بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أولا البدع الفعلية :
بدعة الاحتفال بالمولد النبوي:
يقوم بعض المسلمين بالاحتفال بالمولد النبوي، وليس لديهم دليل من الكتاب أوالسنة ولا من عمل الصحابة من بعدهم، وأما ما جاء في صحيح مسلم (( أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سئل عن صوم يوم الاثنين فقال: فيه ولدت وفيه انزل علي)) فلا يجوز الاستدلال به على جواز الاحتفال بالمولد النبوي لأمور :
- أن النبي (صلى الله عليه وسلم) سئل عن صيام يوم الاثنين ولم يسأل عن مولده .
- أن تحديد تاريخ مولده عليه الصلاة والسلام غير معروف، وقد ذكر أهل السير خمسة أقوال في تاريخ مولده .
- لو كان الاحتفال بيوم مولده جائزا ومشروعا فضلا عن أنه مستحب لبينه عليه الصلاة والسلام بيانا واضحا لا غموض فيه ، كما في صيام يوم عاشوراء ويوم عرفة وليلة القدر وغيرها .
- أن هذه البدعة لم تكن على عهد الصحابة رضوان الله عليهم الذين هم أشد حبا للنبي (صلى الله عليه وسلم)، بل ما عرفت إلا في القرن الثالث في زمن الدولة الفاطيمة .
- لم يقل أحد من العلماء الذين شرحوا صحيح مسلم، أن هذا الحديث دليلا على الاحتفال بمولده عليه الصلاة والسلام، بل على العكس من ذلك، نص بعضهم على بدعية هذا الأمر. انظر كتاب ((السراج الوهاج شرح مختصر مسلم بن حجاج ، منحة المنعم شرح صحيح مسلم)).
بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان:
ومما ابتدعه بعض الناس تخصيص ليلة النصف من شعبان بعادات معينة مثل: قيام ليلة النصف من شعبان وصيام يوم خمسة عشر من شعبان، ولا يوجد دليل من الكتاب أو السنة الصحيحة ما يحث على ذلك.
أما حديث علي بن أي طالب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ((إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول ألا من مستغفر فاغقر له، ألا من مسترزق فأرزقه، ألا من مبتلى فأعطيه، ألا كذا ألا كذا، حتى يطلع الفجر)) رواه ابم ماجة وسنده ضعيف جدا. فيه ابن أبي سبرة، قال أحمد وابن معين: يضع الحديث. وحديث (من صلى ليلة النصف من شعبان ثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة قل هو الله أحد ثلاثين مرة لم يخرج حتى يرى مقعده من الجنة.....) الحديث (الموضوعات(2/50))
ذكر الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الترغيب والترهيب ((عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك، أو مشاحن)) رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه، وقال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى حديث صحيح (صحيح الترغيب والترهيب499) قلت لا يوجد في هذا الحديث أي دليل على مشروعية الاحتفال بهذه الليلة .
بدعة الاحتفال بليلة بليلة الإسراء والمعراج:
لا ريب أن الإسراء والمعراج آية من من آيات الله عز وجل قال تعالى: ((سُبحَانَ الَّذِي أَسرَى بِعَبدِهِ لَيلاً مِّنَ المَسجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذِي بَارَكنَا حَولَهُ لِنُرِيَهُ مِن آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)) الإسراء 1.
ولكن الاحتفال بهذه المناسبة وتخصيصها بعبادة معينة فهذه بدعة منكرة لأمور :
- لم يأت في الأحاديث الصحيحة تعيين هذه الليلة لا في رجب ولا غيره وكل ما ورد في تعيينها فهو غير ثابت.
- على فرض تعيينها لم يجز للمسلمين الاحتفال بها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه الاحتفال بها .
- لم ينقل عن الصحابة والتابعين وأئمة الهدى أنهم احتفلوا بها ولو ثبت أنهم احتفلوا بها لنقلوه إلينا، حيث أنهم نقلوا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم كل شيء تحتاجه الأمة ولم يفرطوا في شيء من الدين بل هم السابقون إلى كل خير .
بدعة صلاة الرغائب في رجب:
ومن البدع المحدثة في شهر رجب ما يعرف بصلاة الرغائب، وهي ما يفعله بعض الناس في أول ليلة جمعة من رجب بين صلاتي المغرب والعشاء يسبقها صيام الخميس الذي هو أول خميس في رجب. وهي بدعة منكرة حيث لا دليل لها من الشرع بل الأصل فيها حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم (الموضوعات 2/48).
ثانيا البدع اللفظية:
هي عبارة عن ألفاظ اشتهرت على ألسنة بعض الناس وقد نهى الشرع عنها .
الله ما يضرب بعصى:
قال الشيخ بكر بوزيد حفظه الله تعالى ((هذه من الألفاظ الدارجة على ألسنة بعض العامة، عند المغالبة والمشادة، ويظهر أن المراد: أن الله -سبحانه- حكم قسط ((وَلَا يَظلِمُ رَبٌّكَ أَحَداً))، لكن التعبير بها سوء ادب، فتجتنب وينهى عنها من يتلفظ بها)). (معجم المناهي اللفظية 119).
أنا بالله وبك وأنا متوكل على الله وعليك أو لولا الله وفلان:
هذه ألفاظ نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((لا تقولوا ما شاء الله وفلان، ولكن قولوا ما شاء الله، ثم شاء فلان)) رواه أبو داود وصححه الألباني. والصواب في هذه الألفاظ أن يأتي بقول ((ثم)) ومثال ذلك ((توكلت على الله ثم عليك)). (معجم المناهي اللفظية 153 بتصرف).
الله ورسوله أعلم:
قال الشيخ بكر بوزيد حفظه الله تعالى: ((الأصل أن يقال الله سبحانه وتعالى أعلم، وأما قول الصحابة رضي الله عنهم ( الله ورسوله أعلم)) فذلك من حسن أدبهم في التعلم، وكذلك أنه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم. أما بعد وفاته فلم يكن من هدي الصحابة رضوان الله عليهم إذا سئلوا عن شيء ان يقولوا الله أعلم. كما جاء في صحيح البخاري ((أن عمر بن الخطاب سأل الصحابة عن سبب نزول آية في القرآن الكريم فقالوا الله أعلم)). (معجم المناهي اللفظية 128).
وكذلك يقال الله ورسوله أعلم في أمور الدين أما في امور الدنيا يقال الله أعلم لقوله عليه الصلاة والسلام (أنتم أعلم بأمور دنياكم).
الله لا يغفر لفلان:
قال عليه الصلاة والسلام ((قال رجل، والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله عز وجل، من ذا الذي يتألى على أن لا أغفر لفلان، إني غفرت له وأحبطت عملك)) رواه مسلم .
وكذلك تعيين شخص بعينه أنه من أهل النار أو من أهل الجنة، فهذا لا يجوز لأنه من علم الغيب، ومعتقد أهل السنة والجماعة أنهم لا يشهدون لأحد بجنة أو نار إلا ما شهد الله تعالى له أو رسوله صلى الله عليه وسلم.
صدق الله العظيم:
قال الشيخ بكر بوزيد حفظه الله تعالى: نعم صدق الله العظيم ((وَمَن أَصدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً)) النساء:122 ((وَمَن أَصدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً)) النساء:87. وقول القائل صدق الله العظيم ، فتقييده بزمان أو مكان، أو حال من الأحوال، لا بد من دليل، إذ الأذكار المقيدة لا تكزن إلا بدليل، وعليه :
فإن التزام هذا بعد قراءة القرآن، لا دليل عليه، فيكون غير مشروع والتعبد بما لم يشرع من البدع، فالتزامها والحال هذه بدعة. والله أعلم. (معجم المناهي اللفظية 336). ولكن لو قالها إنسان بعد وقوع أثر ما وكان في القرآن ما يوافقه فإنه يقول صدق الله كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم .
صدق الله العظيم:
قال الشيخ بكر بوزيد حفظه الله تعالى: ((عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المؤمن القوي خير واحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان)) رواه مسلم. ومن كمال التوحيد الاستسلام لقضاء الله وقدره، واللو: تحسر يوحي بمنازعة للقدر، والله المستعان. واستثنى العلماء من ذلك جواز (لو) في المور الشرعية التي تمكنه، لأنه من باب تمني الخير وفعله ، وعليه عقد البخاري في ((الصحيح)): (باب ما يجوز من اللو). وجوازها فيما يستقبل مثل: لو اشتريت كذا فانا شريكك. (معجم المناهي اللفظية 476 ).
نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يوفق المسلمين للعمل بالسنة والتمسك بها وأن يجنبهم البدع في الدين إنه جواد كريم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد