أخطاؤنا والصيف


 

بسم الله الرحمن الرحيم  

الحمد لله واسع العطايا واهب النعم. كاشف البلايا سريع النقم - سبحانه - سبحانه - أسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنه. وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم. أحمد الله وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وأستعين به وأستنصره وأسأله الفوز بالجنة والنجاة من النار. وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله شرفه وفضله وزينه وجمله واصطفاه واجتباه ووفقه وهداه فكان خيرة خلق الله. اللهم صل وسلم وبارك علي رسول الله محمد خير عبادك وعلي آله وصحبه وكل مسلم آمن بآيات ربه ففاز بقربه وتمتع بحبه وصار علي دربه إلي يوم الدين أما بعد. فأوصيكم وإياي عباد الله بتقوى الله وأحذركم ونفسي من عصيان الله ثم استفتح بالذي هو خير. يروي الإمام الحاكم والإمام الدار مي - رحمهما الله - عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ".

 

عباد الله أيها المسلمون:

نعم الله على الإنسان كثيرة واسمع لربك " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار ". وهذه النعم تستوجب الشكر.

1ـ فتعترف بأن المنعم هو الله " وما بكم من نعمة فمن الله ".

2ـ ثم تتوجه له بالحمد والثناء علي أن حباك بهذه النعم " لئن شكرتم لأزيدنكم ".

3ـ ثم تستخدم النعمة فيما خلقت من أجله. فمثلا فتستخدم اللسان في الذكر والشكر والتلاوة والتعبير عن مافي نفسك. وعدم الاعتراف بالمنعم جحود. انظر لقارون عليه اللعنة "قال إنما أوتيته علي علم عندي " وماذا كانت النتيجة؟ " فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين "وعدم الشكر كفر واسمع لربك " لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد "وصدق من قال:

إذا كنت في نعمة فارعها*** فإن المعاصي تزيل النعم

وداوم عليها بشكر الإله ***فإن الإله سريع النقم

 

ومن بين هذه النعم نعمة الصحة ونعمة الفراغ ونعمة المال وغيرها ويسوء استخدام تلك النعم لاسيما في العطلة الصيفية. من أجل ذلك قال النبي صلي الله عليه وسلم " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ " أي ينعم الناس بهما ولا يعرفون قدرهما فالصحة نعمة عظيمة منحها الله لك لتعبده "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " وإذا استخدمتها في أي عمل يجب أن يكون هذا العمل عبادة أو معين عليها وإلا فلا فائدة له ويحسب عليك لا لك. فعندما تعمل لتحصل علي الرزق فهذا العمل عبادة وعندما تسعي للعلم فهذا عبادة وهكذا. أما حينما يكون العمل معصية لله فإن هذا سوء استخدام للنعم. وكذلك الوقت فهو نعمة والله محاسبك عليه وقد علمنا الدين أن (الأوقات تساوي الواجبات) فإذا وجدت نفسك أحيانا في فراغ ولا تدري ماذا تفعل فاعلم أنك مقصر في واجب. لذلك فاعلم أن:

1ـ (الدنيا ساعة. فاجعلها طاعة. فالنفس طماعة. عودها القناعة).

2ـ ولا يندم الإنسان يوم القيامة إلا علي ساعة مرت عليه لم يذكر فيها الله أو لم يصلي فيها علي رسول الله. وهذا رسول الله صلي الله عليه وسلم فيما يروي عن معاذ بن جبل. أن النبي قال: (لن تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن علمه ماذا عمل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه).

 

ففي العطلات يقوم الناس بالسفر إلي الشواطئ أو ما يسمي المصايف وفي ذلك من العري والسفور ما الله به عليم. رغم أن الله أمر بحفظ العورات وسترها فقد روي النسائي والترمذي - رحمهما الله - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أن النبي صلي الله عليه وسلم قال " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام " وروي الإمام أبو داوود والترمذي - رحمهما الله - عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي صلي الله عليه وسلم نهي عن دخول الحمامات ثم رخص للرجال أن يدخلوها بالمآزر " وروي الإمام أبو داوود عن بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال النبي صلي الله عليه وسلم في شان الحمامات فلا يدخلها الرجال إلا بالمآزر وامنعوها النساء إلا مريضة أو نفساء ".

 

والبعض يولع بالسفر لقضاء العطلات في بلاد الكفار وليس بخاف عليكم مافي هذه البلاد من الإباحية المطلقة وقتل الوقت في شرب الخمور وسماع الموسيقي والأغاني الماجنة. فلن يكون هناك إلا ذلك واسمع لربك " ولن ترضي عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم " واسمع كذلك "ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ". لذلك فقد نصح العلماء بعدم السفر لبلاد الكفار ويستعاض عنه بالسفر لبلاد الإسلام لعمل عمرة أو للاتعاظ بما حدث للأمم السابقة في الزمن الغابر.

 

والبعض يقوم بالمعاكسات للنساء في الشوارع والطرقات والأسواق. والمعاكسة تقوم علي شخصين معاكس والمرأة ولكل منهما دوره فالمرأة هي التي خرجت من بيتها متعطرة متزينة تلبس ثيابا خليعا كأنها تنادي علي من يعاكسها. وتخيل معي أخي المسلم طعاما يمر علي جائع أو ماء يمر علي عطشان. فما بالكم بان هذه شهوة وغريزة تعرض نفسها علي متعطش جائع لها. فلا شك أن الشاب أو المعاكس سيكون أشد استجابة وأسرع انزلاقا. فالمسؤولية تبدأ من عندها وتقع علي والدها الذي سمح لها بالخروج هكذا. ثم علي أخيها الكبير بعد أبيها ثم علي زوجها ثم علي ولدها الكبير فالمرأة لو قدر لها أن تدخل النار فسوف تجر معها المسؤلين عنها وهم علي الترتيب والدها ثم أخوها الكبير ثم زوجها ثم ولدها الكبير. فاتقوا الله في نسائكم وصدق من قال:

من لي بتربية الفتاة على التقى***إن التقى للبنت حصن واقي

الأم مدرســة إذا أعددتها*** أعددت شعبا طيب الأعراق

الأم أستاذ الأســـاتذة العلى***نصبوا مكارمهم على الآفاق

 

وأما المعاكس فيسأل عن نفسه " وأن لو استقاموا علي الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا " ويسأل عنه أبوه ونقول للمعاكس ما روي الإمام مسلم - رحمه الله - عن النبي صلي الله عليه وسلم "إن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ". كما أن هذا من عمل الشيطان والله يقول " إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ". ثم أترضي هذا لأمك؟ أترضي هذا لأختك؟ أترضي هذا لابنتك؟ بالطبع لا! فكيف ترضاه لغيرك وهذا دين إن أقرضته فسداده منك وصدق من قال:

عفوا تعف نساؤكم في المحرم***وتجنبوا ما لا يليق بمسلم

من يزن في بيت بألفـي درهم ***في بيته يزني بغير الدرهم

من يزن يزن به ولو بجـداره***إن كنت ياهذا لبيبا فافهم

إن الزنى دين إن أقرضـته*** كان الوفا من أهل بيتك فاعلم

يا هاتكا ستر الرجال وقاطعا***سبل المودة عشت غير مكرم

لو كنت طاهرا من سلالة طاهر***ما كنت هتاكا لحرمة مسلم

 

والبعض يجلس علي مقاهي الإنترنت ويستقبل مواقع الإباحية المطلقة. التي تعرض المجون والفسوق والخلاعة فتثير لديه كوامن الشر وبواعث الفتنة وصدق من قال:

وكنت إذا أرسلت طرفك رائدا***يوما لقلبك أتعبتك المناظر

رأيت الذي لا كله أنت قادر*** ولا عن بعضه أنت صابر

 

ويترك في نفس الوقت مواقع تعرض الإسلام ومبادئه السامية وهي جلسة واحدة لكن بضغطة زر تجد نفسك مع الله وبأخرى تجد نفسك في الهاوية فأيهما تختار؟!. ولا يقل خطرا ولا ضررا عن ذلك ما يفعله البعض الذين يقتلون أوقاتهم أمام الدش وقنوات البث المباشر التي تعرض اللهو والطرب والمجون والفسق والأفلام الخليعة والمسلسلات الهابطة ويترك تلك التي تناقش قضايا الدين والحياة فمن أي الفريقين أنت؟ وكذلك أولئك الذين يستمعون الأغاني الهابطة أو قراءة المجلات الهابطة إلي آخر ذلك من مجالات قتل الوقت. حتى أصبح الإنسان مفتوحا علي الدنيا بنواحيها ومناحيها. وأصبحنا بحاجة للثبات في زمن الموبقات ولا حل إلا بالعودة لكتاب الله وسنة رسول الله. فعن العرباض بن سارية قال صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن أمر عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة ". ولاشك أن كل هذه لها أثرها السيئ علي فاعلها فيحرم صاحبها الرزق روي الإمام احمد " إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه " وتصبح معيشته ضنكا "ومن اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمي قال رب لم حشرتني اعمي وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسي "وتصب المصائب علي الإنسان " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير ". إذا ما هو البديل؟ بعد جلسة الاستراحة.

 

الثانية:

البديل: أن يكون لديك تقوي تحجزك عن محارم الله " ومن يتق ويصبر فإن الله لا يضيع اجر المحسنين" وتبعد عن ما حرم الله فمن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. تشغل وقتك بالعلم النافع والعمل الصالح وحفظ القرآن أما العلم فمجلس علم خير من عبادة سبعين سنة وأما العمل فمن يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره "وأما القرآن فقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم- خير عبادة أمتي تلاوة القرآن. وتعمل لك مع أسرتك ساعة تتناقش معهم وتعلمهم أمور دينهم " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ".

 

وبذلك تكون قدمت لحياتك فلا تندم يوم لا ينفع فيه الندم " وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان واني له الذكري يقول ياليتني قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد "

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply