بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
ملخص الخطبة:
1- وصف سريع لرحلة الإسراء والمعراج
2- بدعية اتخاذ ذكرى الإسراء والمعراج عيداً
الخطبة الأولى:
إن من الحوادث العظيمة التي وقعت في الإسلام، حادثة الإسراء والمعراج، التي وقعت قبل الهجرة النبوية بعام واحد، وذلك بعد اشتداد أذية قريش وتكذيبها للنبي صلى الله عليه وسلم وموت أم المؤمنين خديجة، فكانت تطميناً للنبي صلى الله عليه وسلم وربطا لقلبه، ولإعلامه أنه خاتم النبيين، وإمام المرسلين، ولقد وقع الإسراء والمعراج في ليلة واحدة، بالجسد والروح معا، حيث جاء جبريل عليه السلام، فشق صدر النبي صلى الله عليه وسلم واستخرج قلبه وغسله في إناء من ذهب وملأه إيمانا وحكمة ثم لأم صدره مرة أخرى، ثم ركب نبينا صلى الله عليه وسلم البراق، وهو دابة دون البغل وفوق الحمار الأبيض، فأُسري به إلى بيت المقدس، حيث التقى بالأنبياء ووصفهم لنا، وصلى بهم هنالك ركعتين، ثم عُرج به إلى السماء السابعة، مرورا بالسماوات الست، حيث التقى مرة أخرى بالأنبياء آدم ويوسف وإدريس وعيسى ويحيى ابن زكريا وهارون وموسى وإبراهيم عليهم السلام، ووصف لنا النبي صلى الله عليه وسلم ما رآه من آيات الله الكبرى، فقد رأى البيت المعمور، وهو بيت في السماء يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه إلى قيام الساعة، وما يعلم جنود ربك إلا هو، ورأى سدرة المنتهى، التي ثمرها مثل الجرار، وورقها مثل آذان الفيلة، ووصف لنا أنهار الجنة وبخاصة الكوثر، الذي حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف، وطينه المسك، وأُتي النبي صلى الله عليه وسلم بإناء فيه خمر، وآخر من لبن وآخر من عسل، فأخذ اللبن، فقال له جبريل: هي الفطرة، ولو أخذت الخمر لغوت أمتك، ورأى نبينا صلى الله عليه وسلم أصنافا من الناس يعذبون، فمن ذلك رؤيته لأناس لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم لأنهم كانوا يغتابون الناس في الدنيا ويقعون في أعراضهم، وكم منا عباد الله يقع في تلك الكبيرة؟ ورأى النبي صلى الله عليه وسلم أقواما تُقرض شفاههم وألسنتهم بمقاريض من نار، فسأل عنهم فقيل له هم خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون، وهم عباد الله لم يُعذبوا لأنهم كانوا يعظون الناس، حاشا وكلا، إنما عذابهم لتركهم المعروف وإتيانهم المنكر، ثم إن نبينا صلى الله عليه وسلم كلمه الله تعالى، بدون واسطة، ففرض عليه خمسين صلاة في اليوم والليلة، وشُرعت في السماء لتكون الصلاة معراجا ترقى بالناس كلما تدنت بهم شهوات النفوس وأعراض الدنيا، وأكثر الناس اليوم لا يصلون الصلوات التي شرعها الله، فصلاتهم لا حياة فيها ولا روح، إنما هي مجرد حركات جوفاء، لأن علامة صدق الصلاة أن تعصم صاحبها من الوقوع في الخطايا، وأن تخجله من الاستمرار والبقاء عليها إن هو ألم بشيء منها، وإن لم ترفع الصلاة صاحبها إلى هذه الدرجة، فهي صلاة كاذبة، ولقد نصح نبي الله موسى عليه السلام نبينا صلى الله عليه وسلم أن يراجع ربه في أمر الخمسين صلاة، لأنه قد خبر الناس قبله وعالج بني إسرائيل أشد المعالجة، ولأن أمة محمد صلى الله عليه وسلم أضعف أجسادا وقلوبا وأبصارا وأسماعا، ففعل النبي صلى الله عليه وسلم بمشورة موسى عليه السلام فخفف الله عنه عشر صلوات، ثم أشار عليه نبي الله موسى أن يراجع ربه تارة أخرى، فخفف الله تعالى عشر صلوات أخرى، ثم أخرى حتى بلغت خمس صلوات في اليوم والليلة، بخمسين صلاة في الأجر، فالحمد لله تعالى أن خفف عنا، وأثبت لنا أجر الخمسين، وويل لمن خففت عنهم الصلوات إلى خمس ولم يأتوا بها كاملة في أوقاتها وكما أمر الله بها في المساجد، أقول قولي واستغفر الله.
الخطبة الثانية:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، إن واقعة الإسراء والمعراج حادثة عظيمة جاء ذكرها في كتاب الله في سورة الإسراء وسورة النجم، وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فيها من العبر والآيات الكبرى، ما يزيد في إيمان العبد، ويعظم مكانة النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه، ولكن من الناس من يستغل هذه المناسبة العظيمة لأغراض دنيئة، فأهل البدع والخرافيون يحتفلون بليلة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب، والاحتفال بالمولد أو بليلة الإسراء والمعراج بدعة منكرة، وضلالة، لأن النبي المجتبى والحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بها هو ولا أصحابه من بعده ولا التابعون، فلم يبق للمحتفل إلا أن يدعي أنه أعلم من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، أو يقر بأن ما جاء به بدعة، والعجيب أن بعض الدول تحتفل رسميا بهذه البدع كبديل فعال لإسلام أهل السنة والجماعة، حيث يخدرون مشاعر العامة بالأعياد الصوفية، ويصرفونهم بها عن تطبيق الشريعة وتحكيمها، ولم يثبت تحديد شهر الإسراء والمعراج فضلا عن تحديد يومها بأنه السابع والعشرون، فاتقوا الله عباد الله وذروا البدع كلها، وحاربوها وحاربوا أهلها، وعظموا أمر الصلاة التي عظمها الله تعالى، حيث فرضها الله تعالى في السماء السابعة لمكانتها وأهميتها، وألقاها إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بدون واسطة، حافظوا على الصلاة وتعاهدوا أبنائكم في أدائها، فكثير منهم لا يصلون، ولا خير في دين لا صلاة فيه، نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد