أهمية الوقت والإجازة


بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله الذي بيده المحيا والممات ، عالم غيب الأرض والسموات ، وفق عباده المتقين لاغتنام الأوقات ، فيما فيه السعادة في الدنيا وبعد الممات ، أحمده سبحانه فهو المرتجى وحده في الصغائر والمهمات ، وأشكره جل جلاله شكر من يرجو الخروج إلى النور بعد الظلمات . أشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له شهد بوحدانيته الحجر والنبات ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله قدوة القدوات وخير البريات فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا .

أما بعد : فهذا ربكم معاشر من أمنتم بالله الواحد الأحد يناديكم فيقول } : يآأيها الذين ءآمنوا اتقوا الله ولتنظر نفساً ما قدمت لغدٍ, واتقوا الله إن الله خبيرٌ بما تعملون } ، وصية من الرحمن الرحيم إلى كل عبد مؤمن لينظر كيف قضى أوقاته بما عمَّر زمانه ، وهو تنبيه من الباري جلت قدرته لأهمية عنصر الزمن في حياة المسلم وأنه رأس ماله فإن أحسن استغلاله فاز بالرضوان وبنعيم الجنان وبجوار الملك الديان ، وإن أهمل وفرط لاسمح الله وركن إلى استغلاله في الشهوات المحرمات باء بالخسران ، وتلظى بالنيران ، وفاته من ربه الرضوان .

أيها الأحبة في الله لقد تعددت وتنوعت الأيات الدالة على أهمية عنصر الزمن في حياة المسلم ، فنجد الحنان المنان يقسم في أية بالعصر ، وفي أخرى بالليل إذا سجى ، و في ثالثة بالنهار إذا تجلى ، وفي رابعة بالضحى ... وهكذا ، فهل فهمنا معنى تلك العبارات ومغزى تلك الدلالات . هذا ابن عباس رضي الله عنهما يروي لنا عن الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه أنه قال : (( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ )) º والغبن أيها الأحبة في الله أن تشتري بأضعاف الثمن أو أن تبيع بدون ثمن المثل ، فمن أصح الله له بدنه ، وفرغه خالقه من الأشغال العائقة ، ولم يسع لصلاح آخرته فهو كالمغبون في البيع أو الشراء ، والمقصود أن غالب الناس لاينتفعون بالصحة والفراغ بل يصرفونها في غير محلها ، والتوجيه الرباني للرسول صلى الله عليه وسلم ولأمته من بعده كيف يقضي الفراغ هي قوله تعالى : { فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب } .

والوقت أنفس ما عُنيت بحفظه *** وأراه أسهلُ ما عليك يضيع .

وللوقت أيها الحبة خصائص إذا ما تنبه إليها العبد كان حريصاً على وقته ، وأول تلك الخصائص أنه سريع الانقضاء فهو يمر مر السحاب ،

مرت سنينٌ بالوصال وبالهنا *** فكأنها من قصرها أيامُ

ثم أنثنت أيامُ هجر بعدها *** فكأنها من طولها أعوام

ثم انقضت تلك السنونُ وأهلها *** فكأنها وكأنهم أحلامُ

ومهما طال عمر الإنسان فهو قصير مادام الموت نهايته ، فعند الموت تنكمش الأعوام والعقود حتى لكأنها لحظات برق مرت ، يحكى عن نبي الله نوح عليه السلام : أنه جاءه ملك الموت ليتوفاه بعد أكثر من ألف سنة عاشها قبل الطوفان وبعده ، فسأله كيف وجدت الدنيا ؟ فقال : كدار لها بابان ، دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر ، ويقول العليم الخبير : { كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها } ، ويقول سبحانه : { ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم } .

وثانيها : أن ما مضى منه لايعود ولا يعوض ، يقول في ذلك الإمام الجهبذ الحسن البصري : (( ما من يوم ينشق فجره ، إلا ينادي يابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فتزود مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة )) ، وما من ميت يموت إلا ويندم على ما مضى من عمره فالصالح حينما يرى النعيم يندم الا يكون قد إزداد منه ، والفاسق عياذاً بالله يتمنى لوكان عمل صالحاً حتى أنه ينادي ربه فيقول : { ربي ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت } ولكن هيها هيهات ، فقد طويت صحيفته وحضرت منيته ، وحكمت قضيته .

الثالثة : أنه أنفس ما يملك الإنسان ، إنه أنفس من الذهب والجوهر ، يقول أحد المصلحين : الوقت هو الحياة º فما حياة الإنسان إلا الوقت الذي يقضيه من ساعة الميلاد إلى ساعة الوفاة .

دقات قلب المرء قائلة له *** إن الحياة دقائق وثواني

وفي هذا يقول الإمام الحسن البصري رحمه الله : (( يابن آدم ، إنما أنت أيام مجموعة كلما ذهب يوم ذهب بعضك )) ، فما أشد جهالة من يردد تعال نقتل الوقت ، وما أشد تفريط وحسرة من ضيع عمره في السهرات ، وما تبثه الدشات ، ومتابعة المسلسلات ، وتلقط أخبار اللاعبين واللاعبات والفنانين والفنانات .

يا أبناء أمة الإسلام العظيمة أمتكم تعاني من الذل والهوان ، وتشكوا إلى الله من الضعف والعناء ، فكيف تقوم أمة شُغل جُلٌّ أفرادها بالترهات ، وأخذوا يتفننون في قتل الأوقات ؟ ! .

يا أبناء أمة الإسلام العظيمة لقد خلقتم لمهمة شريفة وغاية نبيلة ، لقد حملتم أمانة هداية الناس واخراجهم من دياجر الظلمات إلى فسحة النور ، وللنظر إلى سلف هذه الأمة الذين أدركوا الأمانة الملقاة على عاتقهم كيف كان تعاملهم مع الوقت .

أما عن نظرتهم إليه فنكتفي بشعارين لهما الأول يقول : (( من علامة المقت إضاعة الوقت )) ، والثاني يقول : (( الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك )) . فكم لهذا السيف من ضحايا في شبابنا المعاصر ضحايا متسكعون في الأسواق ، وأخرين يبيتون ساهرين على أرصفة الطرقات ، أو أمام شاشات الدشات . ولم تكن هذه شعارات جوفاء بل كانت حياة يعيشونها .

يقول الإمام الحسن البصري : (( أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصاً على دراهمكم ودنانيركم )). وقال ابن مسعود رضي الله عنه: (( ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي )) . ، وقال حكيم : (( من أمضى يوماً من عمره في غير حق قضاه ، أو فرض أداه ، أو مجد أثله ، أو حمد حصله ، أو خير أسسه ، أو علم اقتبسه فقد عق يومه وظلم نفسه )) ، حدث الفقيه أبو الحسن علي بن عيسى قال : دخلت على أبي الريحان البيروني وهو يجود بنفسه ، وقد حشرج نفسه وضاق به صدره وقد بلغ من العمر ثمانٍ, وسبعين سنة . فسأل البيروني وهو في حالة النزع تلك علي بن عيسى في مسألة فقهية ، فأشفق عليه وقال : أفي هذه الحالة وأجابه البيروني : ياهذا أودع الدنيا وأنا عالم بهذه المسألة ، الا يكون خيراً من أن أُخليها وأنا جاهل بها ، وأخذ المسألة ووعاها ، ثم يقول ابن عيسى : خرجت من عنده وانا في الطريق سمعت الصراخ . اما الإمام أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي فكان يقول : إني لايحل لي أن أضيع ساعة من عمري حتى لإذا تعطل لساني عن مذاكرة أو مناظرة ، وبصري عن مطالعة ، أعملت فكري في حال راحتي وأنا منطرح ، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره ، وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين أشد ما كنت أجده وأنا ابن عشرين . وأنا اقصر بغاية جهدي وقت أكلي حتى أختار سف الكعك وتحسيه بالماء على الخبز لأجل ما بينهما من تفاوت المضغ توفراً علي مطالعة أو تسطير فائدة لم أدركها فيه ، وإن أجَّل تحصيل عند العقلاء باجماع العلماء هو الوقت . وكان ابن الجوزي رحمه الله يستغل الوقت الذي يزوره فيه الناس في بري الأقلام وتقطيع الورق .

أيها الأحبة في الله لايفهم مما مضى أن الإنسان يجب أن يكون في عمل مستمر كالآلة الصماء ، وإنما المقصود هو أن يكون هناك تنظيم للوقت ، ويمكن أن يكون الأساس في ذلك ماورد في صحف إبراهيم عليه السلام : (( ينبغي للعاقل مالم يكن مغلوباً على عقله أن يكون له أربع ساعات ساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يتفكر في صنع الله ، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب )) رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح الإسناد . وكما وجه النبي صلى الله عليه وسلم حنظلة فقال : (( ساعة وساعة )) وليست كما يفهما اليوم بعض الناس بأنها ساعة للمعصية وساعة للطاعة ، بل هي وقت للجد والعمل والطاعة والعبادة وساعة لملاعبة الأهل والأولاد والاهتمام بأمور المعاش المباحة .

الشكوى تكثر في الإجازة الصيفية من الفراغ ، ويحتار الشباب في كيف يقضون أوقاتهم ، في هذه الفترة ينبغي على الأباء والمربين أن يضعوا الخطط المناسبة لشغل فراغ الشباب بما يناسبهم حتى لاينجرفوا عياذاً بالله نحو الإنحراف ، ولابد لهذه الخطة أن تشمل الجوانب الإيمانية ، والفكرية ، وتنمية المهارات الفردية ... الخ .

فمن أمثلة الجوانب الإيمانية إلحاق البنت أو الابن بحلقات تحفيظ القرآن ، أو أخذهم لزيارة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرض السيرة عليهم هناك ، أو أخذهم في رحلة خلوية يتم فيها التفكر في مخلوقات الله وبالذات في الليل وتناثر النجوم في السماء .

ومن أمثلة الجوانب الفكرية : عمل مسابقة داخل البيت لحفظ شيء من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شرحها وتوضع عليها جوائز مشجعة ، أو حفظ متن من متون العلم ، أو الأذكار الصباحية والمسائية حسب مستوى الأولاد .

ومن أمثلة تنمية المهارات الفردية : أن يصحب الأب إن كان ذا حرفة ابنه معه ليتعلم حرفة أبيه فإن كان تاجراً أخذ الولد معه ليتعلم فنون التجارة والكسب ، وإن كان صانعاً أخذه ليتعلم صنعة يجيدها وهكذا ، أو تسجيل الولد في دورة من دورات المركز المهني أو البنت في دورة من دورات اللجنة النسائية للندوة العالمية للشباب الإسلامي لتتعلم الخياطة أو التطريز أو نحوها .

كما أننا أيها الأحبة في الله في هذا البلد قد هيأت ضمن اهتمامها بالشباب مراكز صيفية مجانية تشرف عليها نخبة من أهل الفضل والعلم ، مهمتها استغلال أوقات الشباب فيما يعود عليهم بالنفع والفائدة ، وتساعد الأب على تربية أبنه تربية سوية بإذن الله ، وكان من فضل الله على أهل هذا الحي أن يكون أحد تلك المركز به ، فلنسعى أيها الأحبة في الله لاستغلال هذه الفرصة ونسجل أبنائنا ليعمروا أوقاتهم بالنفع والخير العميم .

مخاطر السياحة الخارجية

الحمد لله الذي شرع لنا أكمل الشرائع وتعبدنا بأكمل دين º من تمسك به نجا من كل شر وبلاء مبين ، وترقى في سلم الفائزين ومن تفلت منه هلك مع الهالكين ، وانكب على وجهه في دركات الخاسرين ، أحمده سبحانه وأشكره على عظيم رحمته بعباده المتقين .

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كتب الفلاح والنجاح لعباده المتقين ، وجعل الخزي والذلة من نصيب المعرضين المعاندين ، وأشهد أن محمداُ عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً سرمدياً إلى يوم الدين.

أما بعد : فعليكم عباد الله بتقوى الله فإنها الركن الركين والحصن الحصين قال الخلاق العليم : { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا } .

عباد الله إن الإجازة الصيفية على الأبواب ، وما أدراك ما الإجازة الصيفية هي فرصة يهرب فيها الإنسان بنفسه أو مع أهله من حر الصيف اللاهب ، وشمسه المحرقة إلى أماكن يطلب فيها الجو اللطيف ، والمناظر المريحة ، ولا بأس في ذلك . لكن .. لكن العجب كل العجب أن يفر المرء من حر الدنيا المؤقت إلى حر المعاصي المغضبة للملك الجبار ، يفر من بلد يعبد فيه الله إلى بلد يعصى فيه الله ، يفر من جو العفة والطهارة ، إلى جو الفساد والليالي الحمراء ، إلى حيث المرض والإيدز والهربز والسيلان والزهري والعياذ بالله ، يرى في الإجازة تحرر من عبودية الله ليصبح عبداً لشهوته وللشيطان ، يعجب الإنسان من هذا السعي المحموم نحو الهاوية والفساد ، فهذه وكالات السياحة تعلن عن تخفيضات وبرامج شيقة بزعمهم لقضاء الإجازة ، وهذا موظف قد رزقه الله وظيفة ورزقاً يأكله فدخل في جمعية أو أخذ يدخر من مرتبه استعداداً لقضاء الإجازة في بلد فيه فسق وفجور ، وهذا طالب نجح في الامتحانات فكافأه والده بإرساله في سفرة مع زملائه إلى بلد من بلاد الفسق والفجور وما يعلم أنه قد أورده مورد الهلاك ، وتلك زوجة أدخلت زوجها في دوامة من المشكلات لماذا يسافر بيت فلان ونحن لا نسافر ؟ أنت معقد ، أنت بخيل لا تود الإنفاق على ما يسر أهلك ، إن لم تجد فاقترض من أصدقائك وإذا عدنا سددهم ما اقترضنا ، وهكذا ... نماذج تمور في المجتمع بكافة الدرجات والمستويات ، وكل همها أن تقضي الإجازة ولو فيما يغضب رب الأرض والسموات . وأحب أن أقف مع هذه النماذج وقفات :

الأولى : مع من أعد للسفر إلى الخارج وهدفه الفساد ومعصية الله ، نقول له أما علمت أن الذي رزقك هذا المال الذي تُعِدُه لمعصية الله هو الله ، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ، أما تخشى أن يسحب الله منك رزقه فتعود عالة تتكفف الناس فلا تجد من يعطيك كسرة خبز تسد بها جوعك ، ولا تجد قطعة قماش تستر بها عورتك ، أما سمعت الملك الديان وهو ينادي في الحديث القدسي فيقول : (( يا عبادي كلكم جائع فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم )) ، أما علمت أنك بتصرفك هذا تسعى إلى زوال النعمة عنك أما سمعت قول المنعم المتفضل سبحانه : { وإذ تأذَّنَ ربٌّكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد } ، أما تخشى وأنت قد حزمت حقائبك وأعددت نفسك لذاك السفر أن يفاجئك ملك الموت يطلبك في رحلة أخرى ، رحلة إلى الموت وسكرته ، إلى القبر وضمته وظلمته ووحشته ، فكيف تقابل ربك ..؟ ما هو عذرك .. ؟

أما خشيت أن يبتليك الله بمرض عضال تبدأ معه رحلة بطيئة إلى الموت ، ويكون فضيحة لك يُنبأ الناس عن ذنبك ، أما تفكرت في زوجتك الطاهرة العفيفة ما ذنبها ، أن تنقل إليها قذارة إثمك وخطيئتك ، ثم أما تخشى أن يسدد دين أعراض الناس التي عبثت فيها من عرضك ، من زوجتك ، أو ابنتك ، أو أختك ..؟

الثانية : مع الأب الذي يظن أنه يكافئ ابنه نقول له لقد أهلكته ، وجنيت عليه وعلى نفسك ، تخيل نفسك كيف يكون حالك لو أن ابنك عاد محمل بمرض من تلك البلاد ، ثم ألم تعلم أن أكثر من بدأ طريق إدمان المخدرات إنما بدأه من رحلة لبلاد موبوءة فتعاطاها هناك ثم عاد أسير لها لا يستطيع الفكاك منها وانحدر للهاوية ، فهل يعجبك أن تكون أباً لمدمن مخدرات ؟ .

الثالثة : مع الأب الذي يأخذ زوجته وأولاده وبناته في رحلات عائلية لتلك البلاد ، فمن هذه العوائل من تكون نسائهم في أكمل حجاب فإذا تحركت الطائرة باتجاه الدولة الأخرى تبدل الحال فنزع الحجاب تماماً وأخذت المساحيق تلون الوجوه ، وفاحت رائحة العطر النفاذة ، كل هذا يتم وهم معلقون بين السماء والأرض ، وقد قص علينا الخبير العليم حال المشركين إذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين لأنهم يعلمون مع شركهم أنه لا حافظ لهم من الغرق إلا الله ، مع أن من تحطم مركبه قد يجد قطعة خشب يعلق بها فيكتب الله له النجاة ، أو يقطع البحر سباحة أو غير ذلك من سبل النجاة ، لكن ما ظنكم بمن تحطمت به طائرته على ارتفاع الآف الأقدام ، فمن ذا الذي ينجيه ، ثم أليس المؤمن أولى من المشرك أن يكون قريباً من الله في تلك الحال ؟ ، وكأن أولئك النسوة تحجبن هنا في ديار الحرمين خوفاً من الناس وليس اتباعاً لمنهج الله . وإليكم هذه القصة العجيبة لهذه العينة من الناس رجل سافر بزوجته إلى بلاد يختلط فيها الرجال بالنساء ، والتقى فيها بصديق له فكان الصديق يحضر إلى مقر إقامته ويجالس زوجته بوجوده دون أن يعترض الرجل ، ثم بعد أن عادوا إلى الوطن أراد ذلك الصديق زيارة صديقه فلما قرع الباب قال : من ، فقال : أنا فلان صديقك فأمر أهله أن يحتجبوا ويفسحوا الطريق للضيف فتعجب الرجل وسأل صديقه ما الذي حدث ألم نكن نجلس سوياً في الإجازة ! .

وممن يذهب بعائلته يذهب بهم من أجل إسكاتهم فيضعهم في سكنهم ويذهب هو لإشباع نزواته ، وفي المقابل تجد أن من معه يشبعوا نزواتهم ، ومنهم من يأخذهم بغرض الترويح لا غير ، ومن هذا الصنف من يقع قي مخالفات دون أن يشعر فيأخذهم إلى المطاعم أو إلى المسارح أو نحوها من أما كن اللهو التي لابد وأن يتلوث أهله منها بشيء ، ثم الأمر الأخطر من ذلك هو ما نشرته إحدى الصحف من أنه قد تم ضبت نوع من اللبان انتشر في بلد إذا تناولته المرأة أصيبت بهياج جنسي والعياذ بالله ، فكيف به إذا تناولت ذلك اللبان أمه أو امرأته أو بنته أو أخته بدون قصد ، كما ضبط في بلد آخر رجل مصاب بمرض الإيدز ينكش أسنانه ليجرحها ثم يضع ذاك النكاش في العلبة السليمة لينشر ذلك المرض الخبيث بين السياح ، وثالث كان مصاب بنفس المرض فيقوم بجرح نفسه ووضع قطرات بسيطة من الدم على الآنية التي يقدم عليها الطعام إلى زبائن المطعم الذي يعمل به .

أيها الأحبة في الله ولا أعرف على حد علمي أن سلف هذه الأمة كانوا يسافرون إلا لواحد من خمسة أمور : الحج أو العمرة أو التجارة أو طلب العلم أو الجهاد في سبيل الله ، أما السفر لمجرد الترفيه فلا أعلم أنه أُثر عنهم ، ولنا فيهم أسوة حسنة .

العاقل البصير لا يدع بلداً أساسها الأمن والأمان ليذهب إلى بلدٍ, أساسها الخوف والجريمة ، لا يترك بلداً يأمن فيها بإذن الله وفضله على عرضه وماله إن تركه إلى بلد لا يأمن فيها ذلك ، إن الشريف العفيف لا يرضى أن يترك بلداً ظاهرها العفة والطهارة إلى بلدٍ, نشرت فيها رايات الرذيلة ، لأنه يعلم أن الجو الموبوء مظنة العدوى .

أيها الأحبة في الله إن حكومة هذه البلاد قد وفقها الله فيسرت لمن أراد الراحة والمتعة الأماكن المناسبة لذلك ، كما أن الله قد حبا هذه البلاد أماكن عديدة تناسب قضاء الإجازات ، حتى غدا الناس يقصدونها من الخارج ، فمن مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسجدها ومآثرها التاريخية التي ينبغي أن نطلع أبناءنا عليها ليعيشوا السيرة النبوية المطهرة وكأنها حية أمام أعينهم ، إلى جبال الجنوب ومناظرها الخلابة ، وطبيعتها الساحرة ، ونسمة هواءها العليل .

أخي الحبيب اعلم أن كل قرشاً تنفقه في بلادك سوف يعود بالخير عليك بإذن الله ولو بشكل غير مباشر ، وفيه قوة لاقتصاد بلادك ، وكل قرش تنفقه في بلاد أجنبية سيكون قوة لها فما بالك إن كانت تلك البلاد تعادي الإسلام وأهله ؟ ويكون في إخراجك للمال من بلادك أضعافا لها .

هي دعوة أيها الأحبة في الله إلى أن نقضي الإجازة في ربوع بلادنا ، وعلى أن نؤدب أنفسنا وأولادنا بآداب الإسلام أثناء ذلك فلا يترك الأب أبناءه المراهقين يزعجون نساء الغير ، كما لا يترك الأب بناته يتبرجن وكأنه جاء بهنَّ لعرضهنَّ للنظر .

هي دعوة أيها الأحبة في الله إلى أن نقضي الإجازة في ربوع بلادنا ، وعلى أن نؤدب أنفسنا وأولادنا بآداب الإسلام أثناء ذلك فلا يترك الأب أبناءه المراهقين يزعجون نساء الغير ، كما لا يترك الأب بناته يتبرجن وكأنه جاء بهنَّ لعرضهنَّ للنظر .

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply