لـكل شـيء إذا مـا تـم نقصان

3.6k
2 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

لـكل شـيءٍ, إذا مـا تـم نقصانُ *** فـلا يُـغرٌّ بـطيب العيش إنسانُ

هـي الأمـورُ كـما شاهدتها دُولٌ *** مَـن سَـرَّهُ زَمـنٌ ساءَتهُ أزمانُ

وهـذه الـدار لا تُـبقي على أحد *** ولا يـدوم عـلى حـالٍ, لها شان

يُـمزق الـدهر حـتمًا كل سابغةٍ, *** إذا نـبت مـشرفيّاتٌ وخُـرصانُ

ويـنتضي كـلّ سيف للفناء ولو *** كـان ابنَ ذي يزَن والغمدَ غُمدان

أيـن الملوك ذَوو التيجان من يمنٍ, *** وأيـن مـنهم أكـاليلٌ وتيجانُ؟

وأيـن مـا شـاده شـدَّادُ في إرمٍ, *** وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ؟

وأيـن مـا حازه قارون من ذهب *** وأيـن عـادٌ وشـدادٌ وقحطانُ؟

أتـى عـلى الـكُل أمر لا مَرد له *** حـتى قَـضَوا فكأن القوم ما كانوا

وصـار ما كان من مُلك ومن مَلِك *** كما حكى عن خيال الطّيفِ وسنانُ

دارَ الـزّمانُ عـلى (دارا) وقاتِلِه *** وأمَّ كـسـرى فـما آواه إيـوانُ

كـأنما الصَّعب لم يسهُل له سببُ *** يـومًا ولا مَـلكَ الـدُنيا سُـليمانُ

فـجائعُ الـدهر أنـواعٌ مُـنوَّعة *** ولـلـزمان مـسرّاتٌ وأحـزانُ

ولـلـحوادث سُـلـوان يـسهلها *** ومـا لـما حـلّ بالإسلام سُلوانُ

دهـى الـجزيرة أمرٌ لا عزاءَ له *** هـوى لـه أُحـدٌ وانـهد ثهلانُ

أصابها العينُ في الإسلام فارتزأت *** حـتى خَـلت مـنه أقطارٌ وبُلدانُ

فـاسأل (بلنسيةً) ما شأنُ (مُرسيةً) *** وأيـنَ (شـاطبةٌ) أم أيـنَ (جَيَّانُ)

وأيـن (قُـرطبة)ٌ دارُ الـعلوم فكم *** مـن عـالمٍ, قـد سما فيها له شانُ

وأين (حمص)ُ وما تحويه من نزهٍ, *** ونـهرهُا الـعَذبُ فـياضٌ وملآنُ

قـواعدٌ كـنَّ أركـانَ الـبلاد فما *** عـسى الـبقاءُ إذا لـم تبقَ أركانُ

تـبكي الحنيفيةَ البيضاءُ من أسفٍ, *** كـما بـكى لـفراق الإلفِ هيمانُ

عـلى ديـار مـن الإسلام خالية *** قـد أقـفرت ولـها بالكفر عُمرانُ

حيث المساجد قد صارت كنائسَ ما *** فـيـهنَّ إلا نـواقيسٌ وصُـلبانُ

حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ *** حـتى الـمنابرُ ترثي وهي عيدانُ

يـا غـافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ *** إن كـنت فـي سِنَةٍ, فالدهرُ يقظانُ

ومـاشيًا مـرحًا يـلهيه مـوطنهُ *** أبـعد حمصٍ, تَغرٌّ المرءَ أوطانُ؟

تـلك الـمصيبةُ أنـست ما تقدمها *** ومـا لـها مع طولَ الدهرِ نسيانُ

يـا راكـبين عتاق الخيلِ ضامرةً *** كـأنها فـي مـجال السبقِ عقبانُ

وحـاملين سـيُوفَ الـهندِ مرهفةُ *** كـأنها فـي ظـلام الـنقع نيرانُ

وراتـعين وراء الـبحر في دعةٍ, *** لـهم بـأوطانهم عـزُّ وسـلطانُ

أعـندكم نـبأ مـن أهـل أندلسٍ, *** فـقد سرى بحديثِ القومِ رُكبانُ؟

كم يستغيث بنا المستضعفون وهم *** قـتلى وأسـرى فما يهتز إنسان؟

مـاذا الـتقاُطع في الإسلام بينكمُ *** وأنـتم يـا عـبادَ الله إخـوانُ؟

ألا نـفـوسٌ أبَّـاتٌ لـها هـممٌ *** أمـا عـلى الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ

يـا مـن لـذلةِ قـومٍ, بعدَ عزِّهمُ *** أحـال حـالهم جـورُ وطُـغيانُ

بـالأمس كـانوا ملوكًا في منازلهم *** والـيومَ هـم في بلاد الكفرِّ عُبدانُ

فـلو تـراهم حيارى لا دليل لهم *** عـليهمُ مـن ثـيابِ الـذلِ ألوانُ

ولـو رأيـتَ بـكاهُم عـندَ بيعهمُ *** لـهالكَ الأمـرُ واستهوتكَ أحزانُ

يـا ربَّ أمّ وطـفلٍ, حـيلَ بينهما *** كـمـا تـفـرقَ أرواحٌ وأبـدانُ

وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت *** كـأنـما يـاقـوتٌ ومـرجـانُ

يـقودُها الـعلجُ لـلمكروه مكرهةً *** والـعينُ بـاكيةُ والـقلبُ حيرانُ

لـمثل هـذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ, *** إن كـان فـي القلبِ إسلامٌ وإيمانُ


أضف تعليق