تميز المسلمين بأعيادهم


بسم الله الرحمن الرحيم

 

لقد منَّ الله على المسلمين بأعياد ثلاثة: يوم في كل أسبوع (الجمعة) ويومين في كل سنة (عيد الفطر والأضحى)º يفرحون بهما بما أفاء الله عليهم من نعم وفضل، فكلا العيدين بعد إكمال عبادتين عظيمتين، ففي عيد الفطر يفرح المؤمنون بإكمال صومهم، وتوفيق الله لهم في قيام شهرهمº وفي عيد الأضحى يفرحون بحجهم، ويتذكرون ما سلف من تاريخهم، فيكثرون من عمل الخيرات، وتقديم القربات والمساهمة في المبرات، يدفعون عن الفقراء غوائل الفقر وكارثة العوز، وهم بذلك يتأسون بنيهم - صلى الله عليه وسلم -، ويتميز المسلمون بتلك الأعياد عن عائشة - رضي الله عنها - قالت دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث قالت وليستا بمغنيتين فقال أبو بكر أمزامير الشيطان في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك في يوم عيد فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا) [صحيح البخاري (1/324)] وللعيد أحكام وآداب ينبغي لكل مسلم الاطلاع عليها للإتيان بالمندوب والمستحب وللاجتناب عن المنهي والمنكرات، وفيما يلي نشير إلى ذلكم باختصار:

 

أحكام العيد

صومه:

يومي العيد أيام فرح وسرور وأكل وشرب ومواساة الفقراء وصلة الأرحامº لذا ورد نص على تحريم صومه لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صيام يومين يوم الأضحى ويوم الفطر [صحيح مسلم (2799)].

 

حكم صلاة العيدين:

ذهب بعض أهل العلم إلى وجوبهاº لقوله - تعالى -: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانحَر} ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يتركها ولا مرة واحدة، بل أمر بإخراج النساء من البيوت لشهادتها، بينما من أهل العلم من ذهب إلى أنها فرض كفاية، وأقلهم من قال: أنها سنة مؤكدة.

وهي كالجمعة في شروط الوجوب والصحة عند كثير من أهل العلم فيما عدا الخطبة، فلا تقام إلا حيث تقام الجمعة. الإنصاف للمرداوي ج2/ص420، المجموع ج5/ص4،.الفروع ج2/ص109، الفروع ج2/ص109، الفروع ج2/ص109، الإقناع للماوردي ج1/ص54

تجب صلاة العيدين على من تجب عليه الجمعة، وقال جمهور العلماء إن وقت العيدين يبتدئ عند ارتفاع الشمس قدر رمح بحسب الرؤية ويمتد إلى ابتداء الزوال.ويصلى العيدان في الحضر والسفر جماعة وفرادى.الروض المربع ج1/ص304

، المجموع ج5/ص4، حاشية ابن عابدين ج2/ص166، الدر المختار ج2/ص166، ارتفاع الفروع ج2/ص109

 

صفة صلاة العيد

صلاة العيدين ركعتان ركعتان تمام غير قصر، فهما أول شيء يبتدئ به الإمام في العيد، لفعله - صلى الله عليه وسلم -. ويكبر سبع تكبيرات في الركعة الأولى وخمسا في الآخرة سوى تكبيرات الركوع، ويرفع يديه مع كل تكبيرة، ولا يقضي المسبوق تكبيرات الزوائد بل يتابع الإمام من حيث أدركهº لأنها سنة فات محلها كالاستفتاح. يكبر الله ويثني عليه ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - بين التكبيرات استحباباً عند بعض أهل العلم.

ويقرأ بعد الفاتحة في الأولى بـ {سبح اسم ربك الأعلى} وفي الثانية {سورة الغاشية}، أو سورة (ق) في الأولى و(القمر) في الثانية لفعله - صلى الله عليه وسلم -.

ثم يخطب الإمام بعد الصلاة لحديث أبي سعيد: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم فإذا كان يريد أن يقطع بعثاً قطعه، أو يأمر بشيء أمر به.. رواه البخاري 956.

والأفضل الاستماع للخطبة لما فيها من المواعظ والإرشادات ولكن يرخص الذهاب لمن أحب بعد الصلاة مباشرة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب). إرواء الغليل3/96.

لا تشرع نافلة في مصلى العيد قبل ركعتي العيد ولا بعدهما بل يشتغل بالذكر حتى يخرج الإمام لعدم ورودها. سنن أبي داود (1301).

يدخل العيد برؤية هلال شوال أو استكمال رمضان، وإن غُمّ هلال شوال وأصبح الناس صياما ثم ثبت الهلال يفطروا من يومهم ثم يخرجوا للعيد في اليوم الثاني، لفعله. رواه الخمسة، صحيح: الإرواء 3/102، ومن فاتته صلاة العيد فالراجح أنه يجوز له قضاؤها ركعتين.

يخرج العواتق وذوات الخدور والحيّض ليشهدن الخير ودعوة المسلمين ولكن تفلات غير متبرجات ولا متطيبات، ويعتزلن المسجد والمصلى لأمره - صلى الله عليه وسلم - بذلك. صحيح البخاري 324

 

آداب العيد:

يشرع للعيد جميع آداب المندوبة للمسلم من غض البصر والسلام على من عرف ومن لم يعرف وغيرها إضافة آداب حضور الجمعة والجماعات، ويسن له في العيد المشي والاغتسال وأكل تمرات قبل الخروج في عيد الفطر، والعكس صحيح في الأضحى، وأن يخالف الطريق، والتكبير من السنن العظيمة في يوم العيد: {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون}، ويجهر بها الرجال دون النساء، ويبدأ وقته باستكمال رمضان ثلاثين يوما أو رؤية هلال شوال، وينتهي بالشروع في صلاة عيد الفطر.

ومن آداب العيد التهنئة الطيبة التي يتبادلها الناس فيما بينهم أياً كان لفظها مثل: تقبل الله منا ومنكم أو عيد مبارك وما أشبه ذلك من عبارات التهنئة المباحةº لفعل الصحابة. قال ابن حجر إسناده حسن، الفتح 2/446

ومن آداب العيد التجمل بلبس أحسن الثياب والتطيب حسب الإمكان للرجال، وإن خصص للجمعة والعيد بلبس فحسن إذ قد كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - جبة يلبسها للعيدين ويوم الجمعة. صحيح ابن خزيمة 1765

 

تنبيهات على بعض الأخطاء:

- لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إحياء ليلتي العيد بشيء، قال ابن القيم في هديه - صلى الله عليه وسلم - ليلة النحر من المناسك: (ثم نام حتى أصبح ولم يحي تلك الليلة ولا صح عنه في إحياء ليلتي العيد شيء) وحديث من (من أحيا ليلة العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب) لا يصحº لأن كلا طريقيه إما موضوع أو ضعيف جدا. انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني (520، 521).

- إن كثيرا من الناس يضيع في أيام العيد أو يتكاسل عن أدائها مع الجماعة، ويورد بهذا نفسه المهالك، حيث أدخلها فيمن همّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بإحراق بيوتهم عليهم بالنار. رواه مسلم 651

- مما تساهل فيه الناس في الآونة الأخيرة اختلاط النساء بالرجال في المصلى والشوارع وغيرها، ومزاحمتهن الرجال فيها، والمشروع انصراف النساء قبل الرجال، لذا يلزم اتخاذ التدابير اللازمة لمنع ذلك.

- والمشروع للنساء أن يخرجن متسترات وغير متعطرات، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية) سنن النسائي، ج8/ص153

- إن من المنكرات التي عمت وطمت في هذا الزمن الموسيقى والطرب، وقد انتشرت في جميع وسائل النقل والاتصالات من التلفاز والإذاعة والسيارة والبيت والأسواق، بل وجدت طريقها إلى بيوت الرحمن عبر الهواتف المحمولة، وهذا من البلاء العظيم والشر الجسيم الذي يجب إنكاره بكل وسائل المتاحة، ويجب الحذر منه كل الحذر وخاصة في المناسبات الإسلاميةº لأن حرمتها أعظم.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply