نَظرةٌ في شموخ اليُتم

7.6k
2 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

أسمى صفاتِكَ أن تكون كريما **** وتكونَ بَراً بالعباد رحيما

أسمى صفاتِكَ أن تكونَ مميَّزاً **** بسداد رأيكَ في الأمور، حكيما

تسعى بكَ الدنيا، وأنتَ تقودُها **** بالحقِّ، تُسعِدُ قلبها المهموما

تلقى الخطوبَ وأنتَ أرفَعُ هامةً **** منها، وتأنَف أن تعيش ذَميما

أسمى صفاتكَ أن ترى الدنيا بلا **** غَبَشٍ,، وأن يبقى الفؤادُ سليما

أن تجعل التاريخَ يَملأُ كأسَه **** وتكونَ أنتَ رحيقَها المختوما

ترمي بسهمكَ، لا لِتَقتُلَ آمناً **** لكن لتحرُسَ خائفاً محروما

تسعى إلى كَسبِ العلومِ تقرٌّباً **** للهِ، لا ليُقَالَ: صار عليما

أسمى صفاتكَ أن تحلِّقَ عالياً **** بجناح عدلكَ، تنصر المظلوما

يا حاملَ الدٌّنيا على كتفِ الرِّضا **** يا من رأيتُكَ للجَفاءِ غَريما

يا ساعياً للخير في العصر الذي **** ما زال حَبلُ وفائه مصروما

للخير أغصانٌ تطيب ثمارُها **** فامنح جَناها خائفاً وعَديما

واحمل إلى أفيائها الطفلَ الذي **** ما زال في حُفَرِ الشقاء مقيما

فلَرُبَّ ماسحِ أَدمُعٍ, من مقلةٍ, **** تبكي، رأى فضلاً بهنَّ عَميما

انظر إلى وجه اليتيمِ، ولا تكن **** إلا صديقاً لليتيمِ حميما

وارسم حروفَ العطف حَول جبينهِ **** فالعَطفُ يمكن أن يُرى مرسوما

وامسح بكفِّكَ رأسه، سترى على **** كفَّيكَ زَهراً بالشَّذَا مَفغُوما

ولسوف تُبصر في فؤادكَ واحةً **** للحبِّ، تجعل نَبضَه تنغيما

ولسوف تبصر ألفَ ألفِ خميلةٍ, **** تُهديك من زَهر الحياةِ شَميما

ولسوف تُسعدكَ الرياضُ بنشرها **** وتريكَ وجهاً للحنانِ وسيما

انظر إلى وجه اليتيم وهَب له **** عَطفاً يعيش به الحياةَ كريما

وافتح له كَنزَ الحنانِ، فإنما **** يرعى الحنانُ، فؤادَه المكلوما

لولا الحنانُ لَمَا رأيتَ سعادةً **** لولا السماءُ لَمَا رأيتَ نجوما

لولا الرّياحُ لَمَا رأيتَ لَواقحاً **** لولا البحارُ لَمَا رأيتَ غيوما

لولا الغصونُ لما رأيتَ ظِلالَها **** لولا الرعودُ لَمَا سمعتَ هَزيما

لولا الربيعُ لما رأيتَ زُهورَه **** تشدو، ولا لامَستَ فيه نَسيما

يا كافلَ الأيتامِ، كأسُكَ أصبحت **** مَلأَى، وصار مزاجُها تسنيما

ما اليُتمُ إلاَّ ساحةٌ مفتوحةٌ **** منها نجهِّز للحياةِ عظيما

ونحوِّل الحرمانَ فيها نعمةً **** كُبرى تُزيل عن الفؤادِ هموما

قَسَمَ الإلهُ على العباد حظوظَهم **** فالكلٌّ يأخذ حَظَّه المقسوما

وسعادةُ الإنسانِ أن يرضى بما **** قَسَمَ الإلهُ، ويُعلنَ التَّسليما

قالوا: اليتيمُ، فقلتُ: أَيتَمُ مَن أرى **** مَن كان للخلُقِ النَّبيل خَصيما

قالوا: اليتيمُ، فقلتُ أَيتَمُ مَن أرى **** مَن عاشَ بين الأكرمينَ لَئيما

كم رافلٍ, في نعمةِ الأبوين، لم **** يسلك طريقاً للهدى معلوما

يا كافلَ الأيتام، كفٌّكَ واحةٌ **** لا تُنبِتُ الأشواكَ والزَّقٌّوما

ما أَنبَتَت إلاَّ الزٌّهورَ نديَّةً **** والشِّيحَ والرَّيحانَ والقَيصُوما

أَبشِر فإنَّ الأَرضَ تُصبح واحةً **** للمحسنين، وتُعلن التكريما

أبشر بصحبةِ خيرِ مَن وَطىءَ الثرى **** في جَنَّةٍ, كمُلَت رضاً ونَعيما

قالوا: اليتيمُ، وأرسلوا زَفَراتهم **** وبكوا كما يبكي الصحيحُ سَقيما

قلت: امنحوه مع الحنانِ كرامةً **** فلرُبَّ عَطفٍ, يُورِثُ التَّحطيما

ولَرُبَّ نَظرةِ مُشفقٍ, بعثت أسىً **** في قَلبه، جَعَلَ الشفيقَ مَلُوما

قالوا: اليتيمُ، فَمَاج عطرُ قصيدتي **** وتلفَّتت كلماتُها تَعظيما

وسمعتُ منها حكمةً أَزليَّةً **** أهدت إِليَّ كتابَها المرقوما:

حَسبُ اليتيم سعادةً أنَّ الذي **** نشرَ الهُدَى في الناسِ عاشَ يَتيما


أضف تعليق
التعليقات
1تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
كن رحيما8 جمادى الأول 1442 (23-12-2020)

معنى البيت التالي : أسمى صفاتك أن تحلق عاليا بجناح عدلك