وقفات مع الدكتور عبد الغفار والمولد النبوي


بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحلقة - الأولى-:

ذكر فضيلة د. عبد الغفار بعض الأدلة التي يستدل بها على جواز الاحتفال بالمولد النبوي فأحببت استعراضها وذكر الإجابة عنها.

 

1 - الاحتجاج برؤيا المنام:

استأذن شريك القاضي على الخليفة المهدي فقال المهدي: لا سلَّم الله عليك يا فاسق، قتلني الله إن لم أقتلك! قال شريك: ولم يا أمير المؤمنين؟! قال: لأني رأيت في المنام كأني مقبل عليك أكلمك، وأنت تكلمني من قفاك. قال شريك: يا أمير المؤمنين! إن دماء المسلمين لا تسفك بالأحلام.

 

ورأى بعضهم في المنام الإمام الشافعي فقال: "كذب عليًّّ يونس بن عبد الأعلى في حديث الجندي، ما هذا من حديثي ولا حدثت به". فعلق الحافظ ابن كثير فقال: "يونس بن عبد الأعلى من الثقات، ولا يطعن فيه بمجرد منام" الفتن -1 / 45-. ومن ذلك رؤيا الشيخ أحمد خادم الحجرة النبوية ووصيته المكذوبة على النبي - صلى الله عليه وسلم -.

 

ورؤيا جهيمان للمهدي الذي غزا الحرم المكي، ورؤيا المريضة لأم المؤمنين زينب - رضي الله عنها -. ورؤيا الشبلي لرأس الحسين - رضي الله عنه - في مصر.

 

لذا قال الشاطبي: "الأضعف احتجاجاً قوم استندوا في أخذ الأعمال إلى المنامات..الرؤيا من غير الأنبياء لا يحكم بها شرعاً على حال" الإعتصام -1 / 260-.وقال: "ولا يستدل بالرؤيا في الأحكام إلا ضعيف المنة -القوة-".وقال: "لا يقطعون بمقتضاها حكماً ولا يبنون عليها أصلاً" الاعتصام -1 / 264-. وقال: "لا يعتمد في الحكم الشرعي على الرؤيا النومية" الموافقات -2 / 267-، وقال: "إن كثيراً من الناس يستدلون على المسائل العلمية بالمنامات وما يتلقى منها تصريحاً، فإنها وإن كانت صحيحة فأصلها الذي هو الرؤيا غير معتبر في الشريعة في مثلها" الموافقات -1 / 82-.

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الرؤيا المحضة التي لا دليل يدل على صحتها لا يجوز أن يثبت بها شيء بالاتفاق" المجموع -27 / 458-.

 

قال النووي: "لا يجوز إثبات حكم شرعي بما جاء في الرؤيا".

 

قال ابن الحاج: "إن الله لم يكلف عباده بشيء مما يقع لهم في منامهم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "رفع القلم عن ثلاثة" عدَّ منهم - صلى الله عليه وسلم – "النائم حتى يستيقظ"º لأنه إذا كان نائماً فليس من أهل التكليف، فلا يعمل بشيء يراه في نومه".

 

وقال العلامة علي القاري: "لا اعتماد على رؤيا المنام في غير حق الأنبياء - عليهم السلام -" المقدمة السالمة -22-.

 

لذا قال تاج الدين المقدسي للفرج الصفدي: "صار الفقه بالمنامات؟! " فاعتذر الشيخ فرج الصفدي واستغفر الله.

 

فكيف يسوغ لفضيلة د. عبد الغفار وهو الأمين العام للوقف وقد تقلد عمادة كلية الشريعة سابقاً، كيف يسوغ له الاعتماد على رؤيا منام ومن قبل مجهول لثويبة ثم لا يعلم إسلامه من كفره ثم برواية ضعيفة لا تصح ويستدل بها على الاحتفال بالمولد؟!

 

2. ثويبة:

روى البخاري عن عروة بن الزبير -التابعي- قال: ثويبة مولاة لأبي لهب كان أبو لهب أعتقها فأرضعت النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما مات أبو لهب أُرِيَهُ بعض أهله بشرٍّ, حيبة -حوبة ومسكنة وحاجة-. قال له: ماذا لقيت؟ قال أبو لهب: لم ألق بعدكم -خيراً-، غير أني سقيت في هذه -وهي نقرة تحت إبهامه- بعتاقتي ثويبة -أي بعتقي لها-.

 

- الجواب:

وقد كفانا الحافظ ابن حجر الرد فقال:

أ - هذا الخبر مرسل أرسله عروة. اهـ فهي رواية ضعيفة لا يحتج بها.

-وأهل هذا الفن يعرفون أن هذه الرواية ليست على شرط البخاري-.

ب - هذه القصة رؤيا منام ولا حجة فيها. اهـ

جـ - لعل الذي رآها لم يكن إذ ذاك أسلم بعدُ فلا يحتج به. اهـ كلام ابن حجر. فكيف يحتج برؤيا الكافر، ولو كان مسلماً فلا يحتج بالرؤى ولا تجعل ديناً.

د - زيادة على ذلك أنه مخالف للآيات، من ذلك قول الله - تعالى - وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً -. وقال - سبحانه - مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء -. وقال - سبحانه -: - والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً -. وقال - سبحانه -: - أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون -، وروى مسلم عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يجزى بها". أما ما ورد من التخفيف عن أبي طالب في عذاب النار فليس بسبب عمله، وإنما بسبب شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه وعن حصيلة أعماله كلها "ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار" رواه البخاري.

هـ - ثم ما علاقة ذلك بالاحتفال بالمولد النبوي.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply