بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أولاً: فضلها:
قد ورد في فضلها أدلة من الكتاب والسنة منها:
1- قال -تعالى-: (وَالفَجرِ وَلَيَالٍ, عَشرٍ,) (الفجر:1، 2). قال ابن كثير -رحمه الله-: المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغيرهم، ورواه الإمام البخاري.
2- وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء)[أخرجه البخاري في صحيحه[.
3- وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما من أيام أعظم عند الله -سبحانه- ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد)[أخرجه أحمد في المسند[.
4- وكان سعيد بن جبير -رحمه الله- إذا دخلت العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يُقدَر عليه [رواه الدارمي[.
5- وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غير هذه الأيام.
ثانياً: ما يستحب فعله في هذه الأيام:
1- الصلاة:
يجب المحافظة على صلاة الجماعة، كما يستحب التبكير إلى الفرائض، فلايزال المرء في صلاة مادام ينتظر الصلاة، و يستحب كذلك الإكثار من النوافل، فإنها من أفضل القربات، فعن ثوبان -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (عليك بكثرة السجود لله، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحطَّ عنك بها خطيئة) أخرجه مسلم في صحيحه، وهذا عام في كل وقت، وفي هذه الأيام آكد.
2- الصيام:
الصيام من أفضل الطاعات وأعظم القربات، وهو داخل في عموم الأعمال الصالحة في هذه الأيام فعن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر" أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي، وقال الإمام النووي عن صوم أيام العشر أنه مستحب استحباباً شديداً.
3- التكبير والتهليل والتحميد:
يقول الله -تعالى-: {ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيامٍ, معلومات على مارزقهم من بهيمة الأنعام....}الحج(28).
قال ابن عباس -رضي الله عنه-: الأيام المعلومات هي أيام العشر، كذا في تفسير ابن كثير -رحمه الله تعالى-.
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما من أيام أعظم عند الله -سبحانه- ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد)[أخرجه أحمد في المسند[.
وقال الإمام البخاري -رحمه الله-: "كان ابن عمر وأبو هريرة -رضي الله عنهما- يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبِّران، ويكبر الناس بتكبيرهما". وقال أيضاً: "وكان عمر -رضي الله عنه- يكبِّرُ في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبِّرُ أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً".
وكان ابن عمر -رضي الله عنه- يكبِّر بمنى تلك الأيام، وخلف الصلوات، وعلى فراشه، وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً، و بناءً على ماتقدم فالمستحب الجهر بالتكبير لفعل عمر وابنه عبد الله وأبي هريرة رضوان الله عليهم أجمعين.
صيغة التكبير:
وردت الآثار الصحيحة عن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- بصيغ التكبير وهي:
أ) الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر كبيراً.
ب) الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
ج) الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر. الله أكبر ولله الحمد.
4- صيام يوم عرفة:
يوم عرفة من أعظم الأيام عند الله -تعالى-، وقد تفضل الله على عباده المسلمين بأن جعل صومه يكفِّرُ ذنوب سنتين كاملتين فقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال عن صوم يوم عرفة: (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) أخرجه مسلم في صحيحه. لكن من كان في عرفة أي حاجّاً فإنه لا يستحب له الصيام لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقف بعرفة مفطراً.
5- فضل يوم النحر:
يوم النحر من أعظم الأيام عند الله -تعالى-، حتى إن بعض العلماء يرى أنه أفضل أيام السنة على الإطلاق، حتى من يوم عرفة فقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القرِّ)[أخرجه أبوداود في سننه]. ويوم القرِّ هو يوم الاستقرار في منى، وهو ا ليوم الحادي عشر من ذي الحجة، قال ابن القيم -رحمه الله-: "خير الأيام عند الله يوم النحر، وهو يوم الحج الأكبر"، وقيل: يوم عرفة أفضل منه لأن صيامه يكفر سنتين، وما من يوم يعتق الله فيه الرقاب أكثر منه في يوم عرفة، ولأنه -سبحانه وتعالى- يدنو فيه من عباده، ثم يُباهي ملائكته بأهل الموقف، والصّواب القول الأول، والله أعلم.
واعلم أخي المسلم أن الموفق هو من اغتنم هذه الأوقات المباركة بالتوبة الصادقة، وبالإقلاع عن الذنوب والمعاصي، فإن الذنوب هي التي تحرم الإنسان فضل ربه، وتحجب قلبه عن مولاه، والموفق كذلك من اغتنم هذه الأيام الفاضلة فيما يرضي الله -عز وجل-، ومن صدق الله في توبته صدقه الله، يقول الله عزوجل (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنَا)(العنكبوت:من الآية69).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد