بسم الله الرحمن الرحيم
مناسبات و مواسم:
أهلنا شهر شعبان و ما أدراك ما شعبان، في حديث المسند و سنده صحيح تقول السيدة عائشة رضي الله عتها و عن أبيها ذكرت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقواما يعظمون رجب فقال: (أين هم من شعبان؟!) و روت السيدة عائشة و الحديث في الصحيحين متـفق عليه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يصوم في شهر أكثر منه في شعبانº كان يصوم شعبان كله كان يصوم شعبان إلا قليلا و في المسند و عند أهل السن من حديث أسامة بن زيد أنه قال: قلت: يا رسول الله مالي أراك تصوم في شعبان مالا تصوم في غيره؟! فقال - صلى الله عليه وآله وسلم - :(إن شهر شعبان ترفع فيه الأعمال إلى الله و أنا أحب أن يرفع عملي و أنا صائم) و من حديث طلحه قال: قلت: يا رسول الله مالك تصوم أكثر شعبان؟ فقال: (هذا شهر بين رجب و رمضان يغفل عنه أكثر الناس وأنا أحب أن أحييه بالصيام) ومن حديث أبي موسى و كلها في المسند والأحاديث صحيحة أو حسنه قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صومه شعبان فقال: (هذا شهر يحبه الله) وهذا الاسناد فيه ضعف.
فاجتمع لنا في سبب إحياء شعبان بالصيام ثلاثة أسباب:
السبب الأول:
أنه شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله و رفع الأعمال يحصل أربع مرات فهناك مرتين كل يوم في صلاة الفجر وصلاة العصر يتعاقب الملائكة مرتين في اليوم والليلة، قال - صلى الله عليه وسلم - (يتعاقب فيكم ملائكة في الليل والنهار) و قال - تعالى -(يحفظونه من أمر الله) ملائكة كلفها الله أن تحفظ بني آدم و لولا حفظ الله لتخطفتهم الشياطين ملائكة يتعاقبون أي ملائكة في صلاة الفجر يستلمون وردية النهار (من الفجر إلى العصر) فيهم الملكان الموكلان بكتب الأعمال فإذا جاء وقت العصر نزلت ملائكة أخر يتسلمون وردية الليل من العصر إلى الفجر و يصعد الذين حرسوا بالنهار ومعهم الكتاب ما كتبوه من أعمال في صحف فتحفظ كما قال العلماء في السماء الأولى ثم رفع أسبوعي كل يوم خميس لما سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن سر صيامه الاثنين والخميس فقال (أما يوم الاثنين فذاك يوم ولدت فيه و بعثت فيه وأنا أحب أن أصومه وأما يوم الخميس فذلك يوم ترفع الأعمال فيه إلى الله وأنا أحب أن يرفع عملي وأنا صائم)، فترفع الأعمال كل خميس من السماء الأولى إلى السماء السابعة لتجمع ثم رفع سنوي كل شعبان فما تجمع في السنة يحفظ في اللوح المحفوظ فإذا مات ابن ادم جمع العمل كله فختم عليه فإذا قامت القيامة تطايرت الصحف ثم بلغك كتابك بيمينك أو شمالك (اللهم بلغنا كتبنا بأيماننا).
و تأمل في قوله - صلى الله عليه وسلم - في صيام الاثنين و صيام غالب شعبان (أني أحب أن يرفع عملي وأنا صائم) فما السر في بين رفع العمل والصيام قالوا لان الصائم متلبس بطاعة (اللهم ذكرنا بك فلا ننساك) فالإنسان في الصلاة إذا كبر تكبيرة الإحرام حرم عليه الأكل والشرب والكلام الخارج عن الصلاة حتى يسلم و التسليم هو التحليل فإذا سلم حل له كل شيء فكذلك الصائم إذا نوى الصوم حرم عليه الأكل والشرب والجماع فإذا أذن المغرب حل له كل شيء كذلك الحاج إذا دخل في النسك حرم عليه لبس المخيط وقص الشعر والاضافر التطيب والجماع إلى اخره فإذا تحلل حل له كل شيء فهذه حالات يكون حال العبد فيها أنه مقبل على الله بكليته لذلك فالأمة في هذا الزمان تصوم صوم لا قيمة له لأنهم يظنون أن المقصود بالصيام تجويع الجسد بالامتناع عن الأكل والشرب والجماع وانتهى الأمر لا وربي فالصيام المطلوب هو الذي يحقق التقوى أن تعيش العبادة أن تعيش من الفجر الى المغرب وأنت بين يدي الله عابد فان لم تكن عابدا فأنت لاه والله لا يقبل العبادة من ساه لاهي (اللهم أحي قلوبنا) المقصود أنه إذا كان الصائم عابدا حضر قلبه واقشعر جسمه و خشعت نفسه واقبل بكليته على الله و خصوصا قبل والمغرب و بعد العصر فانه يزداد إخباته و يزداد خشوعه فانه إذا رفع العمل في هذا الوقت و هو صائم خاشع خاضع ذليل مقبل على ربه منكسر فهذا حري أن يقبل عمله والعمل يرفع في شعبان فإياك أن تترك صيام شعبان (اللهم أعنا على صيام شعبان)
السر الثاني:
من أسرار الصيام في شعبان لما سئل عنه رسول الله قال (هذا شهر بين رجب و رمضان يغفل عنه كثير من الناس فأحب أن أحييه بالصيام فيه دليل على استحباب إحياء الأوقات المغفول عنها بالطاعة.
حين تجد الناس في غفلة في مكان ليس فيه لله ذاكر فهو مكان يكرهه الله والأسواق هي مكان الغفلة قال - صلى الله عليه وسلم - (أحب بقاع الأرض إلى الله المساجد و ابغض بقاع الأرض إلى الله الأسواق) لأنها أمكان غفلة لذلك جعل للذاكر في السوق ثوابا ليس للذاكر في أي مكان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إذا دخل أحدكم السوق فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنه) و هو حديث حسن صححه الألباني و قد ضعفه آخرون، شيك بمليون حسنه قابل للصرف الفوري لأنه من الملك الذي لا حرج على فضله و يرزق من يشاء بغير حساب هكذا الذاكر في غفلة الناس له أجر عظيم اللهم ذكرنا بك فلا ننساك قال الحبيب محمد صلى الله عليه و على آله وسلم: (عبادة في الهرج كهجرة إلي) قيل: ما الهرج؟ قال: (القتل القتل) ففي شعبان يشتغل الناس بالاستعداد لرمضان فهم في غفلة لتجهيز المأكولات والمشروبات فهذه المشاغل في وسطها يستعد المؤمن لاستقبال رمضان أن يصوم شعبان كان وهيف بن الورد إذا دخل شعبان أقفل دكانه و أقبل على مصحفه فتلى القرآن و كذلك ثبت هذا عن قيس الملائي كان إذا دخل شعبان ترك تجارته وأقبل على عبادة الله فمن هنا أصبح ضرورة الاستعداد بدورة مكثفة قصيرة لصيام رمضان في شعبان
السبب الثالث:
هو أن صيام شعبان و ست من شوال كهيئة السنن القبلية والبعدية للصلاة فأحب الأعمال إلى الله هي الفرائض وأحب الأعمال إلى الله بعد الفرائض ما كان يحف بها قريبا منها و لذا سن الرسول - صلى الله عليه وسلم - السنن الرواتب اثنا عشرة ركعة في اليوم والليلة فأفضل الطاعات ما كان يحف بالفرض فكان صيام شعبان بمثابة السنة القبلية و هذه السنن تجبر النقص إلي يحصل في رمضان قال - صلى الله عليه وسلم - من حديث طلحه (لا يقولن أحدكم صمت رمضان كله و لا قمت رمضان كله قال راوي الحديث فلا أدري اكره رسول الله التزكية أم لا بد للعبد من نقص.فالمقصود أن صيام شعبان لرمضان بمثابة السنة القبلية يعالج ما فيه من خلل و يسد ما فيه من نقص.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد