صيام اليوم التاسع مع العاشر


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السؤال

 فضيلة الشيخ عبدالله بن صالح الفوزان - وفقه الله ونفع بعلمه - نأمل منكم شيخنا الجليل بيان مراتب صيام أيام عاشوراء؟ وما حكم الاكتفاء بصيام التاسع مع العاشر فقط؟.

 

الإجابة

 عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فإذا كان العام المقبل - إن شاء الله - صمنا اليوم التاسع) قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.أخرجه مسلم، وفي رواية له: (لئن بقية إلى قابل لأصومن التاسع).

 

فالحديث دليل على أنه يستحب لمن أراد أن يصوم عاشوراء أن يصوم قبله يوماً، وهو اليوم التاسع، فيكون صوم التاسع سنة وإن لم يصمه النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأنه عزم على صومه، والغرض من ذلك - والله أعلم - أن يضمه إلى العاشر ليكون هديه مخالفاً لأهل الكتاب، فإنهم كانوا يصومون العاشر فقط، وهذا تشعر به بعض الروايات في مسلم، وقد صح عن ابن عباس - رضي الله عنهما - موقوفاً عليه: (صوموا التاسع والعاشر خالفوا اليهود). أخرجه عبد الرزاق (4/287) والطحاوي (2/78) والبيهقي (4/278) عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، وإسناده صحيح.

 

وفي هذا دلالة واضحة على أن المسلم منهي عن التشبه بالكفار وأهل الكتاب، لما في ترك التشبه بهم من المصالح العظيمة، والفوائد الكثيرة، ومن ذلك قطع الطرق المفضية إلى محبتهم والميل إليهم، وتحقيق معنى البراءة منهم، وبغضهم في الله - تعالى -، وفيه - أيضاً - استقلال المسلمين وتميزهم.

وقد ذكر أهل العلم أن أفضل المراتب في صيام عاشوراء، صوم ثلاثة أيام: التاسع والعاشر والحادي عشر، واستدلوا بحديث ابن عباس: (خالفوا اليهود وصوموا قبله يوماً وبعده يوماً)، أخرجه البيهقي (4/287).

 

وهذا حديث ضعيف، لا يعول عليه، إلا أن يقال إن صيام الثلاثة يأتي فضلها زيادة على فضل عاشوراء لكونها من شهر حرام، ورد الحث على صيامه، وليحصل فضل صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وقد ورد عن الإمام أحمد أنه قال: (من أراد أن يصوم عاشوراء صام التاسع والعاشر إلا أن تشكل الشهور فيصوم ثلاثة أيام، ابن سيرين يقول ذلك). المغني (4/441) اقتضاء الصراط المستقيم (1/419).

 

والمرتبة الثانية: صوم التاسع والعاشر، وعليها أكثر الأحاديث، وتقدمت.

والمرتبة الثالثة: صوم التاسع والعاشر أو العاشر والحادي عشر، واستدلوا بحديث ابن عباس مرفوعاً بلفظ: (صوموا يوم عاشوراء، وخالفوا فيه اليهود، صوموا قبله يوماً، أو بعده يوماً) وهو حديث ضعيف.

والمرتبة الرابعة: إفراد العاشر بالصوم، فمن أهل العلم من كرهه، لأنه تَشَبٌّهٌ بأهل الكتاب، وهو قول ابن عباس على ما هو مشهور عنه، وهو مذهب الإمام أحمد، وبعض الحنفية، وقال آخرون: لا يكره، لأنه من الأيام الفاضلة فيستحب إدراك فضيلتها بالصوم، والأظهر أنه مكروه في حق من استطاع أن يجمع معه غيره، ولا ينفي ذلك حصول الأجر لمن صامه وحده، بل هو مثاب إن شاء الله - تعالى -.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply