تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي وبدعيته


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ما كانت الموالد تعرف في دولة الإسلام قبل الدولة العبيدية، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قد مات، ثم الصديق من بعده، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي وسائر الصحابة - رضي الله عنهم - أجمعين، ثم التابعون وأتباعهم ولم تعرف هذه الموالد، حتى أحدثها العبيديون من القرامطة الباطنية، وهي المسماة - زرواً - بـ -الفاطمية- فكانت أول من ابتدعت هذه البدعة -الخطط للمقريزي، صبح الأعشى للقلقشندي، أحسن الكلام للمطيعي ص44، 52-.

 

- بدعية الاحتفال بالمولد النبوي:

المحدثات في أمر الدين كلها شر وضلالة بنص حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -الذي رواه مسلم وغيره، من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنه -: أن مما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوله في خطبته: "وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار".

يقول حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -: -كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا تعبدوها- ويقول ابن مسعود - رضي الله عنه -: -اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم وكل بدعة ضلالة- ويقول عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: -كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة- ويقول الإمام مالك بن أنس - رحمه الله -: -لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم ديناً-.

1- إن من يحتفل بهذا اليوم بمولده - صلى الله عليه وسلم - عليه إثبات صحة أنه - صلى الله عليه وسلم - ولد في هذا التاريخ، فإن تاريخ مولده - صلى الله عليه وسلم - مختلف فيه على أقوال كثيرة لا يكاد يثبت واحد منها عن تابعي فضلاً عن صحابي واحد، بل كلها معلقة وضعيفة، ولعل أقواها قول من قال: إنه الثامن من ربيع الأول كما رواه الإمام مالك عن التابعي الجليل محمد بن جبير بن مطعم بإسناد صحيح -صحيح السيرة للألباني ص13-.

 

2- إن الشهر الذي قيل إنه ولد فيه - صلى الله عليه وسلم - وهو ربيع الأول هو بعينه الشهر الذي توفي فيه، فليس الفرح بأولى من الحزن فيه. -قاله العلامة الفاكهاني المتوفى 734هـ، انظر: رسائل في حكم الاحتفال بالمولد 1/14-.

 

3- الاحتفال بالمولد لم يُنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة، يقول الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: -أصل عمل المولد بدعة، لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة-، والحافظ - رحمه الله - حجة في النقل، فقد كان من أحفظ حفاظ السنة والآثار، فحسبنا من فتواه ما تعلق بالنقل. -فتاوى العلامة محمد رشيد رضا 5/2112-.

ومما يدل كذلك على أن السلف لم يكونوا يزيدون فيها أي ليلة المولد زيادة على سائر الليالي، أنهم اختلفوا في تحديدها، كما تقدمت الإشارة إليه -المعيار المعرب 7/100-.

 

4- قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: -ما هو الحامل لهذا الاحتفال؟ أهو حب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ أم تعظيم له؟ إن كان الحامل المحبة أو التعظيم. فلسنا والله أشد تعظيماً وحباً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم من الصحابة - رضي الله عنهم - أجمعين. ولم يقيموا لمولده احتفالا-. ا هـ

فهذا الاحتفال لم يفعله السلف مع أن مقتضى فعله - وهو المحبة والتعظيم موجود - ولم يكن هناك مانع يمنعهم. فلو كان هذا خيرا محضاً أو راجحا لكان السلف - رضي الله عنهم - أحق به منا. فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتعظيماً له منا وهم على الخير أحرص.

 

5- لو فتح هذا الباب لجاء قوم فقالوا يوم هجرته إلى المدينة يوم أعز الله فيه الإسلام فيجتمع فيه ويتعبد. ويقول: آخرون الليلة التي أسري فيها به حصل له من الشرف ما لا يقدر قدره فتحدث فيها عبادة. فلا يقف ذلك عند حد والخير كله في اتباع السلف الصالح الذين اختارهم الله له. فما فعلوه فعلناه وما تركوه تركناه -المعيار المعرب للونشريسي 7/001-.

 

- من المفاسد التي تحتويها هذه الاحتفالات:

وهي كثيرة منها إحداث قصائد يكون فيها غلو برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما يذكر عن بعضهم أنهم كانوا ينشدون قصيدة يقول قائلها:

يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به *** سواك عند حلول الحادث العمم

إن لم تكن آخذاً يوم المعاد يدي *** عفواً وإلا فقل يا زلة القدم

فإن من جودك الدنيا وضرَّتها *** من علومك علم اللوح والقلم

وهذا لا شك غلو، ومن للتبعيض، والدنيا هي الدنيا، وضرتها هي الآخرة، فإذا كانت الدنيا والآخرة من جود الرسول - عليه الصلاة والسلام - وليس كل جوده، فما الذي بقي لله - عز وجل -؟! - حكم الاحتفال بالمولد، للشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -.

- ومن هذه المفاسد، البدع التي تمارس، كالغناء والرقص، وكان بعض من يدعي أن تصوفه -موافق للكتاب والسنة! - ينكر ذلك حتى ظهر ذلك الشخص في شريط فيديو يرقص وسط ضرب آلات اللهو المحرم ويخور والعياذ بالله، وهذه الأمور وإن كانت غير ظاهرة في بلادنا ولله الحمدº إلا أنها موجودة ومداخل الشيطان إليها موجودة. وكذلك هي منتشرة وظاهرة لا تكاد تُنكر في بلدان أخرى. وقد عرضت بعض المحطات الفضائية شيئاً من ذلك. أعاذنا الله من الضلالات.

- ومن المفاسد كذلك، الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سيرته، وأقواله، وأفعاله، كما هو المعهود في أكثر القصص المولدية التي اعتيد التغني بها في هذه الحفلات -فتاوى العلامة محمد رشيد رضا 5/3112-.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply