نفحة من بستان الوحي

933
2 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

قام فيها الصَّباحُ بعد المساءِ **** فبنى فوقها حصون الضياءِ

وأدار السِّياج حول رُباها **** فحماها من سَطوةِ الدٌّخلاءِ

ودعا نحوها السَّحاب فأعطى **** ماءه صافياً بدون غثاءِ

وَحَبا الأمن للعصافير حتى **** أمتعت روضَها بشدو الصفاءِ

لم يدعها في غَيهب الليل، لكن **** سكب النورَ فوقَها من حراءِ

ودعاها إلى الشموخ فسارت **** تتسامى بخاتم الأنبياءِ

لم يكن صوتُه سوى صوتِ حقّ **** أسمع الغافلينَ أحلى نداءِ

حينَها ازدانتِ الجبالُ وأحيا **** صوتُه العَذبُ بَهجَةَ الصحراءِ

حينَها صارت العقيدةُ أُماً **** وأباً للعبيد والضعفاءِ

دارت الأرضُ دورةً أيقظتها **** من سُباتِ الجهالةِ الجَهلاءِ

واستدار التاريخُ لما رآنا **** ننقش النور في يدِ الجوزاءِ

وانتشى المجدُ حين أصغى إلينا **** نتحاكى بقصَّةِ الإسراءِ

كبرياءُ الطٌّغاةِ ماتت لأنا **** قد سجدنا لصاحب الكبرياءِ

ولأنَّ القرآن نَبعُ يقينٍ, **** ترتوي منه أنفسُ الأتقياءِ

حين تُتلى آياتُه يَتجلَّى **** كلٌّ معنىً من التٌّقى والنَّقاءِ

تلتقي الأرضُ بالسماءِ لقاءً **** لم تَر الأرضُ مثلَه من لقاءِ

رفع الناس من عبادةِ صخرِ **** وترابٍ, إلى مقام السَّماءِ

خرجوا من براثنِ الكفر لمَّا **** بَدَأ المصطفى بكشف الغطاءِ

نشر الحبَّ فوقهم فاستظلٌّوا **** واستراحوا من قَسوة الرَّمضاءِ

واستلذٌّوا البلاءَ فيه احتساباً **** إنَّ في الحقِّ لذَّةً للبلاءِ

مََن أبو جهلَ، مَن أميَّةُ إلاَّ **** أنفسٌ غُذِّيت بشرِّ غذاءِ

صنعوا تمرَهم إلهاً أراقوا **** عند رجليه دمعةَ استجداءِ

ثمَّ جاعوا فحوَّلوه طعاماً **** فتأمَّل عبادةَ الأهواءِ

إنَّه الكفرُ يجعل الحرَّ عبداً **** ويُريه الأَمام مثلَ الوراءِ

يا رياضَ القرآنِ فيكِ احتمينا **** من لظى القيظ أو صقيع الشتاءِ

ووجدنا الأمانَ من كلَّ خوفٍ, **** ولقينا الشِّفاءَ من كلِّ داءِ

يا رياضَ القرآن، نهرُكِ يجري **** صافياً في مشاعر الأَتقياءِ

لم يزل يمنح النٌّفوسَ ارتقاءً **** عن مَهاوي الرَّدَى وأيَّ ارتقاءِ

لم يزل يمنح الصدور انشراحاً **** ويُريح القلوبَ بعد العَناءِ

يا أبا خالدٍ, أرى النور يَهمي **** صافياً، من تلاوة القرَّاءِ

إنَّه الوحي سرٌّ كلِّ نجاحٍ, **** وفلاحٍ,، ومُؤنسُ الغرباءِ

حينما يلتقي كتابٌ كريمٌ **** بسيوفٍ, للحقِّ ذاتِ مَضاءِ

يصبح العدلُ منهجاً للبرايا **** وغصوناً ممدودةَ الأَفياءِ

إنَّه الوحي، يصرف الشرَّ عنَّا **** ويَقينا تسلٌّط الأَعداءِ

يا أبا خالدٍ,، أرى القدسَ تبكي **** لها الحقٌّ في شديد البكاءِ

كبَّلَ المعتدي يديها ونادى **** كلَّ لص، وقال: هذا فنائي

فخذوا كلَّ ما أردتم وذوقوا **** مُتعة الشُرب من دموع النساء

واستلذٌّوا بقتل طفلٍ, بريءٍ, **** وبما تشربونه من دماءِ

أشعلوا بالرَّصاص ثوب فتاةٍ, **** سجنت فيه موجةَ الإغراءِ

وانثروا بالرَّصَاص جَبهةَ شيخٍ, **** واستلذٌّوا بمنظر الأَشلاءِ

إنَّه الغدر من سجايا يهودِ **** منذ تاهوا في لجَّة الصحراءِ

حاجةُ القدس أن ترى جيشَ حقٍ, **** حافظاً للكتابِ صَلبَ البناءِ

حين يتلو الأنفالَ يفتح منها **** أَلفَ بابٍ, إلى طريق الفداءِ

يرفع الحقَّ في سراديب عصرٍ, **** لم يزل يستبيح كلَّ التواءِ

يا أبا خالدٍ,، هنا البذلُ بَذلٌ **** وهنا يرتقي مقامُ العطاءِ

وهنا يصبح السَّخاءُ سخاءً **** تتسامى به معاني السَّخاءِ

أنتَ أََجرَيتَ ها هنا نهرَ خيرٍ, **** وجزاء الرحمن خيرُ الجَزاءِ

إنَّ أقوى جيشٍ, على الأرض جيشٌ **** غُذِّيَت روحُه بوحي السَّماءِ


أضف تعليق