الموسم الأخير


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

إنها أفضل أيام الدنيا إنها العشر التي أقسم الله –تعالى- بها في كتابه {والفجر وليال عشر} إنها الأيام المعلومات التي شرع الله -تعالى- فيها ذكره {ويذكروا اسم الله في أيام معلومات}, ويقول -صلى الله عليه وسلم- :(أفضل أيام الدنيا أيام العشر) صححه الألباني. فما من أيام يحب الله العمل الصالح فيها أكثر من هذه الأيام, يقول الحبيب صلوات الله وسلامه عليه: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر. قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله, إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء)رواه البخاري.

إنها العشر التي بها يوم عرفة ذلك اليوم الذي يدنو الله -تعالى- فيه ثم يباهي بأهل الموقف ملائكة السماء (فما من يوم أكثر أن يعتق الله فيه عبيدا من النار من يوم عرفة), صيامه لغير الحاج يكفر سنتين: السنة الماضية والقابلة.

إنها العشر التي جمع الله فيها أمهات العبادات كلها فما من عبادة في الإسلام إلا ولها مكان في العشر, إنها الموسم الأخير في هذا العام العمل الصالح فيه محبوب إلى الملك الديان - أفلا تحب أيها العبد ما أحب مولاك؟

تذكر أن بلوغ هذه العشر بعد رمضان نعمة عظيمة فكم من نفس أدركت رمضان لم تدرك العيد بعده, وكم نفس أدركت عيد الفطر لم تدرك عشر ذي الحجة والعيد بعدها, فاحمد الله على نعمة بلوغ هذا الموسم من مواسم الجنة. تذكر أن هذه العشر هي العزاء لمن فرط في رمضان فهاهو مولاك -جل وعلا- يمهلك ويمد في عمرك.... فماذا أنت فاعل؟!

تذكر كم مرت عليك في أوائل الشهور من عشر لم يكن لها ميزة أما هذه العشر فقد ميزها خالقها وجعلها خير أيام العام, فاستغل الفرصة فإنها عشر مباركة قد لا تعود, ثم تذكر أن هذه العشر في شهر ذي الحجة وهو آخر شهور العام, فعما قليل ستطوى صحائفه... فاختم عامك أيها المسلم بخير فإن العبرة بالخواتيم

تذكر أنك في موسم فاق العمل الصالح فيه حبا إلى الله الجهاد في سبيل الله مع أن الجهاد ذروة سنام الدين, فالمحروم من ضيع الفرصة والتي قد لا تعود.

و هاك أخي الكريم أختي الكريمة أنواع العمل الصالح التي يتقرب بها إلى الله -عز وجل- في هذه العشر المباركة:

أولا: التوبة النصوح: وذلك بالإقلاع عن الذنوب والمعاصي والندم على ما مضى والعزم على ألا يعود, وأن تكون خالصة لله.

ثانيا: الحرص على أداء الصلاة جماعة والتبكير إلى المساجد, وأن تحرص على إدراك تكبيرة الإحرام, وأداء السنن الرواتب والنوافل المطلقة كصلاة الضحى, والوتر, وأن تعود إلى قيام الليل, يا من تركته بعد رمضان وليعلم المسلم أن أفضل ما انشغل به مسلم أن يقف بين يدي الله مصليا.

ثالثا: أداء الحج والعمرة: وليتذكر المسلم أن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة, وأن جائزة أهل عرفات أن يقال لهم انصرفوا مغفورا لكم. وأنت يا من تركت حج فرضك مؤجلا و متكاسلا مع استطاعتك ماليا و بدنيا خوفا من الزحام أو الحر تذكر زحام المحشر وحر جهنم, ثم تذكر أن الحج باب لنفي الفقر والذنوب, والبخيل من بخل على نفسه.

رابعا: صيام تسعة أيام من هذه العشر أو ما تيسر وخاصة يوم عرفة, يقول الحبيب -صلى الله عليه وسلم-: (صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده), وتذكر أن من صام يوما في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا, وقد نقل بعض أزواجه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يصوم تسع ذي الحجة.. الحديث رواه الإمام أحمد والنسائي وصححه الألباني.

خامسا: بر الوالدين وخاصة الأم والإحسان إليهما وخدمتهما والحرص على إدخال السرور إلى قلبيهما, إما بكلمة طيبة, أو هدية حسنة. فبر الوالدين من أعظم القربات إلى الله –تعالى-.

سادسا: التكبير والذكر في كل وقت فهو شعار أهل الإيمان في هذه الأيام, ولا يمنعك الخجل أيها المسلم من الجهر بالتكبير, فقد كان أصحاب الحبيب -صلى الله عليه وسلم- ومنهم ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى الأسواق لا لحاجة الشراء وإنما لإحياء هذه السنة وصفتها: (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد).

سابعا: الصدقة والإحسان إلى الخلق: وتذكر أنك بهذا تحسن إلى نفسك قبل إحسانك إلى المحتاجين, احرص على أن تتصدق في كل يوم ولو بريال واحد عسى أن ترفع إلى السماء من المنفقين وتضاعف لك (اللهم أعط منفقا خلفا).

واعلم أن الله -تعالى- يقبل الصدقة ولو كانت تمرة, وتمعن في قول الحبيب -صلى الله عليه وسلم- :(من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيبا, فإن الله يقبلها بيمينه فيربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل العظيم).

ثامنا: الأضحية فإن أحب الأعمال إلى الله يوم النحر (العاشر من ذي الحجة) إهراق الدم تقربا إلى الله فإن للمضحي بكل شعرة حسنة, فطب بها نفسا, واحذر من البخل بها وتصدق منها وأهدي إلى جيرانك, واعلم أنها سنة مؤكدة مشروعة في حق الأحياء يكره لمن وجد سعة أن يبخل بها, واعلم أن من أراد الأضحية فليمسك عن شعره وظفره أيام العشر, ومن أخذ من ذلك متعمدا لحاجة ماسة فلا يمنع ذلك من الأضحية ولكن ينقص أجرها وعليه التوبة).

تاسعا: الاستزادة من الأعمال الصالحة على سعتها وكثرتها مثل تلاوة القرآن, وختمته في هذه العشر, وحسن الخلق مع الناس, وصلة الأرحام, والإحسان إلى الجيران, ولا تتهاون في صلاة العيد فإنها من إقامة ذكر الله.

وفي الختام تذكر أن الأجور في هذا الموسم تتضاعف فاجعلها نقطة الانطلاق إلى رحاب الإيمان والمسارعة إلى الخيرات, واحذر أخي المؤمن أن تهدم ما بنيته من عمل صالح بختام هذه العشر أو أن تجعل أيام العيد أشر وبطر وانتهاك حرمات الله.

أعاننا الله -تعالى- وإياك على استغلال هذا الموسم وبلغنا مواسم الخير في الأعوام القادمة,

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply