيننا، بإشراقة نورٍ,، بقلبٍ, يخفقُ حبَّاً من جديد..

لا تعتقدوا أنَّ العيد حلوى، وزينة وثوب جميل..

العيد فرح نهديه، وبسماتٌ نزينها بالصدق، ودفء عاطفة يتجدد، وأرواح تتحد، تنطلقُ بفرح إلى الفجر الجديد..

وكلَّ عامٍ, وأنتم بخيــــــــر..

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply