تسونامي .. وطوفان الأفكار


بسم الله الرحمن الرحيم

 

تتبع الزلازل في حياة الأرض هزات يسميها الجيولوجيون توابع الزلزال، وتتبع الهزات الأرضية عند الناس هزات نفسية يسميها المسلمون بالعبر والفوائد والرسائل الإلهية، وتبع زلزال جنوب آسيا طوفان من الأمواج العاتيةº وطوفان من الأفكار لاحق مخيلاتنا. وإذ انحسر طوفان المياه لقد ظل طوفان الأفكار يدهم نفوسنا وعقولنا المحدودة بسيل دافق من الخواطرº فإذا المرء شَرود من هول الفاجعة وتوابعها الإنسانية والاعتبارية:

 

"فِي بُيُوتٍ, أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فِيهَا اسمُهُ":

تلك هي إرادة الله التي لا تقف حيالها لا الزلازل ولا الطوفان.. "فِي بُيُوتٍ, أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فِيهَا اسمُهُ" (النور: 36) فكيف إذا كانت كما قال الحسن ومجاهد وابن عباس "تضيء لأهل السماء كما تضيء النجوم لأهل الأرض" [تفسير القرطبي]، وأي روعة وأي إيمان يغمر القلوب إذا ما عطف على هذا القول القديم قولٌ حديث ذكرته ميديل است أون لاين (3/1/2005) لاحظت من خلاله صوراً التقطتها وكالة فرانس برس لمنطقة مولابو (الساحل الغربي) "التي لا يمكن حالياً الوصول إليها براً، تبدو مساجد واضحة، وتشكل بقعاً بيضاء وحيدة، ويبدو أحدها المبنى الوحيد الذي يقف وسط حقل من الوحل والأنقاض".

 

وكيف وقد روى أنس بن مالك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من أحب الله - عز وجل - فليحبني ومن أحبني فليحب أصحابي، ومن أحب أصحابي فليحب القرآن، ومن أحب القرآن فليحب المساجد فإنها أفنية الله أبنيته أذن الله في رفعها وبارك فيها، ميمونة ميمون أهلها، محفوظة محفوظ أهلها، هم في صلاتهم والله - عز وجل - في حوائجهم، هم في مساجدهم والله من ورائهم" فهذه بيوت لله قضى أن ترتفع شاهدة على قدرة الرب القدير.. تشهد هي بذلك ويشهد لها صحافيان من وكالة الأنباء الإندونيسية الرسمية "انتارا" تحدثا عن "معجزة" حدثت لمبنى ديني في منطقة مولابو (الساحل الغربي)، يقولان: "في حي سواك ايندا بوتري الأكثر تضررا في المدينة، ما زال المسجد على حاله بينما دمرت كل المباني المحيطة به مثل رئاسة أركان الجيش ومهاجع رجال الشرطة".

 

وقد كان مسجد منطقة باسي لوك التي تبعد حوالي عشرين كيلو مترا شرق مدينة سيلي في منطقة بيدي الإندونيسية حديث الناس هناكº نظراً لأن أحدهما خشبي قديم والآخر إسمنتي جديد ومع تباينهما هكذا فقد صمدا وهما يتصدران المباني على شاطئ البحر بينما انهارت كل المنازل حولهما، ويفيد زعيم ديني محلي يدعى توكو كاوي أن نحو مئة من سكان القرى نجوا بلجوئهم إلى هذين المسجدين، (ولعلهم من المرتبطين روحياً بالمساجد) مؤكداً على أن "المياه غمرت المنازل المحيطة بهما لكنها لم تتجاوز الدرجة الثانية من سلالم مداخل المسجد الأربعة"، وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإسناد فيه نظر أنه قال: " إذا أراد الله بقوم عاهة نظر إلى أهل المساجد فصرف عنهم" [حديث رقم: 345 في ضعيف الجامع الصغير/الألباني]، وروى أيضا أنه قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا عاهة من السماء أنزلت صرفت عن عمار المساجد" [حديث رقم: 593 في ضعيف الجامع الصغير}.

 

وحيث جرفت الأمواج مئات المنازل في قرية كاجو، ونجا المسجد ولم يصب سوى ببعض التشققات في جدرانه، وقد أحاطت المياه بكل جدرانه لكن أي قطرة لم تدخل إليه ـ بحسب الموقع المذكور ـº ومن نعم الله في تلك الفاجعة أن هذه الآية وأخواتها باتت تحد من غلواء عمليات التنصير المتدثر بأردية فرق الإغاثة الغربية التي هرعت إلى المنطقة المنكوبة فيما المسلمون مقصرون بحق إخوانهم، وهو ما نعرض إليه في الخاطرة التالية.

 

خبز جوار الصليب:

القصة قديمة، لكنها اليوم تأخذ بعداً آخرº بعد تكبيل المنظمات الإسلامية الإغاثية والتضييق عليها ومنعها من تلقي المساعدات، وإغلاق العديد منها تحت ذرائع مختلفة في مقدمها الخشية من تقديمها دعماً للجماعات "الإرهابية" وعلى رأسها القاعدة، بدا أن الهدف الرئيس هو منع هذه المنظمات من القيام بواجبها حيال الأهل المسلمين هنا أو هناك لمنع وشائج العقيدة أن تمتد بين أصحاب الدين الواحد، ومن ثم إفساح المجال رحباً لمن يريد أن يصيد في الماء العكر ويبتز المساكين والمشردين من المسلمين تحت ضغط الحاجة، ويقدم لهم بيد الرهبان الخبز جوار الصليب.

 

إن قضية التنصير معروفة جداً في إندونيسيا، لكنها الآن تأخذ زخماً إضافياً وكبيراً بإطلاق أيدي المنظمات التنصيرية في إقليم آتشيه المنكوب، هذا الإقليم الذي رفض الكثيرون منه الآن هبات المنظمات التنصيرية الكاثوليكية رغم العوز من برد قارس وجوع شديد مثلما أكد ذلك الأب برنابا وينكلر المنصر الكبوشي الإيطالي بإقليم آتشيه، الذي صرح لوكالة الأنباء التنصيرية (ميسنا) في 3 يناير الحالي بـ"أن هذا الأمر مثير للقلق ويجب التعامل معه بحذر"، بيد أن هذا الرفض لا هو يرفع الإثم عن كواهل الأغنياء منا ولا بإمكانه أن يغلف الحقيقة المفجعة التي تقول بأن هؤلاء الصامدين في وجه موجات التنصير ما هم إلا جزء من خمسة ملايين مشرد معظمهم من المسلمين، تخلى عنهم إخوانهم المسلمون وتركوهم نهباً لكل منصر يحمل الخبز والكساء في يده، ولعمركم أين المنظمات الإسلامية بل أين الإسلاميون جميعاً من البعثة التنصيرية من طائفة المورمون النصرانية التي أوفدتها كنيسة القديسين اليسوعية الأمريكية في الثاني من هذا الشهر على متن طائرة تحمل أكثر من 70 طناً من الإمدادات الطبية والغذائية وفق شبكة 'بيج نيوز' الإخبارية المعنية بشؤون الكنيسة.

 

وأين هي من تخصيص غالبية الأبرشيات الكاثوليكية في الولايات المتحدة في الثامن والتاسع من هذا الشهر صناديق الإغاثة والتنصير ـ طبقاً لوكالة الأنباء الكاثوليكية الأمريكية ـ وإنشاء المنظمات التنصيرية بالولايات المتحدة الأمريكية صندوقاً لدعم الكنائس في إندونيسيا وسريلانكا وتايلاند ـ بحسب الوكالة نفسها ـ وفي مقدمتها منظمة كاريتاس التنصيرية الدولية المعروفة بنشاطها المحموم في توزيع الأناجيل جوار الخبز وحمل الرهبان والقساوسة إلى مناطق اللاجئين.

 

اقتنص الفرصة:

إنها سياسة اقتناص الفرص التي يتخلف عنها المسلمون بصفة عامة والإسلاميون بصفة خاصة، هذه السياسة التي يحاول غيرهم استغلالها لجهة التنصير كما تقدم.

ولجهة مد أواصر الصداقة والتعاون الاستراتيجي مع دول مهمة في الجنوب الأسيوي مثلما فعلت أستراليا/أكبر المساهمين في المساعدات الدولية (المعلن حتى الآن 760 مليون دولار) ثم ألمانيا (668 مليون دولار) واليابان (500 مليون دولار) والولايات المتحدة (350 مليون دولار) والنرويج (181 مليون دولار) وإيطاليا (100 مليون دولار)، وحتى الكيان الصهيوني الذي خف لنقل الطواقم الطبية والإغاثية (والتي كان لسيريلانكا موقفاً عز نظيره لدى الأنظمة العربية حين رفضت بكل إباء الإغاثة "الإسرائيلية"، وقبلت العربية الركوع من دون "ثواب")، فيما تخلف العرب تخلفاً مخجلاً يساهم في تخلفهم السياسي والاقتصادي وغيره فقطº لأنهم لم يتلقوا الأوامر بعد بالتحرك لإنقاذ المسلمين.

 

ولجهة تبييض الصورة الشائهة لجيوش الغزو والاحتلال كما هو الحال مع الولايات المتحدة الأمريكية التي نشرت 13 ألف جندي أمريكي من قواتها المسلحة سيئة السمعة في منطقة النكبة الإندونيسية لتقديم المساعدات وغير المساعدات في جزيرة سومطرة الإندونيسية، يقول تود جوستين ماثيوز (25 عاما) فني المروحيات التابعة لحاملة الطائرات إبراهام لنكولن من جاكسونفيل بولاية فلوريدا ـ بحسب مراسل ميديل است ـ "آمل أن يغير هذا فكرة الناس عن الجيش الأمريكي (..) تناولتنا الصحافة بالسوء مؤخراً بسبب موضوع العراق وأشياء أخرى، وعملنا هنا إنما هو محاولة من جانبنا لمساعدة المواطنين على الحصول على ما يحتاجون إليه من أجل البقاء"!!

 

ولجهة مد جسور الوجود العسكري في مناطق استراتيجية مثلما فعلت الولايات المتحدة حين رست حاملة طائرات إبراهام لنكولن الآن قبالة شواطئ أكبر دولة إسلامية في العالم سكاناً.

وحين تطير لنا الأنباء الشكوك العميقة التي يبديها الجيش الإندونيسي حيال التدخل العسكري/الإغاثي الأمريكي في إندونيسياº فهل بإمكاننا أن نمنح عقولنا إجازة ذاهلين عن أن تدخل الجيش الأمريكي بذريعة الإغاثة سيكون "مترفعاً" عن أن يُضمّن وفده "الرحيم" عناصر من الـ C.I.A للوقوف عن كثب على حقيقة ما يجري في إقليم آتشيه المسلم الراغب بالاستقلال عن إندونيسيا؟

 

ولجهة الاستغلال اللإنساني لضعف المشردين مثلما تفعل مافيات استغلال الأطفال، حيث حذر صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من تعرض نحو مليون طفل على الأقل بقوا على قيد الحياة إلى أخطار البيع لتجار البشر، وقال مديرها الإقليمي (5 يناير): "إن المنظمة اطلعت على التقارير الخاصة بأولئك الأطفال الذين تم تهريبهم خارج آتشيه"، وحيث حظرت السلطات الإندونيسية مؤقتاً سفر الأطفال لخارج البلاد لقطع الطريق أمام قوادي الشذوذ الجنسيº ولذا فإن هذه الأنباء حينئذ ينبغي أن تحمل على محمل الجد، لا سيما وأن تايلاند القريبة من مركز الزلزال ـ والمتضررة أيضاً ـ تعد الدولة الأولى في العالم من حيث حجم هذه "السياحة" النجسة، ومن المعلوم أيضاً أن عدداً من أثرياء العرب يذهب إلى هناك للسياحة ذاتها..

 

ومن هنا كان الخطر كبيراً على أطفال المسلمين الأبرياء، سيما إذا ما أضفنا لمخاوفنا، مخاوف أخرى ـ لها ما يبررها (في البلقان إبان الحرب) ـ من أن تسرع مافيات تجارة الأعضاء البشرية الطبية إلى هناك لتقطيع أشلاء موتى المسلمين وبيعها لأساطين الطب الأوروبي "الرحيم". فتنصير وجنس وتقطيع الأوصال هذه ربما أظهر مخاوفنا على البراءة الصغيرة الجائعة والمشردة في إندونيسيا المسلمة.

 

مساعداتنا لم تبلغ "ربع العشر" بعد، ولا 5 ساعات نفطية:

جزماً ليست زكاة المال العربية هي المعنية بهذه الإحصائية، فعند الحديث عن زكاة المال سيجرنا الحديث إلى عائدات نفطية كإحدى المرتكزات الاقتصادية العربية الرئيسة تتجاوز سقف الـ150 مليار دولار، تبلغ زكاة ركازها 30 ملياراً، وفقاً لما هو مقرر عند الفقهاء المسلمين (خمس الركاز) وتغطي نفقات 7 أضعاف حاجيات تسونامي، وإنما إذا كان الحديث حتى اللحظة يتحدث عن وعود بتقديم 93 مليون دولار من البلدان العربيةº فإن هذا يمثل 1. 8 % فقط من الوعود الدولية بتقديم المساعدات الدولية البالغة 4 مليارات، ويمثل بدوره أقل من عائدات 5 ساعات نفطية (104 مليون دولار من أصل 500 مليوناً يومياً).

 

وإذا ما سعينا إلى الابتعاد عن نقدنا الذاتي فلن نجد مجالاً لفكاك من نقد زعيم المعارضة الماليزية ليم كيت سيانغ لـ"برودة ولامبالاة" الدول الإسلامية النفطية لـ"المساعدات الضئيلة" التي قدمتها مقارنة بعائداتها النفطية (بيان زعيم المعارضة 6 يناير)، ملاحظاً وجود "ملايين الآسيويين" يعملون لديها، وهو الزعيم الذي قد يأتي يوماً إلى السلطة في ماليزيا إحدى النمور الآسيوية في جنوب شرق آسيا.

 

وإذا كان لا هذا ولا ذاك يعنينا، أفلا يعتري الدول العربية الخجل حين تعلم أن منظمة تنصيرية أمريكية وحدها، وهي منظمة كاريتاس التنصيرية الدولية قد تلقى فرعها الآسيوي فقط وعودًا بالتبرعات تصل قيمتها إلى 30 مليون دولار وفقاً لوكالة الأنباء الكاثوليكية الدولية، أو تقارن تبرعات دول عربية بتبرعات بطل العالم لسباق فورمولا 1، الألماني مايكل شوماخر الذي قدم وحده 10 ملايين دولار..

 

صحيح أن بعض الدول العربية تعاني من تبعات الأزمة العراقية وتأثيراتها الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة، لكن ذلك لم يمنع حتى الولايات المتحدة من تقديم مئات الملايين لهذه المساعدات لما لها من فوائد تعود على الولايات المتحدة سياسية واقتصادية وثقافية..

 

وخلاصة القول: إنه لابد وأن تنظر الدول العربية أولاً إلى واجب الأخوة الإيمانية مع مسلمي إندونيسيا وما حولها ومسؤوليتها الإسلامية والتاريخية حيال تلك البقعة المهمة من العالم، ثم بعد ذلك تنظر إلى واجبها الإنساني والأخلاقي، ثم مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية مع تلك الدول، ولتعلم أن الهند التي رفضت تلقي المساعدات ينقدح في ذهن ساستها أن هذه المساعدات ليست جميعها "خيرية" وأن البلدان الغربية التي تتعامل بمنطق أبي غريب لا يمكن أن تكون الدوافع الإنسانية قد تسللت إلى ضمائرها بين طرفة عين والتفاتتها، وأن من دون ذلك مرامٍ, لا تريدها الهند، وقبلتها غيرها تحت طائلة العوز حين لم يسد العرب والمسلمون تلكم الثغرة.

 

أين قاعدة دييجو جارسيا؟

أثير جدل مؤخراً حول مصير تلك القاعدة البريطانية التي تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية، والتي بنيت في جزيرة بالمحيط الهندي جنوبي بحر العرب، ووردت أنباء غير مؤكدة تتحدث عن فقد الولايات المتحدة لما بين 4 إلى 5 آلاف جندي وتدمير القاعدة ذاتها على خلفية معلومات ذكرتها الاتحاد الإماراتية في 5 يناير نقلاً عن وزارة الخارجية الأميركية التي أعلنت بدورها "أنها تعمل على حوالي خمسة آلاف طلب لجمع معلومات عن أميركيين ربما كانوا في مناطق جنوب آسيا خلال الكارثة" وإن كانت شددت ـ والكلام للصحيفة ـ على أن هؤلاء "ليسوا مفقودين ولكن لا يعرف أي شيء عنهم بعد! "، غير أن أنباء اختفاء هؤلاء بسبب الطوفان لم تؤكدها أي من المصادر الأمريكية أو تنفها لحد الآن، وسنقف محايدين تصديقاً أو تكذيباً لهذه الأنباء، لكننا مع ذلك نحاول إلقاء بعض الضوء على هذه القاعدة من خلال تعريفها عبر جملة من المعلومات:

 

1 ـ هذه القاعدة استخدمتها القوات الأمريكية في حربي أفغانستان والعراق ونفذت العديد من الغارات الجوية انطلاقاً منها بواسطة طائرات B-2، B-1، B-52.

 

2 ـ هذه القاعدة تقع في منتصف المسافة تقريبا بين مركز الزلزال والخليج العربي (تبعد عن الأخير نحو 2500 ميلاً) وهي أقرب إلى حد ما من الخليج منها عن أفغانستان، وهي ترتفع نحو 7 أمتار فقط عن سطح المحيط الهندي (بلغ ارتفاع موجات المد الزلزالي نحو 10 أمتار).

 

3 ـ "تقوم القوات الامريكية من قاعدة دييجو جارسيا في المحيط الهادي بتأمين الرقابة الأمريكية على المنطقة العربية والشرق الأوسط" [الخبير النفطي الألماني د. يواخيم فايس، بمعهد الاقتصاد الدولي].

 

4 ـ نشرت صحيفة (أمريكان فري برس) الأمريكية الأسبوعية التي تصدر من العاصمة واشنطن على موقعها على الإنترنت في سبتمبر 2003 تقريرا خاصا حول قدرات "إسرائيل" النووية، جاء فيه "أن ما يزيد على مئة صاروخ كروز من طراز هاربون تم نقلها جواً في السر إلى قاعدة دييجو جارسيا البريطانية في المحيط الهندي". وأشارت إلى أن ثلاث غواصات "إسرائيلية" قد اتجهت إلى ميناء القاعدة ومن ثم وصلت إليه في مطلع شهر أكتوبر 2003 وتم تحميل كل منها بـ 24 صاروخاً من نفس الطراز.

 

وأكدت الصحيفة مستندة على معلومات استخبارية أن الغواصات الثلاث أبحرت بالفعل لبحر العرب بحيث تصبح كل المنشآت النووية الإيرانية داخلة في مرمي صواريخ الغواصات (أو هكذا هو المعلن على وجه التسريب).

 

5 ـ كانت هذه القاعدة هي إحدى الأسماء المطروحة لاستضافة معتقلي القاعدة وطالبان بدلاً من جوانتانامو غير أن ملكية بريطانيا المتحفظة على جوانتانامو إلى حد ما حالت دون تبوئها تلك المكانة إضافة إلى أسباب أمنية أخرى، ومع ذلك فقد ضمنها الأمريكيون بعض معتقليهم سراً، وقد دعت ثلاث منظمات دولية للدفاع عن حقوق الإنسان في الأسبوع الثاني من شهر فبراير 2003 "مجموعة الدول الأمريكية" للتحقق من معلومات متطابقة تحدثت عن تعرض المعتقلين في قاعدة جوانتانامو وأفغانستان وقاعدة دييجو جارسيا التابعة لبريطانيا في المحيط الهندي للتعذيب.

 

6 ـ عشية حرب أفغانستان استأجرت الولايات المتحدة ناقلة تحمل 235 ألف برميل من وقود الديزل البحري من الكويت إلى قاعدة دييجو جارسيا (إسلام أون لاين 20/9/2001). كما زودت طائراتها هناك بوقود الطائرات المكرر.

 

وإذا صحت تلك الأنباء ودمر الله - سبحانه - تلك القاعدة، فإنها ذلك يعد أحد الآيات الكونية الدالة على قدرة الله النافذة، فتلكم القاعدة الباغية لكم أثكل طياروها وجنودها من أم وكم رملوا من زوجة وكم يتموا من صغار.. وتكون نصراً للمقاومات العراقية والأفغانية والفلسطينية بلا حرب، فلكم تحتاج المقاومة لقتل هذا العدد الكبير في العراق أو فلسطين أو أفغانستان من وقت جهد سدد الله عنهم بلا رصاصة واحدة.. وكم من متعلق بأسباب مادية فقط تجاهل دعوة مظلوم أو صرخة مكلوم ليس بينها وبين باريها حجاب.

 

وإن كانت الأخرى فـ"إن ربك لبالمرصاد".. وإن غداً لناظره قريب.. وستنخلع قلوب المحتلون الأمريكيون بالمزيد من ضربات المقاومين المباركة.

 

لله الأمر من قبل ومن بعد:

هذه عبرة وأي عبرة، وعظة وأي عظة، ترغي الولايات المتحدة الأمريكية وتزبد عن أفغانستان والعراق، وتذهب ظانة أنها مليكة الكون.. تلقي الولايات المتحدة على أفغانستان آلاف الأطنان من المتفجرات والقنابل العنقودية والقنابل الحرارية المخترقة للأنفاق والكهوف (ألقت منها في أفغانستان فقط 80 قنبلة على الأقل)، وتلقي على الفلوجة 20 ألف قنبلة عنقودية ـ بحسب الجزيرة ـ، وفي غزو العراق 350 طناً من اليورانيوم المنضب يحوي 940 ألف قذيفة يورانيوم، 88 ألف طن من القنابل، و50 ألف صاروخ، 14 ألف قذيفة دبابات (يعادل ذلك كله نحو 7 أمثال القوة التدميرية التي تعرضت لها مدينتا هيروشيما وناجازاكي اليابانيتان في الحرب العالمية الثانية).

 

ومع كل هذا فذلك يقل عدد قتلاه في مدة زمنية تتجاوز العامين عدد قتلى هذا المد الزلزالي الذي جاء بلحظةº ما يدل على قدرة الله العلي العظيم وأن على المرء إذ يتعاطى السياسة والاستراتيجيات لا يخال نفسه قد حاز مجامع العلومº وإذ يتمترس بالفكر المقاوم لا يسعه إلا أن يضع أمام عينه هاتين الآيتين الكريمتين: "الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَد جَمَعُوا لَكُم فَاخشَوهُم فَزَادَهُم إِيمَاناً وَقَالُوا حَسبُنَا اللَّهُ وَنِعمَ الوَكِيلُ فَانقَلَبُوا بِنِعمَةٍ, مِنَ اللَّهِ وَفَضلٍ, لَم يَمسَسهُم سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضلٍ, عَظِيمٍ," (آل عمران: 173، 174)، "... أَتَخشَونَهُم فَاللَّهُ أَحَقٌّ أَن تَخشَوهُ إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ" (التوبة: من الآية13).

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply