أبناؤنا في العطلة


بسم الله الرحمن الرحيم

على ولي الأمر أن يُحسن التخطيط وأن يهتم بأولاده في العطلة، كما كان يهتم بهم أثناء الدراسة والمذاكرة والامتحانات.

إن فصل الصيف وما يصاحبه من وقت فراغ كبير بالنسبة لأولادنا وبناتنا، يعتبر بمثابة حُفرة واسعة بها الكثير من الكنوز الثمينة، والدرر النفيسة، والأخطار والانحرافات الجسيمة، ولا ننكر أن الأولاد في هذه السن وهذه العطلة يحبون الحرية والانطلاق بعد التقيد والالتزام في أثناء الدراسة، ولكن على ولي الأمر، أن يُحسن التخطيط وأن يضع أولوية اهتمامه بأولاده في العطلة، كما كان يهتم بهم في أثناء الدراسة والمذاكرة والامتحانات، وهنا نقول للأب والأم: إنه يمكن الخروج من العطلة الصيفية، وقد استفاد الولد أو البنت بأن ملأ فراغه، وحصَّن نفسه من الانحرافات، ورفقاء السوء والتجمعات والسهر وكسب فائدة كبيرة من استثمار هذا الوقت، وذلك من خلال أمور عدة، منها: أن يجلس ولي الأمر مع أبنائه ليخطط للعطلة الصيفية وهذا الأمر بذاته يعلمهم التخطيط ويحملهم مسؤولية الوقت، وكذلك يزيد من التآلف والتقارب بين أفراد الأسرة الواحدة، وعن طريق هذا الأسلوب يعلم ولي الأمر توجهات أبنائه وتطلعاتهم وهواياتهم، عندها يبدأ بتوزيع الأبناء كل حسب رغبته، وهذا لا يعني الأخذ برغبة الأبناء كما هي، بل تناقش بكل هدوء وود وإقناع، وعندها يمكن تقسيم الهوايات والرغبات إلى نوعين: الأول التعليم الفردي كالانضمام لدورة مثلاً في الفترة الصباحية، أما الأنشطة التي تحتوي على روح الجماعة فمساء.

كذلك فإن التشاور مع الأبناء للتخطيط للبرنامج الصيفي المتكامل الذي يحتوي على التعليم واستغلال الفراغ والترويح في الوقت نفسه، له آثار إيجابية قليل في الأسر تعلمها، كما أن الجلوس مع الأبناء عند البدء بتنفيذ البرنامج ومتابعة ولي الأمر لهم لتصحيح المسار وتعديل البرنامج، سواء بالإضافة أو الحذف يكون وقعه راقياً ومثالياً يسهم في تقويم النفس، واعتدال طبعها وتقبلها للمتغيرات والمستجدات، وزيادة المحبة والثقة بين جميع أفراد الأسرة.

حذار من خمسة أمور

وأحذِّر أولياء الأمور من خمسة أمور هي:

أولا: حذارِ من السهر فهو يحرم الأبناء من العبادات والطاعات، قال - تعالى -: (وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا) (11) (النبأ).

فتنظيم وقت الأولاد مهم، ولا يجب أن ينفرط فيصبح الليل نهاراً، والنهار ليلاً، ويُحرم من الطاعات.

الأمر الثاني: أن نحذر من كثرة تناول الوجبات السريعة خارج المنزل في المطاعم، لأنه ثبت عدم فائدتها الصحية، وكذلك ضررها، أما الأمر الذي يعيننا فهو مشاركة الأبناء في إعداد الوجبات داخل المنزل كوسيلة لخلق جو من التآلف الأسري وإحساس الأبناء بجهود الأم، في إعداد الوجبات، كما ننصح عند الخروج إلى المنتزهات والشواطئ بأن تحمل الأسرة وجباتها معها، أي أن يتم إعدادها بالمنزل من قبل مشاركة الأسرة جميعاً، ليتم تناولها في المنتزهات.

والأمر الثالث: عدم الإفراط في الذهاب إلى الأسواق والمقاهي، لأن فيه مضيعة للوقت والمال، وأن يقتصر الذهاب للأسواق عند الحاجة، وأن يتم تحديد الأشياء التي يتم شراؤها، ووفق ميزانية يتم الاتفاق عليها مع الوالدين.

أما الأمر الرابع: فيغفل عنه الوالدان، وهو التأكد من البرامج الترفيهية والثقافية التي يشترك الابن فيها، فيجب عدم زج الأبناء في النوادي، إلا بعد التأكد من توافر الأمانة والمعرفة والخبرة في المشرفين على أبنائنا، كما أن الأمانة وحدها لا تكفي بل يجب أن يتوافر معها العلم والخبرة لدى المشرف، كما أننا نتأكد من برامج هذا النادي والأماكن التي سيقضي الولد وقته فيها أو زيارتها،

أما النصيحة الخامسة والأخيرة: فهي تشجيع الأبناء على الذهاب إلى المساجد، وقد لاحظنا غياب الناشئة عن المساجد في العطلة الصيفية، وذلك لعدم انتظام الوقت لديهم كأنهم بإجازة حتى عند الصلاة بالمساجد، وهذا خطأ كبير، بل إنها فرصة لأن يقضي الأبناء وقتاً أطول في المسجد، وذلك لحفظ كتاب الله والاستماع إلى الدرس والحلقات، كما أنه يجب ألا يفوته فرض من الفروض، بل إنني أتوجه بنصيحة من القلب للآباء، وهي اختيار وقت مناسب للاعتكاف مع أبنائه بالمسجد، ولو لساعة واحدة، وسوف يرى نتيجة هذا العمل كم هو نافع، ومفيد وسيترسخ في أذهان الأبناء ما عاشوا.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply